الوحدة.. من النفق إلى النفق

> عبدالمجيد وحدين:

> ليس صحيحا أن القضية الجنوبية هي وليدة عام 94م، فجذور المشكلة تمتد إلى ما قبل عام 90م، وتحديدا إلى اتفاقات الوحدة التي تجاهلت الكثير من الحقائق على الأرض، وأسست للغبن الذي حاق بالجنوبيين فيما بعد.

فالمنطق السليم وتجارب الشعوب تؤكد استحالة الاندماج الفوري بين كيانين غير متجانسين، ينتميان إلى مرحلتين تاريخيتين مختلفتين، ونظامين ينتميان إلى مدرستين مختلفتين تمام الاختلاف.

من ناحية أخرى، فإنه بمقاييس الأخذ والعطاء والمكاسب والأعباء، فقد كان العطاء والأعباء من نصيب الجنوب بصورة حصرية تقريبا، فمساهمة الجنوب لم تقتصر على الأرض والثروة (ما يقرب من 80%)، ولكنه تنازل كذلك عن العاصمة والرئاسة والعملة، يضاف إليها الإدارة المالية، والخدمة المدنية، ما يعني وضع كل مفاتيح التحكم بيد طرف واحد، في المقابل، لم يتجاوز نصيب الجنوب 19%.

من مقاعد المجلس النيابي، وهي نسبة لم ترق حتى إلى (الثلث الضامن أو الثلث المعطل) على رأي إخواننا اللبنانيين.

وإذا كان الشعب قد استبعد من الأساس، من خلال عدم الاستفتاء على الوحدة، فقد جاءت حرب 94م لتستبعد الدولة وقيادتها وتخرج الجنوبيين من المعادلة بالكامل، وبالتالي القضاء على الوحدة، وتحويل الجنوب (الأرض والإنسان) إلى ساحة مستباحة.

لذلك عندما يتحدث النظام وأتباعه عن (القتال دفاعا عن الوحدة) يعني أنهم سيقاتلون الجنوبيين من أجل تكريس الأمر الواقع، وحرمانهم من حقوقهم المشروعة كشركاء أساسيين في الوحدة.

والأمر المؤكد، هو أن الجنوبيين لن يلزموا مقاعد المتفرجين، وسيدافعون عن حقوقهم بكافة الوسائل الممكنة، وسينتزعونها (شاء من شاء وأبى من أبى) والسؤال بالنسبة إليهم ليس (هل؟) ولكن (متى؟) و(كيف؟)، لذلك، فإن الحكمة تقتضي العمل بجد من أجل تقليص الكلفة واختصار الوقت، والخطوة الأولى، في هذا الاتجاه، هي الاعتراف بالقضية الجنوبية كمدخل إجباري للحل والإنقاذ.

ومن ثم، الحسم في موضوع الوحدة، فإما وحدة حقيقية أو لا وحدة.

وإذا اخترنا الوحدة فيجب أن يكون واضحا أن إصلاح مسارها لايبدأ من عام 94م، ولكن مما قبل عام 90م، بمعنى إعادة صياغة الوحدة على أسس سليمة تحفظ مصالح كافة الأطراف.

ومع التأكيد على الحاجة إلى إخضاع الموضوع لحوار موسع (سياسي وقانوني)، فهناك عدد من المسائل التي لابد أن تشملها عملية إعادة الصياغة، لعل أبرزها:

- حق الشعب الأصيل بإبداء رأيه في كل ما يخص حاضره ومستقبله.

- إعادة تأهيل الشطرين (سابقا) لجهة بناء الدولة، المواطنة المتساوية، تكافؤ الفرص، سيادة القانون.. إلخ.

- معالجة الآثار الاقتصادية والاجتماعية الناجمة عن الإجراءات الاقتصادية التي اتخذت من الجنوب قبل الوحدة، بما في ذلك إعادة الحقوق والممتلكات وتعويض المتضررين.

- إعادة النظر في معايير الشراكة من خلال احتساب معايير الأرض والثروة إلى جانب السكان.

- إعادة النظر في توزيع (مفاتيح التحكم).

- إلغاء المترتبات السياسية والاقتصادية والاجتماعية لحرب عام 94م، وتعويض المتضررين.

لذلك، ربما تكون الكونفيدرالية هي الحل الأنسب للخروج من هذا النفق المظلم، فمن نفق جولدمور إلى النفق المظلم الذي حُشرنا فيه منذ 14 عاما، مسيرة مظلمة لابد أن تنتهى، ولابد أن يخرج شعبنا في الجنوب إلى الهواء الطلق، فهو لم يخلق للأنفاق.

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى