> مناطق عزلة بوحر لاقت صنوفاً من ويلات القهر ومعاناة الإبعاد القسري عن التنمية التي تتغنى بها الحكومات المتعاقبة والمجالس المحلية في هذا البلد وشاءت ظروف الراهن السياسي أن تكون مناطق العزلة غير مرغوب فيها من قبل رجال الطيف السياسي بميفعة، فقد أجمعوا على إبعادها من مسيرة التنمية، ولذا من الأفضل على أبناء هذه العزلة أن يحزموا حقائبهم ويرحلوا بحثاً عن مكان آخر للحياة.. إنه هم السنين وركام المعاناة.

وتستمر الرحلة

وتستمر رحلة «الأيام» في مناطق عزلة بوحر ويحل بنا المقام في منطقة كورة عطل التي تبعد عن مركز العزلة بنحو أربعة كيلومترات. عند العصر كانت زيارة «الأيام» لهذه المنطقة، حيث استقبلنا بعض من أعيان المنطقة من آل مركوز، حيث إن معاناة هذه المنطقة هو جزء من معاناة مناطق عزلة بوحر.ولعل الأمر الذي لا يختلف عليه اثنان هنا هو أن الكهرباء هم الناس الرئيسي الذي يؤرقهم، وهو ما يقوله الأخ عبدالله سعيد مركوز، الذي أراني بطاقة المساهمة في مشروع الكهرباء التي تعود إلى الثمانينات من القرن الماضي قائلاً:«هذا هو صك المساهمة في مشروع الكهرباء في الثمانينات، حيث دفع المواطنون مبالغ مالية كجزء من تكلفة المشروع، واليوم وبعد مرور أكثر من عشرين عاماً مازلنا في الانتظار ولا ندري إلى متى هذا الانتظار، وأرجوك أن تنظر يميناً ويساراً لتلاحظ المناطق الأخرى تنعم بالكهرباء ونحن في الوسط ضعنا بين اليمين واليسار وتعيش منطقتنا في ظلام دامس وليلنا ونهارنا معاناة كبيرة، مع العلم أن الشبكة الكهربائية تبعد عن منطقتنا مساحة خمسمائة متر فقط».

ويضيف:«طبعاً كثيرة هي اللجان وكثر هم المسؤولون الذين ينزلون إلينا أيام الانتخابات ويقدمون لنا الوعود، ولكن دون فائدة، فبعد أن تنتهي الانتخابات ينتهي كل شيء، ولكن أملنا لا يزال كبيرا في القيادة السياسية في رفع هذا الظلم والغبن الواقع على هذه المنطقة بحيث يتم ربط مناطقنا بالتيار الكهربائي الذي هو حق من حقوقنا وهذا ما نرجوه».

أطفال يجلبون الماء بواسطة الحمير

يعاني سكان منطقة كورة عطل من انعدام مشروع للمياه في المنطقة، ولهذا يتم جلب الماء على ظهور الحمير عبر الضفة الأخرى من الوادي الذي تقع عليه المنطقة وبهذا الصدد يقول الحاج سعيد مركوز: «تم حفر بئر المياه في منطقة باصيمع عبر الوادي، حيث يضطر الأطفال والنساء إلى جلب الماء على الحمير ولك أن تتخيل كم هي المعاناة التي يعانونها من ذلك، بينما الدولة لا تدري ولا تسأل عن معاناة الناس».

ويتدخل هنا الأخ عبدالله عمر مركوز قائلاً:«المنطقة بحاحة إلى مشروع للمياه من خلال استكمال حفر البئر وكذا توفير خزان للمياه والشبكة، وهناك وعود سابقة أيام الانتخابات، ولكنها ضحك على الذقون، ونحن هنا نطالب عبر جريدة «الأيام» المسؤولين في السلطة المحلية والمجلس المحلي بالاهتمام بمنطقتنا التي تعاني الأمرين سواء كان في المياه أو المجالات الأخرى».

انعدام المدرسة

وحول التعليم في منطقة كورة عطل يقول الأخ عبدالله عمر مركوز:«منطقتنا محرومة من وجود مدرسة لأبنائها ولو حتى الصفوف الأولية، وهكذا تجد أطفالنا يدرسون في عدد من مدارس المديرية وخاصة مدارس خالد بن الوليد ، الرباه ، لمصون، وجول الريدة، حيث تجدهم يمشون يومياً على الأقدام ويقطعون الأودية والمسافات الطويلة بحثاً عن التعليم الذي هو مطلب الجميع.

والمشكلة الأكبر هي أن بنات المنطقة محرومات من التعليم لعدم وجود مدرسة في منطقتنا، ولهذا تتفشى الأمية في منطقتنا بشكل كبير.

لذا فإن الأمل يحدونا في فتح مدرسة في المنطقة، بحيث يستفيد أبناؤها والمناطق القريبة».

وأثناء تجوالنا في المنطقة سألنا بعض أطفال القرية عن الدراسة، فأكدوا لنا أنهم تعبوا كثيرا من التنقل والمشي إلى المناطق الأخرى للدراسة وقالوا بصوت واحد «نشتي الدولة توفر مدرسة».

فهل يستجيب المسؤولون لطلب هؤلاء الصبية بفتح مدرسة ولو حتى الصفوف الأولية .

الزراعة وصعوبات عديدة

وعن الجانب الزراعي تحدث الأخ ناصر أحمد مركوز:«يعاني المزارعون في هذه المنطقة مثل غيرهم من ارتفاع أسعار الوقود واختفائه، وكذا الغلاء الفاحش وارتفاع تكلفة وأجرة الآلات الزراعية، وبالنسبة لهذه المنطقة تشتهر بزراعة الموز مثل بقية مناطق مديرية ميفعة.

إلا أن المزارعين يواجهون صعوبات كبيرة خاصة بعد أن تعرضت أراضيهم الزراعية لجرف السيول ونتيجة للتكلفة المادية المرتفعة حتى عجزوا عن إصلاح الأرض، مما أدى إلى هجرة البعض للزراعة».

وأضاف:«عام 1996م تعرضت المنطقة والمديرية بشكل عام لفيضانات كبيرة جرفت الأرض الزراعية وقد وعدتنا الدولة بإصلاح السواقى والتعويض، ولكن ظلت هذه الوعود حبيسة الأدراج».

ضنك العيش

معاناة الناس المعيشية في قرى هذا المركز كبيرة وقاسية، لاسيما وأن معظم هؤلاء الناس بدون أعمال ومحرومون من التوظيف بينما يعاني المزارعون هنا وضعاً اقتصادياً ومعيشياَ صعباً في ظل ارتفاع الأسعار واختفاء مادة الديزل من الأسواق.

الغلاء همّ يؤرق الناس هنا، والناس تصرخ وتئن من هذا السرطان المسمى (الغلاء).. إنها معاناة حقيقية لأولئك الباحثين عن لقمة عيش شريفة، ومع هذا تجد أن كثيرا من الأسر في هذه العزلة لم تستوعبهم بعد شبكة الرعاية الاجتماعية.

وللسلطة المحلية كلمة

كان لا بد لنا من طرح هذه الهموم التي تعاني منها قرى عزلة بوحر على المسؤولين المحليين، حيث أجرينا اتصالاً هاتفياً أثناء وجودنا في قرية كورة عطل مع الأخ عبدالكريم أحمد جار الله مدير عام مديرية ميفعة، الذي تحدث لـ«الأيام» قائلاً:

«نحن مقتنعون تماماً بالمعاناة الكبيرة التي يعانيها أبناء قرى عزلة كورة بوحر، وخاصة ما يتعلق بمشروع الكهرباء، فقد عانت الناس لسنوات طويلة وحرموا من الكهرباء وضاعوا بين مشروع الكهرباء للمرحلة الأولى والمرحلة الثانية.

وقد قمت شخصياً بزيارتين للمركز من أجل هذا الموضوع وأولينا اهتماماً كبيراً بالموضوع، وتم التواصل مع الأخ المحافظ بشأنه.

وقد تم إنزال مدير كهرباء شبوة إلى كورة بوحر وتجولنا في أنحاء المركز بقراه المختلفة التي لا تزال في الظلام الدامس واطلعنا على حجم المعاناة والظلم الذي وقع بهؤلاء الناس، وأنتم في «الأيام» كتبتم عن هذا الموضوع أكثر من مرة والعمل يجري حالياً على أكثر من صعيد من أجل ربط هذه المناطق بالكهرباء التي تعد الهم الأول لجميع المواطنين، وسنعمل مع الشخصيات الاجتماعية والمشايخ والأعيان والمجالس المحلية معاً بيد واحدة من أجل ضم مناطق بوحر وهي: كورة بوحر، كورة عطل، بن نقيس، السلامة والرملة بالتيار الكهربائي، وإن غداً لناظره قريب».