يعتقلون الوطن ويذهبون أحرارا

> علي عمر الهيج:

> كثير من الفلاسفة المؤدلجين بنظرية «واكب اتجاه الرياح» يذهبون بغرابة في إرساء أفكار وتحليلات خاطئة جداً حول أحوال هذا الوطن.. كما أنهم بهذا يدمرون العقل والقيم ويسممون الفكر النقي.. فتراهم يبرهنون قائلين «إن أحوال الوطن بخير، وإن ذلك النقد الموجه للسلطة والحكومة أمر غير مقبول وغير عادل، لأنه يحتاج إلى كثير من البراهين».

وبعد هذا الطرح الظلامي يقدمون - باستخفاف - على طرح دلالات واجتهادات غير سوية، فيقولون «إن موجة الغلاء تعم العالم، وأن الفقر والمجاعة والبطالة تجتاح المعمورة، وأن الدولة بإعاناتها الحالية والضغوطات المتزايدة عليها تحملها أعباء كثيرة جداً ، وأنه يستحيل عليها توفير وحل كل قضايا الناس بشكل معقول وعادل، كما أن أولئك المصطفين على الطرقات والشوارع والمحافظات ودور العلم والجامعات، كالأساتذة والطلاب والمثقفين والعاملين والمزارعين والأمهات والآباء والشيوخ، كلهم مجرد أعداء ومخربون لتلك المنجزات العملاقة ولتلك الديمقراطية العادلة.. كما أنه يستحيل على السلطة صاحبة الأغلبية الساحقة والصناديق الكثيفة أن ترحب بالمعارضة وأن تدللها، وأن تضع لها القرار والكلمة على طبق من ذهب».

هذه العقول الفسلفية الباهرة لا نعلم كيف تتجرأ أن تتفوه بمخرجات فلسفية فضائية كهذه.. فحتى لو فرضنا وسلمنا - ابتغاءً للإنصاف - أن للدولة متاعب وهموماً والتزامات، وأنها تسعى جاهدة وبإخلاص إلى تحقيق الرخاء وخدمة المواطن وإرساء العدالة.. وأن الوطن يتنامى ويكبر وتتضاعف أمامه قضايا الاقتصاد والتنمية، وأنها قد أفرغت كل جهودها المخلصة وإعاناتها من أجل تحقيق كل الأهداف النبيلة!

حتى لو سلمنا بكل هذا.. إلا أننا بين كل هذا نجد أن العقل يرفض كل ذلك.. فكيف لمتنفذ واحد في مدينة أو قرية برية أو بحرية يستطيع أن يعيث في الأرض فساداً وخلفه طقمان من العسكر فلا يستطيع أحد أن يقول له «توقف.. هذا أمر لا ينبغي الاستمرار فيه.. سيلومنا الناس على هذا».

حالياً وكخطوة أولى تبعث الأمل، وتشع بها العدالة، لا نريد لأحد أن يكبل ذلك المخالف الفاسد بالأغلال أو التشهير به في قاعة تعطيل القوانين - اقتداءً - بالمساءلة والعدالة والشفافية وإرساء النظام.. نريد الدولة فقط أن تستدعيه وأن تقول له بابتسامة وحزم «خلاص يا أفندم، الذي معك يكفي.. فتوقف، ما لم فلنا معك النظام والدستور» .

هذه هي الحلقة الرئيسة لكل تلك المحن والآلام.. لا يعقل أن يقوم شخص أو جماعة بكل تلك السلوكيات المجنونة، وإرساء المظالم، يعتقلون الوطن والأرض بالأغلال فيكافأون «اذهبوا فأنتم الطلقاء»، وأمام مرأى الجميع ومنها تلك العقول الشفافة.

الدولة التي ترسم بالكلمات كل قضايا الناس والوطن ومطالب شعب دون بارقة أمل، ينبغي لها أن تعيد صياغة العقل والفكر والطرح، حتى تضع لها مثقال ذرة من المصداقية.

لا أحد يرسم بالكلمات غير (نزار قباني)أما الدولة فينبغي لها أن تتحاور بالكلمات، ثم تعمل بهمة النيات.. فهل تعقلون؟!

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى