عبدالله فاضل فارع رحمه الله كانت هويته الأدب والإبداع

> علي محمد يحيى:

> في صباح يوم الإثنين الموافق الرابع عشر من إبريل، هز كيان بيتي الخبر الذي جاءني عبر الهاتف ناعياً .. أستاذي ومثالي الأعلى طيب الذكر الأستاذ عبدالله فاضل فارع، بأن قلبه قد انطفأ وسكت عن الخفقان وخمد نبضه، وهو مسجى في فراشه من بعد وعكة ألمَّت به مؤخراً لم نكن نحسب لها حساباً، فلم تكن هي إلا سبباً لقدر مكتوب.

فأسرعت مهرولاً مفجوعاً إلى دار سكناه القريبة مني .. ولم يكن قد علم بوفاته إلا النزر اليسير .دلفت إلى غرفته التي لم يكن يفارقها إلا إلى الجامعة، فرأيته مسجى على سريره ملفوفاً بخرقة كفنه، فرفعت طرفها من على وجهه لألثمه مودعاً وداعه الأخير، فما رأيت فيه إلا ملاكاً يبتسم .

أجبرتني هذه اللحظة المؤلمة وهذا الخطب الجلل أن أستعيد بعض لحظات متكررة مطبوعة في شريط الذاكرة من حين كنت أزوره بين فينة وأخرى في سكناه تلك العامرة، وفي غرفته تلك، وعلى سريره الذي ما برحه منذ عودته الأخيرة .

شريط من الذكريات جميل وطويل من تلك الأيام القريبة والبعيدة ، حين كنت ألتقيه في رحابه، أو عبر الهاتف حين كنت أستمع إليه وأبادله الحديث العام في شئون الأدب وقضايا الشعر والفن والصحافة ، خاصة فيما كنت أكتبه على صفحات «الأيام» الغراء التي كان يرحمه الله يحرص على قراءتها .

ولكم كانت تغمرني البهجة حين أستمع إليه وهو يتحدث عن قضايا عديدة في شئون الشعر والنقد والثقافة عموماً، وكذلك فيما كان يعرض من ملاحظات قيمة مقتضبة ومركزة، أجد فيها مفاتيح التعرف على عالم هذا الرجل الكبير، وعلى ثقافته العميقة والشمولية .. وكم هي متعة المستمع حين كان يكشف القدر الهائل من ما كان يقرأ من كتب عربية أو غير عربية، وكيف كان يستوعب مضامينها ثم يحللها، أو ملاحظاته حول رأي لفلان من المثقفين أو عن موقف لآخر منهم بأسلوبه الساخر غير الجارح من قضية ثقافية محددة، أو حول مسألة فيها إشكالية خلافية، يذهل المستمع إليه.. وهو يتحدث بتواضع جم عن آخر قراءاته واهتماماته كماً وكيفاً .

كان يرحمه الله يقرأ ويقرأ ثم يبدي آراءه في غاية الشفافية وغاية من التلميح والإيحاء، وكم سعدت مراراً وهو يبدي لي الكثير من ملاحظاته وإيحاءاته فيما أكتب وأغلبها والحمد لله حملت روح الإشادة دون إسراف .. فيلخص لي أبرز جوانب الإيجاب فيها مع مزج ذكي يوحي برأي دقيق ومستقر.

لقد كان رحمه الله متميزاً في ثقافته وأدبه، ورائداً من رواد الترجمة، قلَّ أن يجود الزمان بمواز له في محيطنا الإبداعي ..لأنه أديب كانت هويته الأدب بعمومه، من شعر ونقد ودراسة وترجمة، واسع الإدراك في فلسفة اللغة.

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى