ثرثرة مؤتمريين على هامش انتخاب المحافظين

> صالح حسين الفردي:

> جمعتني الصدفة بثلاثة زملاء أفاضل من المنتمين بجدية وإخلاص إلى عضوية الحزب الحاكم في حضرموت، وكنت وإياهم نقطع المسافة الممتدة بين مدينتي فوة القديمة والمكلا، ولأن للطريق والتلازم في الركوب هاجسا خاصا يزيل العديد من الحواجز ويمحو الكثير من الحجب، دارت عجلة مقود السيارة وعلى صوت محركها تنوع الحديث وتمدد الحوار وتوزع السجال بين زملائي الثلاثة، وبقيت صامتا مندهشا أرقب هذه النوازع الداخلية لهم في حوار هو أقرب إلى مواجهة الذات وتنقيتها مما علق بها من أصباغ السياسة الفاقعة للروح والفكر، ولأنني قلت في نفسي هي فرصة لا تعوض- اليوم- لمعرفة ما تحمله هذه الأصوات- التي نكن لها التقدير والاحترام وهي أهل لذلك- من هموم وأحلام وآمال ترغب فيها وتأنس لها، وتصرفات لا ترغب عنها، وهي منها براء في ظل الخضم المتلاطم من الفعاليات والحراك الذي تشهده محافظات الجنوب دون هوادة.. وقد كانت البداية حديث الساعة وجديدها انتخاب المحافظين المزمع إجراؤه في نهاية أبريل الجاري- كما أعلن ذلك- ولكن الحديث طوى هذه الصفحة وانتقل مباشرة إلى ما تعانيه هذه الأصوات الناضجة من تهميش وعدم الإنصات إلى صوتها لتغيير الحال والوقوف بجدية متناهية عند الكثير من الخروقات ومصاطب الفساد التي وصفها أحدهما (كما قارة المكلا) وضوحا، ولكن يبدو أن الكبار لايعنيهم ذلك، وهم راضون عن الحال طالما لم يصل ضرره إلى امتيازاتهم التي تتضاعف بقوة وتجد لها تخريجات عديدة مستنزفة خزينة الدولة العامة، وذهب الآخر إلى تجميد أعضاء الحزب الحاكم لعضويتهم في مجلس المكلا المحلي بعد أن ضاق بهم الحال ولم يجدوا بدا من ذلك في ظل ضياع الفرص تلو الأخرى لتنفيذ ما وعدوا به ناخبيهم الذين أتوا بهم ممثلين عنهم، ولكنهم تعثروا في كل ما وعدوا، وحفظا لماء وجوههم جمدوا ذواتهم وهو أخف الضررين، بينما ذهب الثالث إلى أبعد من ذلك بحديثه عن غياب الرؤية الحزبية والنظرة الحياتية التي يجب أن تسود كل الأطر التنظيمية وتدفع بكل المنتسبين لهذا الحزب القيادي العريق إلى تلمس همس المواطن وأنين الجياع مع تقليص مظاهر البذخ التي طالت كل شيء، وكذلك التوقف عند معرفة مكامن الخلل والبيروقراطية التنظيمية التي تعشش على مفاصل العلم التنظيمي دون مراجعة جادة وعميقة تضع النقط على الحروف وفوقها إن تطلب ذلك.

وقد عاد الأول إلى هواجسه وهمومه التي لا مناص منها ووضع الحلول لها، التي تكمن في تدوير الوظيفة العامة ومحاسبة المقصرين والفاسدين (وهم كثر) ويعلمهم القاصي والداني- كما يخبر-.

وعلى الرغم من تداعيات الحديث الصادق العفوي الخالي من الحشو اليومي والنفاق الآني إلا أن الطريق كانت قاصمة لإنهائه، فقد بلغنا غايتنا وكان لابد أن تصمت الألسن، وهو ما حدث، ولكنني همست في داخلي بالقول: ماذا لو كان مثل هذا الحوار الثلاثي الصادق الملقى على عواهنه في صحن سيارة أو غيره في الغرف المغلقة وعند قرحة القات وفي ما يشبه الفضفضة والتنفيس، ماذا لو أن هذه الأصوات تتكاثر وتصبح هي الموجهة للقادم، هل ستغير الحال، أو ربما كان قد تغير ولم يصل إلى ما وصل إليه؟!.. نترك الجواب للذين يعلمون خفايا الخفايا، والله ولي التوفيق!

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى