متى يغدو لنا موطن

> «الأيام» محمد علي الجنيد:

> إن الحقيقة المرة دائما ماتكون مصدر إزعاج ووجع، ومن الصعب تقبلها أو مواجهتها، ولكنها في الأخير حقيقة حتمية لا مفر منها، ولانستطيع إنكارها أو التنصل منها شئنا أم أبينا.

ونحن اليوم بصدد حقيقة مرة مؤلمة قاسية قاهرة ومخزية يندى لها الجبين حين نتطرق إليها، حقيقة شعب برمته وأرض بأكملها، تجسدت في الإقصاء والإلغاء والنفي والتهميش، إلى جانب السلب والنهب، يصورها حالنا بما نحن فيه، فأن نكون يوما أعزة كراما في أرض تشملنا جميعا، ننعم بخيراتها ونساهم في بنائها وتشييدها لنصبح فيها أعضاء فعالين، لتكون أفكارنا في موضع الاحترام والتقدير، ونكون مشاركين في صنع القرار، ونجد نظاما وقانونا يحمينا ويصوننا ويدافع عن حقوقنا ومقدراتنا، ثم يأتي علينا يوم لانجد فيها مأوى ولا أرض نسكن عليها، ونرمى عرض الحائط كالخردة، نسير كالمنفيين، يستبد بنا وتمارس ضدنا أسواء وسائل الإذلال والإهانة، ولانجد أمامنا سوى قانون ودستور مفتعل، بنوده تنصب على نصرة الظالم وتجاهل المظلوم، دستور حليف للفاسدين وعدو للصالحين، فإنها بذلك تصبح أقسى حقيقة وأمر واقع.

ما هو مهم أننا في اليمن، ونحن أبناؤها، وتلك حقيقة أخرى، ولولا أن من يتنكر لأصله يصبح عديم الأصل لتنكرنا لها، وجردنا أنفسنا من الانتساب إليها، فكيف يتباهى المرء ويفاخر بوطن لا عزة فيه ولا كرامة، ولا نزاهة ولا أمانة ولا أمان ولا حماية؟! حاضره أليم، ومستقبله مجهول، أو نتفاخر بوطن مقوماته الفقر والجهل والمرض والظلم والذل والإقصاء والإلغاء والشقاء والعناء والتبلي والافتراء والكذب والادعاء والتهميش والتصريف بزرع الفتن وخلق المحن، نجد من هم في رفاهية على حساب الشعب، ومناخنا بات حقلا خصبا للفساد وبقعة شاسعة للأحقاد، وبه إهمال لزعماء النضال، سياستنا أصبحت قائمة على التفرقة والتمييز، وبه ديمقراطية بمقاييس ومعايير محددة، يجب فيها عدم تجاوز خطوط ألوان الطيف وألوان أخرى!.

فهل هذه مقومات الوطن العظيم الذي يجب أن نتباهي به؟!.

إننا إن تقبلنا هذه المقومات وتأقلمنا مع جزء من الحقيقة، فإننا نأبى أن نكون في هذا الوطن أغراب وأجانب، تفرض علينا شروط الوافد الزائر، فنحن أبناء هذا الوطن، وسنظل أبناءه، تربطنا به علاقة المحب لمعشوقته، وإن كان قد جار علينا الزمن ورجاله فلابد أن ينتهي هذا الزمان ويأتي يوم نسترد فيه عزتنا وكرامتنا.

يقول الشاعر أحمد مطر:

عجبت لمرآنا العجائب ... واستغربت بنا الغرائب

لا نحن أحياء ولا موتى ... ولا أهل البلاد ولا أجانب.

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى