أين الحكمة؟!

> أحمد سالم شماخ:

> الفساد كلمة بغيضة, وكارثة على الشعوب، ولعل أسوأ أنواعه فساد الرأي، وأسوأ منه فساد السياسة، خاصة عندما يتعلق الأمر بشؤون السياسة الاقتصادية والتموينية لالتصاقها الشديد بحياة المواطن البسيط، ومعاناته الفورية والمستقبلية.

وقد سبق أن نوهنا في أكثر من محفل وصحيفة، ونبهنا من بيدهم مقاليد الأمور ألا يتعجلوا في اتخاذ أي قرار اقتصادي أو مالي أوتجاري قبل أن يمحصوا الأمر ويتدارسونه مع من لهم علاقة بالرأي أوالقرار المزمع اتخاذه وبصورة عقلانية بعيدة عن أي أهواء أومآرب.

صدر مؤخرا قرار من المسئولين في وزارة التجارة- هداهم الله- يمنع استيراد الأرز في العبوات أو الأكياس السائدة في السوق من عشرات السنين، فئة أربعين كيلو وعشرة كيلو وتسعة كيلو، والسماح فقط بعبوات ذات 25 كيلو و 50 كيلو.

إن المبررات التي قدمت واهية، وتفترض في المواطن الغباء، بحيث لايميز حجم العبوة، وما هو مكتوب فيها، والأدهى أنها افترضت عدم الديانة والذمة في كل المتعاملين في هذه السلعة، ربما إن الوزارة واجهت بعض الحالات الشاذة وأرادت علاجها بعقاب جماعي، ولاحول ولا قوة إلا بالله!.

لقد تجاهلت الوزارة العرف السائد في السوق، وتجاهلت الترتيبات التي بين المصدرين والمستوردين والاتفاقيات، مما يعني أن تعديل الاتفاقيات وتلك الترتيبات تعطي المصدرين الفرصة للتملص من تعاقداتهم وفرض زيادات في الأسعار، وخاصة مع موجة الزيادة الجامحة في الأسعار التي لم يسبق لها مثيل، أي إنها بقرارها هذا زادت من العبء على المستهلك اليمني بدون مبالاة ولا إحساس بمعاناة المواطن، كيف لا وبعض هؤلاء المسئولين للأسف، وكما يظهر لايهمهم الأمر لأنه لايؤثر فيهم.

ومما يزيد الطين بلة أنها وجهت الأمر إلى هيئة المواصفات والمقاييس، التي لاتدع فرصة فيها اصطياد أخطاء وفرض غرامات إلا واغتنمتها، ناسية أو متناسية أن كل ذلك يصب في خانة تكلفة السلعة، ويتحملها المستهلك.

أبسط ما يمكن أن يقال في ذلك القرار وما يماثله هو أنه محاولة من المسئولين لتغطية قصورهم الحقيقي في رسم سياسات صائبة تحمي المواطن من موجات الغلاء.

ويمثل قصور الوزارة الذي نشير إليه إلى أن إرهاصات وتوقعات الزيادات في أسعار المواد الغذائية بدأت من العام 2002، وبكل تأكيد لدى الوزارة معلومات عن ذلك، بل إنه تمَّ تنبيه المسئولين لذلك، فلم يعيروا الأمر أذنا صاغية، إما لقصور في الرؤية، أو بسبب اللامبالاة، حيث إن الغلاء لايصل إلى أعتاب ديارهم.

سيدي الوزير.. كيف مر عليك الأمر؟ وأنت كما علمنا رجل حصيف وواقعي، وتركت الأمر للجهال..!.

من حسن الحظ أن الوقت لم يمضِ لمراجعة ذلك القرارالخاطئ والمتسرع، وليس عيبا إصلاح الخطأ والتراجع عنه، فدع ما تعارف عليه الناس، وركز على أمور أهم، فإن كل المؤشرات تشير إلى توقعات زيادات رهيبة في أسعار المواد الغذائية الرئيسية على مستوى العالم، وهو ما يحذر منه كثير من الخبراء، ويتخوفون من أن يسبب قلاقل اجتماعية وفوضى عارمة، ولن تنجو بلادنا من عواقب ذلك، إلا إذا وحدنا وركزنا جهودنا لمواجهة الأمر بعقلانية وواقعية تترفع عن النظرات والمحاذير النابعة من مخاوف حزبية أو شخصية.

نأمل أن نسمع من معالي الوزير قرارا شجاعا بتصحيح الخطأ.

عضو مجلس إدارة غرفة تجارة وصناعة الحديدة

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى