الإصلاح بوساطة الحكم المحلي

> عبداللـــه ناجي علي:

> من المؤكد أن الجميع قد وصلوا اليوم إلى قناعة تامة حول عملية الإصلاح التي صارت تمثل بالنسبة لواقعنا المختل ضرورة موضوعية، بل وحتمية لا مفر منها، فالتراكمات السلبية قد وصلت اليوم إلى نقطة حرجة يصعب معها الحديث عن استمرار قيادة الوطن إلى مستقبل آمن ومطمئن، فالمشاكل التي يعيشها واقعنا اليوم قد شملت - للأسف- جميع مناحي الحياة دون استثناء، فالفساد وسوء الإدارة.. وسيادة قانون القوة هي سيد الموقف ..!! وهذا ما عكس نفسه سلبياً على مجمل الأوضاع بشكل عام، فالبيئة الاستثمارية مازال الفساد معيقها الأول .. والبطالة تزداد يوماً بعد يوم، الفقر يكتسح غالبية السكان ..!! والمواطنة العادلة غائبة، والأهم من هذا كله وجود قضية وطنية كبرى اسمها «قضية الجنوب».. يجب أن نبحث لها عن حل.. فالإصلاحات المطلوبة لإنقاذ الوطن من هذه الاختلالات الخطيرة والخطيرة جداً، يجب أن تكون هدفاً لجميع القوى الداعية للتغيير والإصلاح، سواء أكانت هذه القوى السياسية في حزب السلطة أم أحزاب المعارضة والشخصيات المستقلة وممثلي منظمات المجتمع المدني .. والمطلوب من هذه القوى البحث عن صيغة تحالفية تجمعهم في إطار وطني تحديثي بعيداً عن النظرة الحزبية الضيقة على الأقل في المرحلة الراهنة، فأي حلول تطرح لإخراج الوطن من هذه المشاكل الخطيرة على مستقبلنا جميعاً، يجب أن تكون محل إجماع كل القوى السياسية بغض النظر عن مصدرها المهمل لأنها تحل مشاكلنا.

فنعتقد أن المدخل السليم لحل هذه المشاكل يتمثل في قيام حكم محلي واسع الصلاحيات، وإذا كانت البداية في انتخاب المحافظين كخطوة أولى نحو الحكم المحلي، فيجب أن تتبع هذه الخطوة مباشرة منح صلاحيات الحكم المحلي في المحافظات وبما يوصلنا في المستقبل القريب إلى قيام حكومات محلية حسب وعد الأخ الرئيس بعد انتخابات 2006م .

فالحكم المحلي واسع الصلاحيات سيمثل دون شك مدخلاً أساسياً لعملية التغيير التي ستبدأ هذه المرة من قاعدة هرم السلطة، وهذا ما يساعد السلطة المركزية على الاستفادة من التغيرات التي سيفرزها الحكم المحلي في المحافظات، وبوساطة الحكم المحلي أيضاً سنجد بالفعل النهج الديمقراطي من خلال المشاركة الشعبية أثناء انتخاب مجالس الحكم المحلية في المحافظات والمديريات، وهذا ما يتيح للمجتمعات المحلية الرقابة والمحاسبة لهذه المجالس المنتخبة، فيما إذا انغمست في مستنقع الفساد .

وهنا سيكون الحكم المحلي فعلاً المدرسة الحقيقية لتعلم أبجديات الديمقراطية السياسية والديمقراطية الاقتصادية في آن واحد .. وفي بعده التنموي فإن الحكم المحلي سيمثل الطريقة المثلى لإدارة التنمية المحلية في المحافظات والمديريات، فالإدارة الحديثة للتنمية في وقتنا الراهن تتطلب الموضوعية والمرونة في رسم السياسات، والسرعة في التنفيذ والدقة في المتابعة، وأخيراً الرقابة على كفاءة الأداء، كل هذه العناصر المطلوبة في إدارة التنمية تفتقدها المحافظات في الوقت الراهن بسبب التبعية التي لاتزال مرتبطة بالمركزية، والأهم من هذا كله، فإن الحكم المحلي واسع الصلاحيات سيخلق عنصر المنافسة بين المحافظات لتقديم الخدمات الأفضل في المجتمعات المحلية، وبما يواكب التطور وينسجم مع روح العصر، وهنا ستكون عجلة التغيير والإصلاح قد بدأت في الحركة، وما على الجميع إلا المشاركة الفاعلة في الدفع بها، لكي نصل في نهاية الأمر إلى بناء الدولة اليمنية الحديثة - دولة المؤسسات والنظام والقانون، التي بغيابها صرنا نعيش هذه المشاكل التي تحاصرنا من كل جهة.

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى