قهر الجنون!

> قائد دربان:

> «الجنون أن تبقى عاقلا بين المجانين..»، بلاشك أن هذه المقولة أطلقها صاحبها لتجسد طبيعة الحياة في واقع ما ربما تجاوز المحيط العادي إلى ما هو أوسع وعلى شاكلة وطن كبير الأرجح أن ساسته فقدوا الصواب وباتوا مجانين في تصرفاتهم مع المحكومين حد التسيد في خطاباتهم الجنونية، ليبدو من ينادي بالعقل ناشزا يستوجب الرمي به في مصحة الأمراض العقلية، ليتكيف مع الجنون السلطوي، ويكون قابلا له كيفما كان!. إن أوجه الشبه بادية جدا بين (قهر الجنون) وقهر الأسعار.. ألم يتواز القول الآنف لـ (العقاد) مع قول (غوركي) «الأسعار ترتفع ومع ارتفاعها تهبط قيمة الإنسان»، ثم كيف وجدنا أنفسنا في واقع خرب، حاله ملاصق جدا لفحوى المقولتين وليس الروايتين.

أما يذكرنا هذا التناسق الإبداعي بمقولة: «إن التعاسات البشرية متشابهة، ولو اختلفت الأصقاع»، ولعلي أنا المأخوذ بمكتنز المقولتين قد وجدت ضالتي في الاختزال لواقع الحال الذي نعيشه في هذا البلد المبتلى بجنون الحكام وشراهة المتحكمين بقوتنا اليومي، وكيف بتنا محاصرين.. لكن السؤال في ظل هذه الوضعية الرهيبة هو هل نقبل أن تتفصل عقولنا بمثل ما يشتهي المتسلطون والمحتكرون للقمة عشنا، ولو توالت علينا ضربات قهر الجنون وقهر الأسعار؟ بالقطع الإجابة لا وألف لا..! وإذا ما حبذنا الجنون اقتداءً بمقولة (العقاد) طالما النظام الذي يحكمنا جن وفقد الصواب فإننا سوف نمتثل لحكمة أشهر مجانين الزمان: «عاد الجنون يشتي عقل»، فلا نمارس إلا الجنون المشروع الذي يلفت أنظار العالم إلى سوء حالنا وبؤس واقعنا وعدالة مطالبنا، وسنكرس أقصى جنوننا في المقام الأول كي يعود العقل لمجانين الحكم ليتعاملوا مع مشاكلنا ببصيرة متحررة من آثار الماضي وعقلية الاستبداد، وسنسعى بجنوننا المتعقل إلى الحفاظ على كرامتنا كبشر، فلا نسمح بانحدار قيمتنا إلى الأدنى كلما ارتفعت وتيرة الأسعار لاحتياجاتنا.. لنبطل مقولة (غوركي) رغم ما بها من مصداقية.

وخلاصة الكلام لن نكون مجانين بمثل ما يراد لنا، وإنما وفق ما نراه ملائما وضروريا لصد قهر الجنون وقهر الأسعار.. ولنا في الغضب الشعبي المتعقل بشير ونذير في الوقت ذاته لمن غشاهم جنون العظمة.

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى