كــركــر جـمـل

> عبده حسين أحمد:

> قبل خمسين عاما.. في تاريخ 12 أغسطس 1959.. نشر الأستاذ علي محمد لقمان-رحمه الله- في الصفحة الأولى من جريدته «القلم العدني» موضوعا بعنوان (خطاب شخصي إلى العدنيين والإمارات).. اقرأوا معي هذا الخطاب ثم ترحموا عليه.

> كتب علي لقمان: «الزمان يمر سريعا.. والحياة متحركة بقوة تفوق تصور العقل.. هذا هو الشعور الذي انتابني في البرلمان البريطاني.. وأنا أتحدث إلى النواب فيه عن مستقبلكم ومستقبل المحميات.. لم يكن يهمني أن أعرف العلاقات بين دول الكومنولث وبريطانيا.. كان كل همي أن أعرف مصير عدن والإمارات.. وقد كنت صريحا جدا مع كل نائب.. كنت أقول لهم إننا نريد من عدن والإمارات دولة واحدة حرة مستقلة ذات سيادة متحررة من الحكم البريطاني.

> قلت هذا الكلام في قاعة البرلمان.. وفي مطعم البرلمان.. وفي قهوة البرلمان.. وفي حفلات العشاء والغذاء التي حضرتها مع النواب.. ولم يكن يهمني أن يغضب من يغضب.. أو يرضى من يرضى.. فقد كنت أحمل معي آمالكم وآلامكم.. لا معنى لإمارات الجنوب من غير عدن.. ولا بقاء لعدن من غير الإمارات.

> إننا نهدف إلى قيام دولة واحدة.. وكل تلكؤ في هذا السبيل.. إنما هو من أسباب الفناء لنا.. ومن مصلحة بريطانيا كما يعترف نوابها أن نبقى حتى نحن أهل هذه البلاد الصغيرة أصدقاء كأحرار مستقلين.. من أن نبقى شعبا غاضبا ناقما ساخطا لأنه لايتمتع بوحدته وحريته.. وبريطانيا اليوم تعرف أن عهد الاستعمار قد زال إلى الأبد.. وأن العمران والإنشاء في العالم لن يقوم إذا كان الاستعمار موجودا».

واضح جدا أن علي لقمان حاول أن ينتزع للناس حقهم في الحرية في بلادهم.. وأنها المرحلة الأولى نحو تحقيق الوحدة الكبرى.. وكان يتمنى لو شاركه الناس في الفهم والتفاهم.. وأن يكونوا شركاء في الكلام والحوار والحكم على كل شيء.. وفي أي شيء.. وكانت هذه هي مشكلة كل شخص عاش في عدن.. ومشكلتنا مع الأجنبي الذي زرع الفرقة والحقد والضغينة في نفوس الناس الذين لاقدروا على فهم علي لقمان.. ولاحاولوا أن يقتربوا منه أو يستمعوا إليه.

> وكان علي لقمان يكتب ويتحدث ويتألم لكن أحدا لم يسمعه.. وإذا سمعه لايفهمه.. وإذا فهمه ضاق به.. ولم يصدق أنه قادر على أن يفعل أي شيء.. لكن قلبه كان أكبر من استخفاف الذين لاتهمهم الحرية.. وقد ترحم على الذين يقولون هذا مستحيل.. وحاول كثيرا أن يؤكد أنهم يستطيعون أن يكونوا شيئا.. لو أنهم فقط عرفوا أن للحرية معنى أكبر.. وأن للوحدة- أيام زمان- مستقبلا عظيما.

> المهم أن علي لقمان عاش مستورا.. ومات فقيرا.. لم يملك شيئا، ولم يترك شيئا، سوى بيت متواضع ودار نشر وطباعة صغيرة، كسروا بابها واقتحموها وبنوا مسجدا فوق أرضها.. وهو الذي عاش عمره يحارب الاحتلال الأجنبي في الوطن.. وأصبحت زوجته الحزينة-اليوم- تبكي فقد الحبيب وضياع المأوى ودار (الأخبار) للنشر والطباعة.

> هذا الرجل العظيم أهملناه في حياته.. ثم نسيناه بعد وفاته!!

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى