على خلفية أجراس قرعها أبوبكر السقاف.. إنه يوسف يا أولاد..إنه أبوبكر يا أولاد!!

> نجيب محمد يابلي:

> يوسف إدريس (1937 - 1991) الكاتب والأديب المصري، ابن قرية البيرم في محافظة الشرقية الذي ترجمت كل أعماله تقريبا إلى اللغة الإنجليزية وإلى لغات أخرى، ويوضح ذلك مدى اهتمام الأوروبيين وكذا الأمريكان بيوسف إدريس، وقالوا عنه: «إنه أستاذ لفن القصة في العالم».

كان يوسف إدريس كاتبا وأديبا ملتزما، لايحيد عن مبادئه قيد أنملة.. كان عنيدا ومعتدا بنفسه.. حاد المزاج، ويرى نفسه دولة ذات سيادة، وكان هناك ارتباط عميق بينه وبين والدته (يرحم الله الاثنين)، لأنه كان الأقرب مظهرا وجوهرا لوالدته بين إخوته. كانت توليه ثقتها المطلقة، وتعلق على أي تصرف أو قول لولدها يوسف بأنه الاستثناء والتميز على أقرانه، وكانت تقول: «إنه يوسف يا أولاد!!». هذا ملخص لموضوع نشرته لي «الحق» في 14 سبتمبر 2003.

الأستاذ الدكتور أبوبكر السقاف من نفس هذا المعدن، كان أحد مؤسسي جامعة صنعاء في منتصف سبعينات القرن الماضي، وأحد المشاركين في صياغة الميثاق الوطني، وصاحب رصيد وتراث حزبي وسياسي في خمسينات القرن الماضي عندما كان في صفوف اليسار المصري أولا واليمني ثانيا.

كان أحد مستشاري منظمة (اليونيسكو) في الوطن العربي، ويعتبر أحد المفكرين العرب الذين يصنعون الرأي وينتجون البحث وفق منهج موضوعي وعلمي صارم، ولاتهمه النتيجة، وإلا لكان أحد أفراد الجوقة من ماسحي الجوخ الذين يسبحون بحمد الحاكم، وهنا تنتفي منه صفة العلمية والأكاديمية والفكر.

رأيت حمدي قنديل (صاحب «قلم رصاص») في عيني أبي بكر السقاف، فكلاهما لايعرف الحيادية، وإنما يعشقان الموقف أيا كان ثمنه، وكلاهما صاحب نضال وطني وقومي، والقيمة المضافة عند أبي بكر السقاف أنه (أممي)، لذلك فكلا الرجلين من المغضوب عليهم عند السلطان.

نشرت مجلة «الحكمة» في عددها (174) الصادر في أغسطس 1995 موضوعا موسوما (الديمقراطية والإصلاح والجامعة) لأبي بكر السقاف، ويقع حيزه بين الصفحات من (9) إلى (22) واستهل موضوعه بالحديث عن الفهم الخاطئ لارتباط الجامعة بأجهزة الحكم، ونتج عن ذلك هدر استقلالها «لأن استقلالها شرط ارتباطها بالمجتمع وتأثيرها فيه..».

عرج السقاف في الصفحة (12) على زيارة الأخ علي عبدالله صالح رئيس مجلس الرئاسة لجامعة صنعاء مرتين في أسبوع واحد، وهو دليل على تردي أحوال الجامعة، وأعرب السقاف عن حزنه بأن يصل الأمر بالرئيس أن يوصي هيئة التدريس باحترام الإدارة، لأن الجامعة كما عركها السقاف «فالوسط الجامعي لايعلم التفكير العلمي ومناهجه والإعلاء من شأن البحث عن الحقيقة بعقل مفتوح ومتسامح فحسب، بل وتوطد في التعامل اليومي آداب السلوك الرفيع والاستقامة في التعامل الذي يتناسب مع هذه الوظيفة الجليلة».

يضيف السقاف: «إن الاهتمام بمكان الجامعة في حياتنا يجب أن يكون هما عاما، فلا يحصر ذلك في هيئة التدريس أو الجهات الرسمية المعنية، الجامعة ومؤسسات البحث العلمي والتربوي في كل دولة تمثل عقل الأمة، فهل يمكن أن نجد أمرا أو شأنا أحق بالرعاية أو العناية من العقل».

من المسلمات التي أكد عليها السقاف أن «الجامعة أهم حلقات المجتمع المدني، فلايقوم ولايستقيم بدونها مجتمع سياسي، وهي مدرسة يومية يتعلم فيها الأساتذة قبل غيرهم أبجديات الديمقراطية والحوار واحترام آراء الآخرين». وعن أهمية البحث العلمي أفاد السقاف «عقدت لجنة البحث العلمي في الجامعة اجتماعين عام 1978، وأذكر أن الدكتور محمد عبده غانم وكاتب هذه السطور كُلفا بتقديم تصور خطة عمل لبحثها مع رئاسة الوزراء، وإلى يوم الناس لم ينعقد الاجتماع الثاني». وعن مشكلة المال أفاد السقاف: «نحن لسنا أمام مشكلة الميزانية بل أمام مشكلة حسن توظيفها..».

ألا ترون معي «أنه أبوبكر يا أولاد!!»؟.

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى