الضالع مرتفعات لا يسكنها إلا الشجعان!

> علي هيثم الغريب:

> كنت هناك مثل كل مرة.. في ميدان الصمود.. في منصة الجنوب.. في شارع الأحرار.. لا يكفي أن تكون في الضالع وطنيا.. يجب أيضا أن تكون وطنيا وحراً.. واليوم، عندما وضعت الضالع لبنة (الرفض الشعبي) أصبحت مسيرات الجنوب عاملا من عوامل حمل القضية الجنوبية.. لقد أصبحت الضالع كلها (لوحة برتقالية)، الضالع التي سارت دائما في طليعة النضال السلمي من أجل الحرية اليوم تعيش (رحلتها البرتقالية) لم تنتظر الضالع كثيرا بعد حرب 94م كي يدعوها أحد.. ورفضت الاستماع إلى إعلام السلطة الذي حاول تربية أبناء الضالع بروح الوفاء الخانع للظلم، وزرع بذور الانقسام في صفوفهم، زاعما وجوب تعاون (الوحدوي المخلص) مع القوات التي دخلت الجنوب، وأن كل من يقف في وجه هذا التعاون هو معادٍ للوحدة.. وغالبا ما تحدثت صحافة السلطة عن نضال أبناء الضالع السلمي محاولة إضعافه وتشويهه، بيد أن الأوان كان قد فات، وأن التربة في الضالع هي أصلا غير صالحة لمثل هذه التخرصات. هكذا رفضت الضالع الظلم وانتصرت، وانفتحت أمام الجنوب آفاق الميلاد العظيم.. وكان يوم 24 مارس.. انسكب شباب الضالع كشلال هادر، واشتعلت صفوفهم باللون البرتقالي، وكل شيء صار متوجا بالحرية، الجبل والسهل والمدينة، وهنا في ميدان الصمود لاتوجد سوى عناقيد الغضب والهتافات المتعالية.. ورقصت الأعلام في السماء، لايوجد سوى شراع جنوبي واحد لايسير بقوة الرياح، ولكن بقوة شباب الضالع.. ولا شيء هناك له اسم غير اسم الجنوب، كل شيء لم يكن سوى القضية الجنوبية، وصار كل شيء تاريخا في وطن التاريخ.. رأيت وأنا إلى جوار المثقف الوطني الصادق بن فريد كل رجال الضالع، وأولئك الذين التقيناهم في المحن والسجون ورحلة النضال السلمي، فما أجمل وحدة أبناء الضالع، وما أجمل تلك المنصة التي تركوها لإخوانهم الذين جاءوهم من كل حدب وصوب في الجنوب!.. ارتفعت الأيدي وامتدت تصافح بعضها البعض بقلوب المقاومين الأحرار للظلم والطغيان.. إنها القضية التي لاتجتمع حولها إلا الكلمة الشريفة والصبر والتضحية.. هكذا كان وطننا الجنوبي يكبر ويعلو في الضالع.. وهكذا أعطوا أبناء الجنوب درس الحياة في نضالهم السلمي المتواصل.. هذا النضال الذي يحتفظ في تراب الجنوب مختلطا بوحدتنا الجنوبية ونقائنا العربي والإسلامي.. حتى أحرار العرب كانوا لايختبئون إلا في الجنوب.. الجنوب، هذا الينبوع الذي لاتتدفق منه إلا مياه عذبة وصافية، تمضي دوما من الجبال إلى خلجان عدن والمكلا.. رأيت أبناء عدن ولحج وأبين وشبوة وحضرموت والمهرة يشقون النقاط العسكرية الكثيفة، وهم يتوجهون إلى أرض الصمود، الضالع، وبرقيات المنفيين المثقلة بحب الوطن تقرأ تحت تصفيق حار.. وبدأ المسير، موجة بعد موجة من الشباب ورموز الوطن.. موجة شبابية برتقالية لا انقسام فيها، تخرج من ميدان الصمود باتجاه شارع الحرية، تحمل قضية الجنوب في أعلى ناصية، ولن يستطيع أحد وقف زحف الشباب.. إنه المسير إلى الحرية.. الكل يهتف باسم الجنوب.. كلام يولد من الهتاف، وهتاف يولد من إيقاعات المسير.. هكذا امتلأت الضالع بالقوافل الجنوبية المهيبة التي لانهاية لها.

ويا لكثرة ما مضينا معا من درب إلى درب، عندما كنتم يوما ما كبئر في قلب الصحراء.. إنها نضالات لايحفظها إلا الزمن.. وشهداء الضالع الأوائل وكل شهداء الجنوب كانوا مصممين على الشهادة.. ونحن كذلك نعرف مصيرنا جيدا.

تحية لكم يا أبناء الضالع.. وغدا من جديد سنكون في طريقنا إليكم، فالطريق التي بدأتموها يستحيل أن يمحوها أحد.

27 مارس 2008

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى