وتلك الأيــام .. الضرب بيد من حديد

> محمد عبدالله الموس:

> لاندري أيهما أكثر ضررا على الوحدة، التي يتمترس البعض خلف مقولة الدفاع عنها، أهم أولئك الذين صنعوا الشروخ في نفوس الناس بالممارسات التمييزية أم أولئك الذين يطالبون بعلاج نتائج هذه الممارسات؟، بغض النظر عن صيغة وطريقة هذه المطالبة، إذ إن القصد هو وجود الاختلالات من عدمها، ثم جدية المعالجة من عدمها، ثم تأتي محاسبة المخلين ممن صنعوا هذه الشروخ، أو من تجاوزا في طريقة المطالبة بالحلول.

يعيش الخطاب الرسمي هذه الأيام حالة فصام، إن جاز التعبير، فهو يشيد (بروح التسامح) التي عولجت بها مشكلة صعدة- وذلك مانريد له أن يسود واقعنا- ويشيد (باليد الحديدية) التي تضرب العزل من المعتصمين في الضالع ولحج وأبين وحضرموت وتعز، ومع ذلك فهذه ليست جديدة فكل الأزمات في بلادنا هي صناعة رسمية بتفرد، وقد أقرت لجان حكومية بوجود ما يستوجب التصحيح، على أن السؤال الذي يفرض نفسه هو لماذا لاتأخذ الأجهزة بمقولة الأخ الرئيس في ذكرى الوحدة في محافظة إب حين قال: «إذا كنا سنقتتل ثم نتحاور فلماذا لانتحاور من البداية؟». هذه القاعدة الذهبية كفيلة بأن تجنب المجتمع الدماء والأحقاد، وهي الضمانة الأكيدة لوطن آمن مستقر ولوحدة قابلة للاستمرار.

(الضرب بيد من حديد) جملة تقشعر لها الأبدان نظرا لما تحمله بين ثناياها من ضيق، وخصوصا حين يطلقها مسئول تجاه مواطنيه، ممن يعبرون عن المطالب بطرق سلمية، ولاندري من أي قاموس استبدادي بائد تمَّ اجترارها، وقد كنا نعتقد أنها قد اندثرت مثل غيرها من المفردات الشبيهة مع نهاية الحرب الباردة عند سقوط سور برلين، وأفول الأنظمة الاستبدادية في أواخر القرن الماضي، وانتقال بلادنا من ميدان ساخن من ميادين الحرب الباردة إلى بلد ديمقراطي، كما هو مفترض، وموحد، يعبر فيه الناس عن رؤاهم وتبايناتهم التي لايخلو منها مجتمع دون الخوف من الأيدي الحديدية! أو من زوار الفجر الذين ارتبط نشاطم في الأذهان بالأنظمة الشمولية.

القفز على معاناة الناس والمتاجرة بالأزمات ورفض الإصلاحات التي ربما تهدد مصالح شخصية، هي ما يهدد وحدة واستقرار الوطن، أما أولئك الذين يتفاخر البعض بأنه (يضربهم بيد من حديد)، فهم خط الدفاع الأول عن الوحدة وسياجها الأبدي، إذا ماجعلنا مصلحتهم مرتبطة بها، لأنهم بمطالبهم السلمية يحصنون الوحدة حين تعالج المشكلات.

إن رفع المظاهر المسلحة من المدن والشوارع وإطلاق سراح المعتقلين وتحرير طرق التعبير السلمي من القيود بما في ذلك الستار الحديدي الإليكتروني ولجم خطاب التخوين والتكفير السياسي والتصريحات (الدون كيشوتية)، والشروع الفوري في معالجات تلامس معاناة الناس بصورة مباشرة، هي ما نحتاجه لإعادة التباين في الرؤى إلى رشده، وتقديم الحلول الهادئة التي تصون مصالح البلاد والعباد وتحترم مصالح الآخرين في الجوار والعالم، أما الركون إلى القوة والرهان على استنفاد طاقة الشارع، فهو وهم لايزيد الأمر إلا تعقيدا، ولم نسمع أن الأيدي الحديدية قد ثبتت أوضاعا نهائية أو فرضت لونا وفكرا واحدا وثابتا أو منعت دولا من السقوط.. وما دول أوروبا الشرقية إلا أقرب وأكبر دليل على ذلك!.

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى