الرئيس بين هموم الداخل واهتمامات الخارج

> د. فارس السقاف:

> لم أكن مهتماً بمتابعة جولة الحوار الفلسطيني- الفلسطيني على قاعدة المبادرة اليمنية في صنعاء لاعتقادي بنتيجته الفاشلة نظرا لعمق الخلاف وتعقدياته، حتى ألح علي مشهد الفصيلين فتح وحماس يوقعان على الاتفاق يملأ شاشات الفضائيات، وفي الخلفية جدارية صنعاء القديمة بمبانيها الساحقات الجميلة.

أعادتني هذه اللقطة النادرة في زحام صور النزاعات العربية الصاخبة، أعادتني إلى ساحة الحضور المتابع للمفاوضات منذ تتويج الجهد اليمني الذي قاده الرئيس علي عبدالله صالح بقدرات فائقة فاجأت الجميع وسجلت نجاحا فشل فيه العرب على حد وصف مصادر صحفية.

لم تخلُ متابعتي هذه من شعور بالاعتزاز والفخر لهذا النجاح الباعث للثقة بإمكانية التوافق لتواصل الجامعة العربية في قمتها القادمة من محطة إعلان صنعاء حتى النهاية المنشودة.

هذا النجاح يكرس الرئيس علي عبدالله صالح في عمق الهم القومي باتساع خارطة الوطن العربي، ويؤكد انتقالته إلى مواقع الزعامة خارج حدود الوطن، بعد أن أرَّخت الوحدة اليمنية بداية الزعامة وانطلاقتها.

بالنظر إلى ما حققته المبادرة اليمنية يمكننا احتساب إعلان صنعاء ناجحا بامتياز، حيث استطاعت اليمن الجمع المباشر لأول مرة بين فتح وحماس، بعد أن قطع أبومازن ودون تردد ألا حوار مع الانقلابيين والرفض الحاسم ما لم يتراجعوا أو تعود الأوضاع إلى ما قبل 13 يونيو 2006. نجحت المبادرة اليمنية ليس من خلال الجمع بينهما فحسب، وإنما الخروج بتوقيع الطرفين الالتزام ببنود المبادرة كاملة.

وبذكاء لافت حضن الرئيس هذا الاتفاق بنقله إلى مرحلة متقدمة مؤسسة بهذا الالتزام التمهيدي والضروري بدفعه إلى ساحة القمة الملتئمة في خواتم الشهر الجاري، ولتلوذ إلى حضن الضامن الأكبر.. الجامعة العربية.

أحسب أن ما تقدم لا يعوزه كثير تدليل على صحة استنتاجاته، لكن ذلك لا يقنع نفرا من أطياف العمل السياسي لدينا هنا في اليمن فتخلّت عن سمة الإنصاف التي يتحلى بها أصحاب المشاريع الكبيرة حتى مع خصومهم.

الرئيس هنا- وفي كل المواقف- تعبير عن الوطن ورمزية له، والنجاح المحسوب له ينعكس على الوطن بأكمله بما يعزز مكانته ويجلب له المصالح، ويشير إلى مقدرة الرئيس على فتح مغاليق الأزمات في الداخل، وأنه أساس الحل.. وهناك من حاجج بحجة أوهى من بين العنكبوت تقول:إنه هروب من الداخل إلى الخارج!

هل يمكن أن يقول ذلك منصف؟!

هل من يسعى لإصلاح ذات البين وإيقاف نزيف الدماء والدعوة إلى التوحد في مواجهة العدو الغاشم.. هل من يفعل ذلك ينعت بهذه الأوصاف الجائرة؟!

ليس جديداً على الرئيس علي عبدالله صالح مواقفه القومية والإسلامية الحريصة، هل لقوى الإصلاحيين والإسلاميين أن ينكروا على أحد زعمائهم إيلاءه أهمية وأولوية في زمن المحنة لبلد إسلامي، أو قضية دينية عامة؟!

أو أن يلمز قومي على عبد الناصر رحمة الله عليه انشغاله بقضايا تحرير الوطن العربي ومصائر أمته العربية.

ثم من قال باستحالة الجمع بين الهموم و الاهتمامات، لا سيما إذا تأملنا في اهتمامات الرئيس بالداخل وتفاصيله، دون انصراف أو تجاهل، كما أنه لا يزال داعية حوار، كما أجمعنا جميعنا على هذه الصفة في تكوينه، ولم يدر ظهره أبداً لرفقاء العمل السياسي.. حتى أغراهم بانفتاحه فافتعلوا الأزمات.

ألم أقل لكم لقد غاب الإنصاف والثبات على المبادئ؟ لكم أن تقيسوا المواقف من القضايا بمعيار هذه القضية التي بسطناها فيما سلف.

ما لكم كيف تحكمون؟!

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى