هل باستطاعتنا أن نبدأ؟

> د. هشام محسن السقاف:

> مما لاشك فيه أن التسريع بالحلول الجادة والحقيقية من قبل الحكومة هو المدخل الصحيح لتطويق أزمات الوطن ككل، وفي المحافظات الجنوبية على وجه التخصيص، والحاجة الوطنية أكثر ماتكون ماسة وملحة لرأي الحكمة والمسئولية والاتزان والشجاعة الأدبية والأخلاقية من كل الأطراف، وتحديدا الحكم الذي بيده أكثر من غيره مفاتيح الحلول جميعها بعيدا عن الآراء المغالية والمتطرفة التي تذهب إلى التصعيد وصب البنزين على النار، والتلويح باستخدام القوى المفرطة، وهي في الواقع آراء لن تخدم أحدا على الإطلاق في طول وعرض البلاد، كما لم تخدم من اعتبرها وسيلة له في الحكم من تشيلي إلى إيران في العقود الماضية، فما بالنا وقد تغيرت أمور كثيرة في هذا العالم الكبير الذي يصغر بحجم شقة في عمارة بفضل الثورة العلمية في وسائط الاتصالات المختلفة.

إن على العقلاء أن يلتقوا في حوار وطني مسئول، بعيدا عن الصقور الذين يستثمرون أوجاع الوطن في الجنوب كما في الشمال للحفاظ على مصالحهم الذاتية، التي آن الأوان أن تكون تحت طائلة العدالة والقانون لكي يكون العلاج لكل الأمراض والمخلفات والمخالفات جذريا وعميقا وشاملا وسريعا، فالتضحية بوطن مقابل شرذمة قليلة من مصاصي دماء الشعب أمر لايقره أحد، كما لاتقره شريعة ولاعرف.

إن كثيرا من المعالجات التي قدر لها أن تتخذ قد ساهمت في تفاقم الوضع في المحافظات الجنوبية بسبب اختلال في آليات المعالجة، وعدم التمثل الدقيق لخطورة الوضع عند بعض ممن يوكل إليهم تنفيذ المعالجات، وتكريس العقلية السابقة النافرة والطاردة للوئام الاجتماعي، مما أوجد قناعة ورسخها لدى القطاعات الشعبية المتضررة بعدم وجود النية لدى هؤلاء بفتح صفحة جديدة، والتسليم بقانونية الحقوق المنتهكة.

وعندما تطرح اليوم إصلاحات جذرية في الحكم المحلي بتعديل قانون السلطة المحلية بما يسمح بانتخاب محافظين من داخل الهيئة المحلية المنتخبة، وكذلك المدراء في المديريات، وتحديد الفترة بدورتين انتخابيتين، فإن هذا الأمر مرحب به من ناحيتي تعزيز الديمقراطية الداخلية وتحسين أداء الإدارة، لكن يجب أن ترافقه حزمة من الصلاحيات والإصلاحات التي تبدأ من تمتع الوحدة الإدارية بكل ما هو واقع تحت صلاحيتها لإرادتها الاعتبارية القانونية، بحيث يكون المحافظ المنتخب وسلطته المحلية هما من يضع السياسات المحلية، ويقوم بتنفيذها، وسحب البساط من تحت قوى النفوذ والهيمنة التي تمارس سلطة حقيقية من وراء الظل، فإن استطعنا فعل ذلك فإننا نكون قد وضعنا أرجلنا على بداية الطريق لبناء الدولة العصرية ودولة القانون والحقوق المتساوية.. والله من وراء القصد.

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى