ما يرفضه الحاكم اليوم قد لايُقْبَل منه غدا

> عبدالله أحمد الحوتري:

> منذ بدأت الأزمة بين شريكي الوحدة سارع الحريصون على الوطن وأهله إلى تفادي وقوع الحرب، وكان في المقدمة الأستاذ عبدالرحمن الجفري، الذي أعد وثيقة العهد والاتقاف بمشاركة عدد من رجالات اليمن، منهم المناضل الوالد الشيخ سنان أبو لحوم وآخرون، واستطاعوا جر الشريكين للتوقيع عليها بإشراف عربي، ويبدو أن قرار الحرب قد اتخذ قبل التوقيع على تلك الوثيقة، وكان هاجس تحقيق النصر هو الأهم، أما احتمال ما تجره الحرب من ويلات على الشعب اليمني وعلى وحدته بفعل نتائج الحرب فلم يكن له مجال في الحسابات, وهكذا بدأت الحرب، وانتصر فيها طرف، وهزم آخر، وبدأت نتائجها تظهر شيئا فشيئا، ومرة أخرى وحرصا على استمرارية الوحدة من خلال معالجة ما أفرزته الحرب من فقدان للحقوق وانكسارات في نفوس المحسوبين على الطرف المهزوم- أبناء المحافظات الجنوبية والشرقية- والمهمشين في بقية مناطق اليمن، تقدمت قيادة حزب الرابطة بعدد من المشاريع الإنقاذية ليتبناها الحزب الحاكم، ويعمل على الأخذ بها وتنفيذها تحت إشرافه، ولكن لأن حزب الرابطة وقيادته محسوبة على الطرف المهزوم- في نظرالطرف المنتصر- فقد نظر لتلك المشاريع نظرة الشك والريبة، وأحيانا نجده يأخذ من وحيها بعد تغيير جوهري في المحتوى يؤدي إلى تبدل في الأهداف المبتغاة.

الأمر الذي ظلت معه الأزمة تكبر وتتسع بسبب عدم الإصغاء لآراء الحريصين على إصلاح أمر البلاد من دون اشتراطهم الشراكة في السلطة، فأمر المشاركة في إصلاح الوطن شيء والسعي للوصول للسلطة شيء آخر، ولسنا من دعاة (لتخرب البلاد إن لم أصل إلى السلطة) كما نتمنى على الحزب الحاكم أن لايكون شعاره (أنا أو الطوفان).. إننا حتى اليوم لم نر أي حوار بين الحزب الحاكم وأحزاب المعارضة بشكل عام أفضى إلى نتائج تجنب البلاد أزمة من أزماته المتعددة.

ليعلم الجميع أن عوامل الضعف أو القوة عوامل غير ثابتة، وبناء العلاقات بين الحزب الحاكم وأحزاب المعارضة على أساس هذين العاملين تكون نتائجها مدمرة عندما يضعف القوي.هناك قوى لايهمها أمر الوطن ولاتستطيع أن تنهب خيرات البلاد إلا في ظل وضع مأزوم، وهي مدركة أن استقامة العلاقة بين الحاكم والمعارضة، واختفاء مفردات التخوين والمؤامرة والانفصالية وغيرها هي بداية النهاية بالنسبة لها، إننا نطمح أن نرى الحزب الحاكم وحكومته تنفض يدها، بل وتسحب الحصانة على كل فاسد ينتسب لأجهزتها، وأن تعطي مجالا لإحالة تقارير الجهاز المركزي للمحاسبة وكل الأجهزة الرقابية والتقارير المختلفة عن نهب المال العام بمختلف أشكاله إلى القضاء، مثل هذا الإجراء لن يضعف الحزب الحاكم وحكومته بل سيعززهما، والعكس صحيح.

أما الحراك السلمي فهو ظاهرة صحية للمجتمع والدولة، حتى وإن بدا الأمر مزعجا للبعض فهو بمثابة مرآة عاكسة لأخطاء بعض القائمين على أمر الوزارات والأجهزة المختلفة للدولة، تمكن القيادة السياسية من معرفة مواقع الضعف في أداء أجهزة الدولة، وهنا لايكون أمام القائمين على أمر تلك الأجهزة إلا تصوير ثورة المحتجين بالخروج على القوانين والثوابت و.. و..إلخ، فأعمال الشغب التي حدثت بدءا من 29 مارس الماضي يؤكد المشاركون في الحراك السلمي أن من قام بها عناصر مدسوسة من أجهزة السلطة بغية وجود ذريعة لضرب هذا الحراك، بينما تؤكد أجهزة السلطة غير ذلك.

تقول بعض النظريات: «لمعرفة الفاعل لبعض الأحداث الغامضة، تبيَّنْ مَنْ المستفيد منها». وبتطبيق هذا التحليل على أحداث 30/29 مارس يكون قول نشطاء الحراك السلمي أقرب للحقيقة.. نعود ونقول، لقد عم الفساد وتغلغلت حلقاته في مفاصل الدولة، بحيث أصبح موضوع محاربته أمرا شبه مستحيل.. ومعروف أنه عند وصول الدولة إلى العجز عن إصلاح نفسها من الداخل يصبح لزاما على الأمم الحية إصلاح الوضع بطريقتها، وأنجعها النضال السلمي.

يبدو أن الأخ الرئيس قد أدرك ذلك فحاول جاهدا تقديم معالجات في شكل مبادرات أعلن عنها، جوبهت بصد وبحملات إعلامية تظهر وكأن اليمن في أوج ازدهاره، وأن من يقول بغير ذلك إنما هو جاحد أو انفصالي أوعميل أو طامح للسلطة القابضة عليها أياديهم، إن غطرسة عتاولة الفساد وتصديهم لسد كل الأبواب والنوافذ أمام مشاريع الإصلاح الوطني الشامل وأولها الحكم المحلي كامل الصلاحيات لا أرى نتيجة له في آخر المطاف إلا القبول بالانفصال أوالفيدرالية في أحسن الأحوال، وإنني أعتقد أن من بينهم من يسعى لهذه النتيجة بعد أن يستكملوا نهب ثروات الجنوب، فنحن أمام عقليات تدميرية لاتقيم للوطن والمواطن وزنا.

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى