الكوز والعفقة والبف باف!

> سعيد عولقي:

> لفتت نظري حاجة أمس عندما كنت واقف قدام مخزن واحد صديق من التجار أصحاب البخاخير- أو البخارات إذا تشتوا- وهذي الحاجة كما فهمت قدها موجودة من سنة 1990، نحنا، أو على الأقل أنا، ما كنتش مخلي بالي، هذي الحاجة هي أن الإخوة الشغيلة مع صاحبي كانوا يفككون كراتين مغلقة، ويخرجون منها السامان المعبأة ويتفاقدوها.. وفوق كل كرتون كتابة تقول: «إلى التاجر فلان بتعز»، ويكتبون العنوان ثم كلمة ببنط كبير تشير إلى أن الوصول سيكون إلى ميناء الحديدة! طيب إذا كان هذا التاجر يريد بضاعته من أجل أخذها من ميناء الحديدة إلى تعز لتصريفها هناك، فهذي مسألة، والثانية عادها لما تكون.. لنكون حسني النية.. يعني خلوا نيتنا تكون حسنة ونفوسنا طيبة.. بانقول مثلا أنه التاجر با يأخذ من البضاعة ما هو مخصص لسوق تعز إلى هناك، وما تبقى من البضاعة، الكمية الخاصة بسوق عدن، با يفرزها وبا يرسلها بر بالشاحنات إلى عدن.. وعدن عدن ياريت عدن مسير يوم.. لكن في هنا غلط في المسألة، لأنه الشيء المنطقي يقول إن الواحد يختار أقرب ميناء وصول إلى أسواق التوزيع، مش كذا وإلا لا؟! طيب إذا كان كذا فين أذنك ياجحا؟. المعروف أنه ميناء عدن مش ميناء الحديدة هو الأقرب إلى أسواق عدن.. هيك الحكي وإلا موهيك، وإلا بعدين بانرجع نأكل كيك؟!

نحنا ما نكرهش حاجة لميناء الحديدة، ومش زعلانين أنه يتقرص على بطنه، لكن برضه العدل مطلوب والمنتق (المنطق) ضروري.. أيش ماله ميناء عدن؟ ابن الجارية؟ شغله يوبه للجزمات وبس؟ وإلا من سنة 1994 وهو في حالة ترميمية وجدل سياسي اقتصادي وأيديولوجي حول تحويله إلى (منتقة) حرة إستراتيجية على قولة العميد حسن فرور! نحنا لانعاني من عقدة معاداة السامية، ولكننا نشعر أن عقدة كراهية عدن بدأت تطل برأسها، قال لك أيش، قال لك إنه به جناب الكوز عفقة، وأنا ماعرفتش الأولة علشان أعرف الثانية.. قلت با أسال المهيوبي صاحب سند.. قال بعدما تَفَل الشمة من لقفه وهو يفكر بتأمل عميق: «أنت ذلحين كسرت عليا موسم.. يقول لك إنه أصحاب أول يعني زيما تقول يجعلوا الكوز آذا متين زليط لبيط.. والعفقة هذي يعلم الله إيش هي، لكن كما يقول لي ظني إنه صاحبكم هذا النأجي أو النعجي، إلا إلا النأجي حميد ما شاء الله عله، إذا جاب العفقة إلى داخل الكوز وعمل لها غطاء محنك با يتحمل الكوز، لأنه حُديدي أصيل، لكن يا ويلكم لاقد قرح.. لكن أظن أنه با يتحمل قوة الضغط».

مريت على العديد من التجار الموزعين جملة وتفاريق منشان أفهم أيش سبب هذي المشكلة اللي خلقت المماحكة ما بين عدن والحديدة وصنعاء وبير العزب.. قلت للمهيوبي مراجعا: ما دخل بير العزب وصنعاء وإلا قد هي خطرشة والسلام؟ قال والله يبان أنها خطرشة، لكن ياصاحبي كل واحد لازم يحافظ على بيضته لاتفتقش.. أنتم في عدن شليتم الشيل هزة من الزمن بفضل الإنجليز الله يرعاهم، ما خلوش أصحاب الحديدة قليل يطعموا الحالي منشان يدندلوا مشافرهم.. وبعد جولتي السريعة على تجار التفاريق والجملة خرجت بحصيلة محزنة، لكنها حقيقية.

من المشاعر المتناقضة والمعيقة لميناء عدن وتعطيل طاقته القصوى في العمل وتقدير العلاقة الجدلية بين الكوز والعفقة.. الخلاصة الخالصة مالص مالص، هي أن المحتاجات التموينية لعدن وغير عدن من المواد التموينية توصل يا أبو الرجال عن تريق ميناء الحديدة، والسبب في ذلك أن عقدة قديمة تكونت في نفوس التجار والناس القادمين من الشمال- الشماليين يعني- تكونت من قديم الزمان أيام العنجريز، ويقول المهيوبي إن هؤلاء العنجريز كانوا يوقفوا الناس اليمنيين عند باب السلب قبل دخول عدن ونواحي الميناء، ويفتشونهم هناك، ثم يرشوا عليهم (دي دي تي)، زيما تقولوا هذا اللي نسميه (بيف باف) هذي الأيام، ومن وجدوا معه كوز يفرغونه من العفقة قبل السماح بدخوله إلى البندر.. وهذا- يقول المهيوبي- ربما يكون خلق أحقاد في نفوس الناس توارثوها جيل بعد جيل.. منشان كذا وا صاحبي ما اشتقومش لميناء عدن قائمة، ومن كذب جرب.. وما بعد الحراج إلا البيع.. آح! عيني عليك وا ميناء عدن، ياللي كنت منيان مراكب من بين كل المنياوات.

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى