لا تكلمناش والعفاريت قدامي!

> سعيد عولقي:

> مثل كل شيء.. يأخذ وقته ويزول أو يفقد اهتمامه، وحالة الغلاء هذي اللي تصفع الناس في وجوههم بدأت بفقد اهتمام من يكتب عنها ومن يقرأ عنها، اللي يقول لك عالمي، واللي يقول لك حالة السوق من الألف إلى الياء مش عجيبة، مثلما يقول حسين النعج تاجر الفواكه من وادي تبن إلى بندر عدن، واللي يجلس يقارن بين الأسعار بشكل عام عندنا وبرع مثل يوسف مرفدي، واللي يشتبك في مناقشة حادة بين مستوى الدخل ومستوى الزيادة في الأسعار مثل حسن فرور عميد (الجسة)، وسالم باحميد الموظف مع دولتنا العظيمة، وماحد يعصي الدولة.. وكله كوم وعبدالله هوجلة كوم.. لاقى له إعانة من باب الله، يستلمها كل ثلاثة شهور، وفوق ذا وذاك ما لاقينا منه أمان، لأنه كل يومين ثلاث يسأل عميد الجسة الأخ حسن فرور عن الفلوس، ومتى باتخرج وهل في زيادة وإلا ما فيش؟، ومن ذا الكلام حق المعشر اللي ملينا منه.. وعادة ما ينتهي كلام عبدالله هوجلة بغاغة، يرفع فيها صوته ويسب ويسخط ويقطع لكل الجالسين بدون استثناء، ويقول: «والله أنتم كلكم لصوص.. كلكم سرق، ومالكم إلا اللبج في قاعة باطويل على دقة المزيكة!».

من خلاصة نقاش الجسة صار باين لنا يا أبوعبدالله أنه اللي يهتم الآن بمسائل الغلاء هم الباعة الوسطاء أو أصحاب الدكاكين والأفران، وهذا ما جعل أصحاب الأفران يفرضون حجتهم.. يعني كان طلبهم بسيط وواضح، كما كلام حسن فرور لعبدالله هوجلة لما قال له لما تجي لي الفلوس با أعطيك حقك، لكن لما مافيش فلوس ما أشتيكش كل يوم تنقمنا، أحسن روح أطحن لك بسباس.. يقول عبدالله: «وانته وانته وانته يا حسن (من عادته أنه يكرر الكلمات ويتهته بها هكذا).. وانته يا حسن؟»، يرد حسن ضابحا: «أنا ما أقدرش، خلي يوسف يساعدك، وابعد من قدامى، شوف الشياطين قدها تلعب!»، أيش تلعب؟ يسأل عبدالله؟ تلعب أيش؟، يشيح عنه حسن فرور قائلا: «اسأل يوسف»، وتنتقل الموجة إلى عند يوسف، ويتبعثر الكلام اللي لا له ولا عله.

القول يرجع بنا إلى البياعين الزغار، من أهل من كم البطاط؟ أيش ذا؟ وليش اليوم زاد الموز؟ من كم الكيلو حق ذا؟ وهكذا مع إمطار الشغالين في هذا (الكار) باللعنات، هم ومن يقف وراءهم ويشجعهم على البيع على كيفهم.

يقول حنيشان بن عقيل آل فخسوس وهو مخضري- بائع خضار يعني- يقول: «الغلط هو مش مننا نحن، لأن المورد حق الخضرة يقول لنا بيعوا بكذا، نبيع زيما يقول، والله بايعاقبه هو إذا في حرام في المسألة أمّد.. إذا قده حلال فهنيئا على قلوبكم، شوف يا عم اليوم معيا حبحب حالي سكر زي العسل..»، قلت خلينا دي الساع من الحبحب والسكر، ليش ما تفعلوش زيما فعلوا أصحاب الأفران؟ قال: «أنا ما عنديش فرن»، قلت له: بطل الزنقلة حقك أنا داري.. اسأل كامل معه رغيف والفرن جنبك!، قال وقد بدأ ضغطه يرتفع: «شوف با أقول لك كلمة واحدة، في جماعة..»، قاطعته: «قصدك عصابة»، المهم واصل حديثه: «هذه الجماعة هي اللي تضرب شور وقول، وتحدد كل شيء، وتصدق أنها منصقة حتى مع الحكومة، وبينهم كيني ميني»، سألته متأكد أنهم (منصقين) مع بعض على قولتك؟، قال: «بالمية مية.. أمّد أصحاب الأفران، فكانت المسألة بسيطة مرة واحد، طلبوا تسمح لهم الحكومة بزيادة السعر إلى الضعف (الدبل يعني)، رفضت الحكومة، قالوا كيف نشتري بالسعر القديم ونبيع بأنقص؟ والفايدة البسيطة هذي بعد المخاسير علينا من اللي بايعوضها؟ حسن فرور؟!».

وصل النقاش إلى طريق مسدود وأعلن أصحاب الأفران كلهم بأنهم بايقفلوا أفرانهم، ولا عاد بايبيعوا قرص، ووصل الموضوع إلى المجلس المحلي وقيادته ونائب المحافظ وإلى المحافظ نفسه، وأسدل الليل أستاره.. على كيف؟ على أيش سدوا يا حسن فرور.. يا يوسف؟ يا حسين النعج؟ اسألوا إذا ما تعرفوش يا جماعة الخير، يا باصم يا سالم باحميد يا عبدالله السلال!.

نمنا على أنه بانبكر بلا روتي، وبعدين بايقع أي تدبير.. الغريبة أنه كل شيء بكر تمام التمام، وأنا في الزحمة مع الناس أداحش أشتي أعرف أيش حصل؟ واحد جنب مخبازة علي أفندي قال لي: خلاص المحافظ حل المسألة، على أن يبقى الحل هو البيع كما العادة، إلى أن يتم الحل المناسب.. طيب أشتي أخرج من وسط الزحمة وعبدالله يلاحقنا بسؤاله التاريخي قائلا: أشتي الفلوس حقي.. الشهر ذا ما استلمتش.. وإلخ، قلت له: روح راعي لي عند حسن فرور، لأن فلوسك عند يوسف، ولما تكون كذا تشوف العفاريت تتقافز قدامي.. لاتكلمناش!.

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى