الوحدة وعامل الزمن

> قائد دربان:

> الوحدة التي تتم بين أمم أو شعوب أو بين كيانات وأطراف.. إلخ، إنما تقوم على أساس توافق المصالح، وإذا ما اختل توازن هذه المصالح أو صار لصالح طرف على حساب آخر، فإن وحدة من هذا القبيل عرضة للخطر لا محالة، مهما تبدى للطرف الذي يمسك بناصية القوة من متسع لخوض المغامرات التسويفية، ذلك أن القوة في مثل هكذا حال مرتكزها الباطل، والشعوب بطبيعتها لاتقبل الباطل، وإذا ما استطال الأمد عليها فإن ذلك لايعني مطلقا أنها أذعنت وقبلت بالأمر الواقع كيفما كان، فاصطبار الشعوب على المظالم بحساب التاريخ لابد أن يصل إلى سقف لايمكن احتماله، وعندئذ ينفجر الرفض الغاضب الذي يكون غالبا عند مراحله الأولى في حساب المستبدين المسترخين على كراسي الحكم مجرد فوضى عابرة، ومرد هذا الشعور أنهم- المستبدين- باتوا متوهمين بسبب طول بقائهم في الحكم أن السلطة أضحت حقا أبديا لهم!

فالنظرة هنا أكثر من استعلائية تجاه احتمال الناس لأوجه المعاناة، وغالبا يرى التقدير السلطوي في مضي الكثير من الوقت على توليه الحكم أنه عامل قوة، ومزيد من الشرعنة لوجوده واستمراريته، وما نلمس على صعيد واقعنا فإن تصرم أكثر من ثلاثة عشر عاما على استباحة الجنوب بالنسبة للمتنفذين يعد ثقلا زمنيا كابحا لأي توجه جنوبي إلى ما قبل الوحدة، ففي ظنهم أن طول الزمن سيسقط من رؤوس الناس الشروط التي قامت عليها الوحدة، وهذا الحساب خاطئ جدا، ليقيننا أن جميع الاتفاقيات التي تبرم هنا وهناك في شتى أصقاع الأرض لايكفل استمراريتها تقادم الزمن، قدر مايكفله حيوية سريان شروطها. ووحدتنا اليمنية بما شكلت من حدث عظيم فإنها في الواقع اتفاقيه اشتملت على أسس يمثل الالتفاف عليها مكمن الخطر المدمر للوحدة، ولعلنا إذا ماسلمنا من باب الافتراض- لا أكثر- أنه كان مبررا للطرف المنتصر في حرب ظالمة أن يقصي شريكه في اتفاقية الوحدة، فإنه لايوجد ما يعطي الحق لهذا المنتشي بشق الصف اليمني بالرمي بمضمون هذه الاتفاقية الجمعية، وإحلال قناعات جهوية ضيقة ومستفزة محلها.. ولسنا بحاجة إلى الخوض في التفاصيل طالما أوصلنا الحكام المستفردون بالسلطة إلى مشارف الأخطار البارزة الأسباب بكامل الوضوح.

ويبقى من المهم أن نشير بإيجاز في هذا الوقت الشبيه بالضائع لهؤلاء الذين يحكموننا بكل تجبر وعنجهية أن للشعب ذاكرة لاتنمحي، وأن المتسع أمامهم سيبدو ضيقا للغاية، فما نقاسيه اليوم من ضيق الحال سيكون عليهم ذات يوم أضيق!.

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى