الزبون الغامض وعُرِّي المخبازة

> بلال غلام حسين:

> منذ الوهلة الأولى سوف يستغرب القارئ من العنوان أعلاه، والسبب لاختياري لهذا العنوان، وما الرابط بين الزبون السري (Mystery Shopper) وعُري المخبازة (القط الذي يتجول دائما في المخبازة)، أسال القارئ أولا: هل تذهب أنت إلى المطاعم مع أسرتك أو أصدقائك؟

هل دققت وأنت منتظر طعامك في حال المطعم ونظافته.. في عمال المطعم ونظافتهم وتعاملهم مع الزبائن.. في الطعام نفسه، نظافته وجودته؟. طبعا الغالب من الزوار للمطاعم يكون جائعا أو في عجلة من أمره، ويريد أن ياكل فقط، ولايفكر ويدقق في هذه الأمور، ولو فكر قليلا لاكتشف العجب العجاب في مطاعمنا، وهذا غالبا ما سوف يسبب له الأمراض في جسمه.. منها التسمم الغذائي الذي سوف يؤدي به إلى الوفاة. والتسمم الغذائي في البلدان المتقدمة يسبب خسائر كبيرة في المحاكم لشركات الأغذية، وما ذكرته أعلاه حول المطاعم إنما يحصل ليس في مطعم واحد، بل في جميع مطاعم محافظة عدن، من سوء نظافة، طعام ردئ، مع مباشرين غير نظيفين، وبدون زي المطعم، ناهيك عن الحيوانات التي تجوب في هذه المطاعم.

وكونه لديه خبرة واسعة في مجال المطاعم سألني أحد الأصدقاء لماذا لاتعمل كمفتش للصحة في مجال المطاعم؟ فقلت له لوحصل ذلك صدقني سوف أقفل- بالشمع الأحمر- 99% من هذه المطاعم، ولكن هذا لن يحصل إلا في بلد يحترم القانون. ثم أسأل أين المسئولون عن تفتيش المطاعم؟ كم من مطعم مخالف أغلقت أبوابه وألزم بدفع غرامة لتقصيره في عدم تطبيقه القوانين؟.

أما الرابط في العنوان، أن في بريطانيا ودول أوروبا وكالات متخصصة في مجال الزبون الغامض، وتلجأ إليها الكثير من الشركات الكبرى التي تهتم بجودة خدماتها ونوعية بضاعتها للتأكد من تقديم أفضل الخدمات لزبائنها، ليس في مجال المطاعم فقط، ولكن في جميع المجالات. تستعير هذه الشركات للزبائن الغامضين من وكالاتهم ويرسلونهم إلى محلاتهم ومطاعمهم لكي يعرفوا مدى إتقان وجدية عمالهم في خدمة الزبائن.

أثناء عملي كمدير لإحدى فروع سلسلة مطاعم (كنتاكي) في بداية اغترابي في بريطانيا، كانت الشركة ترسل هؤلاء الزبائن الغامضين في زيارات مفاجئة دون معرفتنا بهم، ويأتون كزبائن عاديين، الآن انظر ماهو عملهم! يأتي هذا الزبون إلى الموظف ويطلب طعاما وينظر إلى كل حركة يعملها الموظف وكل كلمة ينطقها، وأثناء تجهيز الطعام للزبون ينشغل الزبون بالتفتيش عن نظافة المطعم دون أن يشك به أحد، وأيضا يحسب للموظف الوقت الذي يجب عليه أن يجهز به طعامه، وبعدها يأخذ طعامه ويذهب، ولكن يذهب إلى أين؟ هذا هو المهم في هذا الموضوع. يذهب هذا الزبون إلى سيارته ويخرج منها (ترمومتر) ليقيس به درجة حرارة الأكل ويكتب ما شاهده في تقريره الذي يحتوي على نسبة مئوية، هي أساس التقييم لهذا المطعم، وعلى أساسه تعتمد الشركة علاوة المدير وموظفيه، ويرسل نسخة منه إلى المكتب الرئيسي للشركة، ونسخة إلى الفرع. كل ثلاثة أشهر تجمع هذه التقارير وترفع نسبتها، وللوصول لأحقية العلاوة يجب على المحل أن يحصل على 85% من مجموع التقارير التي يحصل عليها من الزبون الغامض.

إلى ماذا ينظر الزبون الغامض في تقريره السري؟

أولا: ابتسامة الموظف، وطريقة استقباله للزبون.

ثانيا: السرعة في تقديم الخدمة للزبون.

ثالثا: جودة الأكل في المطعم أو جودة البضاعة في المتجر.

رابعا: النظافة.

وأخيرا: طريقة توديع الموظف للزبون.

ما ذكرته أعلاه إن حدث عندنا سوف يكون حلما جميلا، ولايحصل إلا في زمن جميل ليس إلا. إنما في الأوضاع الحالية التي نمر بها صعب جدا أن يحصل مثل هذا الكلام، ولكن على الأقل نريد تحريك دور صحة البيئة الخاصة بالمطاعم، ولانريد زبونا غامضا.. نريد دورا حقيقيا وليس دورا يطيح من أول وجبة غذاء مجانية يحصل عليها مفتش الصحة.

أوجه رسالة عاجلة إلى مجلسنا المحلي الموقر وأقول لهم رفقا بنا وبالمواطنين، وكفاية الأمراض والأوبئة التي نعاني منها.. يجب أن يكون لكم دور صارم في هذا الموضوع.

والآن القصد من عنواني أعلاه، ماذا سوف يحصل لو طبق هذا النظام عندنا، أي نظام الزبون الغامض، وزار هذا الزبون مطاعمنا ومحلاتنا ورأى، ليس عري واحد، بل عدة (عراري) وهي تجوب مطاعمنا ومحلاتنا؟!.. الحليم تكفيه الإشارة والأحمق لاتنفع معه العبارة!.

[email protected]

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى