أراضي الجمعيات الزراعية وهوس البسط عليها

> علي صالح محمد:

> خلال فترة الوحدة الممتدة من عام 90- 94 وما قبلها صرفت أراض زراعية كثيرة في عدن وضواحيها، وأيضا في لحج وأبين، للكثير من كوادر المؤسسات المدنية والأمنية والعسكرية والمغتربين والمستثمرين، بهدف استصلاحها والانتفاع من زراعتها، ولهذا الغرض شكلت الجمعيات الزراعية التعاونية، وصرفت العقود الرسمية من جهات الاختصاص ممثلة بفروع وزارة الزراعة، ليصبح عدد هذه الجمعيات 70 جمعية، وأربعة عشر تشكيلا إنتاجيا وفقا لاتحاد التعاونيات الزراعية المنضوية فيه، لتضم الآلاف من الأعضاء المساهمين، واستطاعت هذه الجمعيات ولسنوات أن تستصلح الأرض وتزرعها بعد أن حفرت الآبار الارتوازية، وجهزت بالمضخات اللازمة وغيرها من مستلزمات الزراعة حتى عام 1994 عام الحرب اللعينة، حيث تعرضت أغلبها للنهب والتخريب، ليس هذا فحسب بل والتعدي على الملكية من قبل لصوص وسماسرة الأرض، ومن قبل أولئك المسكونين بهوس الفيد وحمى الاستيلاء والبسط على الأرض، المسيطرة على كل حواسهم، تغذيهم الفتاوى النكرة التي جعلت من أرض الجنوب مناطق استباحة وفيد جديد ليسرحوا ويمرحوا فيها غير عابئين بحقوق الآخرين وملكيتهم الشرعية لها وفقا للوثائق الممنوحة لهم من قبل الدولة آنذاك.

ولم يكتف هؤلاء بما نهبوه من أراض بل إنهم استمرأوا الأمر حد التعدي على أرواح الناس، كما جرى مؤخرا مع الأخ عادل عبدالله مطلق ابن المناضل الوطني الكبير شيخ مشايخ حالمين وكيل محافظة لحج، الذي سقط مضرجا بدمائه جراء طعنة غادرة أصابت خاصرته في منظر تقشعر له الأبدان وتهتز له المشاعر ولاتنساه الذاكرة، لتبلغ الأحاسيس مداها من الغضب والاستنكار والرفض لما حدث، ولكل ما يجري على الأرض هذه الأيام.

ويقيني أنه ما كان لهذا الأمر أن يحدث، وما كان لهذا التمادي في التعدي على الأرض المملوكة أن يستمر وأن يتصاعد في الآونة الأخيرة، لولا الدعم المباشر والملموس من قبل بعض القيادات المتنفذة في المحافظة، بدليل التوجيهات التي يحصل عليها هؤلاء المعتدون، مع أن وثائقهم مزورة، بما في ذلك رفض التوجيهات الصادرة من بعض المكلفين بحل النزاعات، ودراسة أسباب الحراك في المحافظات الجنوبية، ولعل ما حصل مع جمعية الموعين وجمعية المهندس وجمعية الملاك الزراعية وجمعية التكافؤ في بئر فضل والكوكب والنخلة من اعتقال لعدد من أعضائها المخيمين فيها، وإحالتهم إلى نيابة الأموال العامة كمتهمين بالبسط على أراضي الدولة، ومن قمع ومنع واحتجاز وترهيب واستفزاز من قبل بعض الأجهزة، لخير دليل على هذا الدعم، الأمر الذي يؤكد قناعات الاستحواذ والضم والإلحاق والنظرة العدائية لهذه القيادات ضد الأرض والإنسان والثروة في المحافظات الجنوبية، والهادفة إلى تنفيذ سياسة الإخلال بالتركيب الديموغرافي للسكان، من خلال تمكين المعتدين من الأرض، وتنفيذ مشاريع التوطين الجديدة لفرض الأمر الواقع، لهذا ومنذ عام 1994 تقابل المعالجات والشكاوى بالتهاون واللامبالاة وعدم الجدية في حسم مواضيع الخلاف ومحاسبة المعتدين على الأرض، حد التمييز والانحياز والمساومة، بل والتشفع لهم كمظلومين يحتاجون إلى المزيد من الدعم لا العقاب كجناة .

والواضح هنا أن هذه الأجهزة لاتؤدي وظائفها الحقيقية كأدوات دولة مهمتها تنفيذ القانون وحماية الناس من الجريمة بلا تمييز أو انحياز، وتنفيذ أوامر القضاء كفيصل يلجأ إليه المتنازعون، بل تمارس دور التعطيل، ومنذ تشكيل اللجان لمعالجة قضايا النزاع لم تعالج مشكلة، وليس هناك سوى تعطيل دور القضاء وتوفير الدعم والغطاء والوقت للمعتدين ليواصلوا اعتداءاتهم على الأرض والإنسان.

وهنا وقبل أن تستفحل الأمور وتصل حد أن يصبح الدم القاني هو الخيار الوحيد والثمن اللازم لاستعادة الحق المنهوب من قبل بعض الحالمين بالثروة على حساب تجويع أصحاب الأرض وملاكها الحقيقيين، نقول لعل في ما جرى للأخ عادل عبدالله مطلق درسا مهما على جهات الاختصاص النظر إليه بجدية واهتمام، بما في ذلك النظر إلى من يمارس التفرقة والعداء وزرع ثقافة الكراهية على أرض الواقع، باسم الوحدة المغدورة!.

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى