إلى الفاسدين اليمنيين:روبن هود من أمامكم وأبقار كاليفورنيا من خلفكم

> نجيب محمد يابلي:

> إنها محض صدفة أن تزامن اطلاعي على عدد من المواد الخبرية، فهيأت نفسها بنفسها لعملية إسقاط هذا الموضوع، ففي الزميلة «الوحدوي» يوم الثلاثاء 11 مارس شدني خبر صغير عنوانه (الشرطة في خدمة الكلب)، وملخصها أن أحد جنود قسم شرطة سوق الميدان بمدينة بعدان محافظة إب لم يجد ما يبتز به المواطنين سوى فرض غرامة مالية على سيارة دهست كلبا، وانخفضت الغرامة بعد شفاعة الشافعين من (20) ألف ريال إلى (5) آلاف ريال تقديرا من الجندي للحالة الاجتماعية للسائق المدان!! وحقا لقد جسد الجندي شعار المرحلة (الشرطة في خدمة الكلب).

وبمحاذاة ذلك الخبر، أوردت الزميلة «الوحدوي» أيضا تقريرا للزميل العزيز د.علي الفقيه، موسوما بـ (الفقر سبب الظواهر السلبية)، والتقرير حافل بالأرقام المزرية، منها أن دخل الفرد توقف عند (350) دولارا في السنة منذ عام 2005، وأن هناك أكثر من 40% من السكان يعيشون على أقل من دولار في اليوم، وأن عملية التنمية في اليمن على مدى (30) سنة لم تسخر لصالح الفقراء ولم يحدث تغيير اجتماعي لصالح الطبقات الفقيرة، حيث زاد الفقراء فقرا، واتخذ الفقر مظاهر شتى، منها التسول والزواج السياحي وتهريب الأطفال والتجارة بالرقيق الأبيض وجرائم المخدرات التي ارتفعت عام 2007 إلى 140 جريمة و226 متهما، مقارنة بـ 45 جريمة و86 متهما عام 2005. أكتفي بهذا القدر البسيط من البيانات والأرقام الواردة في تقرير الزميل الفقيه.

تتسع رقعة الفقر المدقع وتضيف رقعة الثراء الفاحش غير المشروع للفاسدين في بلادنا بين مدنيين وعسكريين ونافذين آخرين، وأمام هذا المشهد القاتم تعود بي الذاكرة إلى الزمن الجميل في عدن، عندما كنا طلابا، نقرأ في كتاب المطالعة New Method English قصة الفتى (روبن هود) Robbin Hood الذي كان يتسلل إلى خزائن الأثرياء ويقتطع شيئا منها ليوزعه على الفقراء. سكنت الحكاية في ذاكرة تاريخ الأدب، ليس الإنجليزي وحسب، بل والأدب العالمي، إلى أن قيضت المقادير شابا إيطاليا في السابعة والثلاثين من عمره بمدينة ريميني، اقتحم أحد البنوك مستخدما مسدس صوت، وهدد العاملين وانتزع منهم (3500) يورو وخرج إلى شوارع المدينة يوزع ما بحوزته على المارة بطريقة روبن هود، أما مسدس الصوت فقد أهداه لطفل قابله في الشارع، وأطلق على هذا الشاب (روبن هود 2008)، واللافت في الحكاية أن موظفي الشرطة أحسوا بارتياح بالغ أثناء تعاملهم مع روبن هود 2008، فهم كما أفادوا لم يتعاملوا مع مجرم خطر. (مجلة «معين» 29 فبراير 2008 ص 50).

أمام هذه الممارسات العابثة للفاسدين في بلادنا وقعت أمام لوحة مغايرة تماما للوحة القاتمة عندنا، وإذا كان الضرر عندنا يسببه بشر فإن ولاية كاليفورنيا تنعم بالغاز الحيوي الذي تقدمه البقر، التي يقدر عددها بنحو مليون بقرة مدرة للحليب، يمكنها إنتاج 2.6 مليون متر مكعب من الغاز الحيوي يوميا نتيجة تحلل الفضلات، والأبقار في كاليفورنيا نعمة، والفاسدون عندنا نقمة.

ترى هل سيظهر (روبن هود 2008) عندنا كما ظهر في إيطاليا، وهل سيوظف الباحثون عندنا بيانات أبقار كاليفورنيا ليضعوها في ميزان المفاضلة مع الأضرار التي يلحقها الفاسدون عندنا بالاستقرار الاجتماعي وبالمال العام ومناخ الاستثمار، بحيث تتوخى بحوثهم عطاءات أبقار كاليفورنيا والكسب غير المشروع للفاسدين خلال العام المستهدف البحث، مع تنوير القارئ بالمكاسب غير المشروعة خلال الأعوام الفارطة.

(«السياسية» 11 مارس 2008 - ص7)

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى