الدولة كلها ضد الحضرمي!

> عادل الأعسم:

> أواخر العام المنصرم مكث فخامة الرئيس الجمهورية حوالي شهرين في مدينة عدن، محاولا ترقيع وتجاوز أخطاء بعض المسئولين المركزيين والمحليين وحل وحلحلة الكثير من المشاكل والمظالم لتهدئة الأوضاع الملتهبة وامتصاص غضب وحراك الشارع في المحافظات الجنوبية والشرقية.

وما إن غادر فخامة الرئيس مدينة عدن حتى هاجمت قوات أمنية من مختلف التسميات (أمن عام + مركزي + نجدة + شرطة نسوية) منزلا لعائلة المواطن (بدحيل) في حي السلام بخورمكسر، وشهدنا يومها معركة (حي السلام) غير المتكافئة بين قوات الأمن المدججة بالأسلحة والمواطنين العزل الذين سقط بعضهم ضحايا إصابات مختلفة، في مشهد مؤسف ومؤلم، وكأن ما حاول فخامة الرئيس أن يفعله خلال ما يقارب شهرين في عدن لتطييب خواطر ونفوس الناس في وادٍ، وقيادة المحافظة التنفيذية والمحلية والأمنية في وادٍ آخر.

السلطة- كما عودتنا دائما- لاتستفيد من أخطائها، ولاتستيقظ إلا بعد وقوع الفأس في الرأس.. وها هي قيادة المحافظة اليوم تستفز قواها ضد المواطن عبدالمجيد بلفاس لهدم منزل بناه لبناته منذ فترة طويلة في (كود النمر) بمدينة عدن الصغرى، بحجة أن الأرضية مصروفة لمواطنة أخرى.

عبد المجيد بلفاس مواطن يمني من أصول حضرمية سكن في عدن الصغرى منذ عقود عديدة، قبل أن تأتي قيادة السلطة التنفيذية والمحلية الحالية إلى المحافظة، وقبل حتى أن يولد مدير عام مديرية البريقة الشاب الذي جاهد واستبسل لهدم سور المنزل قبل أكثر من خمسة أشهر، والآن يقاتل بشراسة لهدم المنزل برمته، وكأنه قد أصبح غريما وطرفا ضد المواطن بلفاس، وليس موظفا عاما مسئولا عن كل مواطني المديرية سواسية.

المثير للدهشة والاستغراب أن الدولة تبدو وكأنها كلها ضد المواطن الحضرمي اليمني عبدالمجيد بلفاس، فالتوجيهات بهدم منزل بناته تأتي سريعة وقاطعة، ويقال إن مسئولين كبارا بدرجة وزير ووكيل محافظة وآخرين كلهم يتصلون ويضغطون على قيادة المحافظة لإزاحة المنزل من الوجود، وكأن هؤلاء قد حلوا مشاكل العباد والبلاد كلها، ولم يتبق إلا منزل بلفاس، حيث مايزال مدير المديرية المستقوي بالمحافظ يحاصر ساكنيه بعد أن قطع عليهم إمدادات الكهرباء والمياه- المرخصة رسميا- ويهدد بتحويل حياتهم إلى مثل أهالي غزة!!

المواطن عبدالمجيد بلفاس ليس وحده الذي بنى لبناته منزلا في منطقة ما يسمى بمخطط (الكسارة) في كود النمر، وإنما هناك كثيرون غيره من أهالي البريقة وخارجها، ومن محافظة عدن ومن شمال وغرب وشرق البلاد، بنوا (عشوائيا) في المنطقة نفسها، لكنه الوحيد الذي تصر الدولة على هدم منزله، بينما الآخرون الذين بنوا مثله لم يتعرض لمنازلهم أحد، بل تعمل الدولة على تعويض من لديهم عقود في بقع الأرض المقام عليها منازل عشوائية.. لم يتم أبدا هدم أي منزل عشوائي في البريقة كلها.. إلا (بلفاس).. يا غارة الله!!

وفي ملف المواطن عبدالمجيد بلفاس توجيهات سابقة من محافظ عدن نفسه، تنص على عدم هدم المنزل إذا كان البناء قائما وقديما.. ولديه تقرير من مهندسي الأراضي الذين نزلوا إلى الموقع، ومن مدير عام فرع هيئة أراضي وعقارات الدولة في عدن، يوصي ببقاء المنزل كما هو، وتعويض الطرف الآخر أسوة بغيره في المنطقة.. فلماذا الإصرار على هدم منزل (بلفاس) دون غيره؟! وهل فعلا أن الدولة كلها ضد هذا المواطن الغلبان؟!

لسنا مع البناء العشوائي.. لكننا ضد طريقة المعالجة الخاطئة والكيل بمكيالين والانتقائية والتمييز بين حالة وحالة، حسب الشخص ونفوذه وانتمائه القبلي والمناطقي والسياسي أيضا، ومدى علاقاته وقربه من هذا المسئول أو ذاك، وإذا أرادت السلطات في عدن الالتزام بتطبيق القانون والتخطيط الحضري للمدينة فعليها أن تطبق على الجميع، وتبدأ بالحالات الواضحة للعيان التي فيها ضرر كبير فعلا على الصالح العام، وهي تعرفها أكثر منا.. عليها أن تباد أولا بـ (الكبار) حتى يقتنع (الصغار)!!.

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى