مجالس الكذب والوقت الضائع

> مقبل محمد القميشي:

> في اليمن مجالس خصصت للوهم أو للكذب، هذه المجالس منتشرة في كل مساحة وساحة، في ملتقى أو منتدى في كل منطقة من مناطق اليمن.

المهم أماكن يلتقي فيها أكثر من اثنين باتفاق أو بالصدفة أو حسب المزاج يقضي فيها الجميع ساعات تتخللها ساعات الذروة، أو الساعة السليمانية كما يصفها البعض، وأما الساعات التي تنقضي خلال الجلسة كلها، فلا تزيد عادة عن ست ساعات ولاتقل عن ثلاث ساعات.

هي مجالس.. منتديات.. لوكندات.. وشواطئ.. يجتمع فيها أناس من مختلف شرائح المجتمع لمضغ القات، وبالإمكان أن نطلق عليها ملتقيات لصناعة الكذب أو الوهم وأحلام اليقظة خلال (الزمكان)، يُعمر الماضغون البلاد، وتقفز إلى رؤوسهم أفكار وتشكل أحزاب وتحل المشاكل والمعاناة، كما تذوب العداوات والتوترات، وكلٌ يحل المشكلة كما يحلو له، ليس للهدم مجال في هذه الفسحة من الزمان، فالأعزب يتزوج والعمارات الشاهقة تبنى، وتبنى المصانع، ويسافر الجميع حول العالم، والعالم لا حدود ولا موانع له.

وتسمع الكثير من القصص، حتى أن البعض يشرح عن حياته بمناسبة وبدون مناسبة وبدون مقدمات، ويعتقد أن من حوله يؤازرونه في ما يقوله.

لكن تلك الخيالات يكتشف المرء أنها معلقة في السماء، كتب عليها ممنوع النزول إلى الواقع، إن كنت أو غيرك في طائرة (مركبة فضائية).

ساعات، تشعرك بالراحة والمتعة الزائفة، ساعات تتكرر كل يوم، لكنها ساعات يمكن اعتبارها وقتا ضائعا للكذب (ومجلس الوهم)، فكل الوقت الذي نمضيه في تلك المجالس بناء في بناء وإصلاح في إصلاح.. وبعد هذا.

أتوقع أن يشمئز الكثيرون مما ذكرت، ومهما كان رد الفعل إلا أن هؤلاء بإمكانهم التأكد مما قلته خلال الساعات القادمة من قراءتهم هذا الموضوع، خاصة عندما (يقرح) القات في الرأس وتحين الساعة السليمانية.

فإن مضت ساعات حلوة في مجالس القات يصبح عكس ذلك، وتظهر الحقيقة بعد غياب مفعول القات، وسيتأكد من يشك في ما قلت أنني لا أطرح كلاما مبالغا فيه أو من فراغ أو من العدم.

فقد حضرت الكثير من تلك المجالس على الرغم من أنني لا أمضغ القات ولا أطيقه، حضرت استجابة لدعوات تلقيتها لمناقشة بعض القضايا الهامة، وسمعت قرارات يتم اتخاذها خلال هذا المجلس أو ذاك، وتتم الاستجابة بالموافقة على ما تم، ثم وجدت أن كل ذلك يذهب أدراج الرياح ومع (نجعة القات).

أما الآن فقد اتخذت قرارا لا عودة فيه، يتمثل بعدم قبولي لأية دعوة مهما كانت أهميتها، إن كان الخوض فيها في مجلس قات، إلا إذا ثبت أنها قد تحولت إلى مجالس صدق ومجالس حقيقة بعيدة عن الخيال والأوهام، وليست مجالس (شاهد ما شافش حاجة) بعد القات.

[email protected]

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى