الشخص الخطأ

> جلال عبده محسن:

> إبداء الرأي في إطار الحوار حول الأزمة السياسية الراهنة وتداعياتها، يبدو فيه الانحياز واضحا لصالح طرف ما، وإدانة صارخة للطرف الآخر، مسألة اعتيادية في إطار الرأي والرأي الآخر ووفقا لقناعة الشخص لما يعتقده صوابا ويجعله منحازا لطرف على حساب الطرف الآخر.

لكن من الغريب أن نرى من تلك الشخصية وبعد كل ذلك الهجوم والشجب والإدانة، بل واستخدامه لبعض إشارات التجريم بحق الطرف الآخر، نجده يعرض خدماته، مبديا استعداده للحوار والنقاش معه لرأب الصداع. إنه بالفعل أمر محير وغريب أن يصدر ذلك من تلك الشخصية التي لاتألوا جاهدة في البحث عن نصيب آخر من الكعكة بعدما أصابها الإخفاق، وكأنه يقول بأنه يمتلك الحقيقة المطلقة، وأنه بقدراته الذاتية الخارقة يكون مستعدا لإقناع الآخرين بها، ويرى نفسه في منزلة المصلح الاجتماعي والمرجعية التي ليس بعدها مرجعية.

في حين أنه من العادة لنجاح أية وسيلة للوساطة بين طرفين أو عدة أطراف سياسية متعارضة يعتقد كل طرف فيها أنه على حق، هي من الأمور المعقدة، والخوض في مسألة إعادة قراءتها وفق رؤية موضوعية تأخذ في حسبانها الدوافع وردود الأفعال لكل طرف، مسألة نادرة ومميزة، ومن الصعب لغير المتمرس الاهتداء إليها، وعادة ما تكون من شخصية محايدة ومقبولة ومؤثرة من جميع الأطراف، تجيد أسلوب الحوار، وقادرة على استقراء ما يدور في أذهانهم من خلال آرائهم ومواقفهم، ومستعد لإزالة مواضع الالتباس التي ربما قد تتداخل وتتشابك، وبمجرد إزالتها تكون بوابة الدخول لآفاق رحبة للحوار على طريق حلها.

إن الأوضاع السياسية في حالتها الراهنة تمضي نحو أزمة وشيكة، وهي بحاجة إلى من يغوص في تلك الخلافات.. ليس من باب المناكفات وإصدار الأحكام التي لن تكون مجدية في هذا الظرف بالذات وربما تأخذ أبعادا غير محتملة أكثر مما هي عليه الآن، وإنما من باب المعالجة ووضع النقاط على الحروف للحيلولة دون تباعدهما، ونحو مزيد من التقارب في وجهات النظر، وليس إلى شخص يرفض الآخر ويفهمه على عكس المقصود، وبالتالي يرغب في الحوار معه.. ومثله لايصلح لهذا الدور.

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى