مشروع الحكم المحلي وانحراف البوصلة

> عبدالله أحمد الحوتري:

> مشروع الحكم المحلي كامل الصلاحيات الذي يعتقد الكثيرون أنه بإعلانه سيشكل انفراجا للأزمة الداخلية، هذا المشروع يبدو أنه غير قابل للتحقيق في ظل عقلية تفسر مطالب الانفراج بالخروج على الوحدة، هذه العقلية التي أصبحت من أكبر الأخطار المهددة للوحدة، ففي مشروع التعديلات القانونية لانتخاب المحافظين المنشور بصحيفة «الأيام» العدد (5376) الصادر يوم 2008/4/14، وفي المادة (38) فقرة (ج): «لكل مواطن يمني في الجمهورية حق ترشيح نفسه للانتخابات لمنصب المحافظ في أي محافظة، متى توفرت فيه الشروط الآتية..».

ستة شروط لايوجد بينها ما يعتبر الركيزة الأساسية للحكم المحلي، هي: «أن يكون المتقدم للترشح لمنصب محافظ أو مدير مديرية من أبناء الوحدة المحلية ذاتها ولم تنقطع صلته بها، وأن يكون مسجلا في السجل الانتخابي لوحدة الحكم المحلي ذاتها، أو أن يكون مقيماً إقامة دائمة فعلية ومستمرة في وحدة الحكم المحلي التي يترشح فيها لعضوية مجلسها أو لمنصب المحافظ أو مدير المديرية».

إن مجرد التسمية لاتعطي مجالا للتأويل، ومفهومنا للحكم المحلي أن يكون الحاكم في مختلف المستويات محليا، أي من نفس وحدة الحكم المحلي، سواء شمل أكثر من محافظة أم كان مجاله المحافظة، وأن يكون الناخبون هم أبناء تلك الوحدة المحلية، أما أن نسمي حكما محليا، ونأتي بمن هو مدعوم بسلطة الدولة ومن خارج وحدة الحكم المحلي ونطلب من الناخبين انتخابه حاكما لهم فهذا أمر لم يعد في الوسع تقبله، ولكن بإمكان السلطة أن تفرضه إلى حين.

إن الحكم المحلي كامل الصلاحيات الذي كنا نرى فيه بادرة انفراج للأزمة المستحكمة قد تحول بموجب تلك التعديلات إلى وقود يزيد الأزمة اشتعالا، هذا ما نعتقده، أما السلطة فتنكر وجود أزمة من الأساس، وما هذه التعديلات المسماة بالتعديلات القانونية لانتخاب المحافظين إلا دليل على عدم الاعتراف بالأزمة، ويبدو أن هذا الموقف سيستمر حتى يقع الفأس في الرأس.

إن الاستخفاف بمطالب المواطن لرفع جزء من معاناته، والمتمثل باستمرار السلطة في اتباع قوننة رغباتها وإجراءاتها الهادفة إلى ضرب سور قانوني يمكن السلطة من اتخاذ إجراءاتها وترتيباتها في توزيع المناصب على أهل الثقة وفق القانون المفروض لا المرغوب، هذا التشبث بالسلطة لن يكون له مستقبل مفرح.

لقد كبر اليمن بمساحته بعد الوحدة، ويتطلب من الرجال أن تكبر عقولهم لتتسع للمساحة المضافة ومن يسكن عليها، فعقلية وسلوك ما قبل الوحدة لاتستطيع أن تتعاطى مع الوضع الجديد، واستمرار فرض قانون الاستحواذ بالقوة قد لايطول مع تغير موازين القوى في الساحة، التي تجري بصورة متسارعة وغير محسوسة، ومن يظل متشبثا بالاحتفاظ بكل شيء قد يفقد كل شيء.

لقد جاءت هذه المناورة السياسية كمعالجة للحراك السلمي في الجنوب، وسبق إعلانها الزج بقيادات الحراك السلمي في السجون، وأخذهم من عدن إلى صنعاء، إن لم يكن إلى مكان آخر، ولايزالون في سجون صنعاء بذنب رفض تقبل الباطل والتصفيق له، والسلطة بذلك تراهن على كسر إرادة الأمة، وهو أمر صعب المنال.

إنكم تواجهون مناضلين من نوع لاتعرفونه، مناضلين يسيرون وفق ما يؤمنون بصحته، لا وفق ما يمكن أن يقدم لهم من إغراءات، لأنهم لايبيعون، أو وفق ما يطلق عليهم من تهديدات، لأنهم رجال لايرهبون، وستجدونهم صابرين محتسبين، وللظلم قاهرين، وسيعلم الذين ظلموا أي منقلب ينقلبون!.

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى