> «الأيام» أحمد عمر مدي:

كان التلفزيون مغلقا بفندق سقطرى القاطنين به .. لوجود الرياح الشديدة التي تؤثر في تحريك الشبكات. لا توجد مقهى للانترنت بالجزيرة .. فأدركنا بأننا خارج العالم.
الحياة المعيشية في الجزيرة صعبة جدا حيث إن هناك غلاء فاحشا في الأسعار تزيد أسعار بعض المواد عن حضرموت بنسبة 30% والبعض الآخر بنسبة 100%. أما أسعار الخضار في غير موسم الخريف فيباع كيلو الطماطم والبطاطس والموز بثلاثمائة ريال أما في موسم الخريف فلا توجد لأن كلفة النقل بالطائرة ( 500) ريال للكيلو الواحد .. فبكم تباع ؟
تسعيرة الكهرباء المنزلية هي تسعيرة تصاعدية تبدأ من (0 إلى 100) كيلووات بواقع (7) ريالات للكيلو الواحد ومن (101 وما فوق) بواقع (17) ريالا فتبلغ قيمة استهلاك الكهرباء عند المنزل المتوسط (7000) ريال شهريا أما فاتورة الماء فنحو (1200) ريال في ظل متوسط راتب الموظف (30000) ريال ... كيف يعيش هذا الموظف في ظل هذا الارتفاع للأسعار وقيمة الخدمات (كهرباء , مياه , تلفون , موبايل , علاج , تعليم ... الخ) ولهذا فإن كافة المرافق والمؤسسات في الجزيرة أخذت نصيبها من الفساد المالي والإداري المستشري في اليمن .

أما الواقع الصحي فينتشر سوء التغذية بين الأطفال وفقر الدم بين النساء الحوامل بسبب نقص الغذاء في الوقت الذي تشتهر الجزيرة بالأراضي الشاسعة والصالحة للزراعة ووفرة المياه ولكن ليس لها إنتاج زراعي وقد رأيت مبنى كبيراً وجديدا لمكتب الزراعة ولكن لا يوجد إرشاد زراعي وتوجيه ومساعدة المواطنين لزراعة أراضيهم .
يوجد بمدينة حديبو مستشفى قديم تم بناؤه في عام 1975م هدية من الجمهورية الليبية، لكنه غير صالح لأن يكون مستشفى فعند موسم الأمطار تغرق كل العنابر والغرف بالمياه مما يضطرهم إلى إخراج المرضى المرقدين إلى منازلهم .
وهناك مركزان صحيان و (16) وحدة صحية في القرى ولكنها تكاد تكون مغلقة لعدم وجود كادر صحي بها حيث يعمل بها متطوعون مؤهلون بوساطة دورات تطبيقية قصيرة من شهرين إلى ستة أشهر.. هناك مستشفى جديد بدأ العمل في إنشائه اعتبارا من عام 2003م وإلى يومنا هذا لم يكتمل (متعثر) .
نسبة الأمية في الجزيرة بلغت 95% بسبب تدني التعليم والتسرب من المدارس إذ لا يوجد معلم للعلوم العلمية (رياضيات - فيزياء - كيمياء)، الطالب من الريف لا يقدر على مواصلة دراسته الثانوية بالمدرسة الوحيدة بحديبو لعدم وجود السكن.. ومدارس الريف الأهالي يدفعون راتب المعلم والدولة تصرف الشهادة العلمية.. أما الكهرباء فهي تنطفئ يومياً من الساعة الخامسة صباحاً ويعاد تشغيلها في الحادية عشرة ظهراً .. وعند سؤالنا عنها علمنا بأنه عند الانتخابات الرئاسية والمحلية في 2006م أتى الحزب الحاكم بمولدين قوتهما (700) كيلووات وعملوا لاستقبالهما موكبا وطبولا وزغاريد اشتغل أحداهما والآخر كان عاطلاً . شبكة الكهرباء منذ عام 1985م ولها ضحايا كثر من المواطنين ماتوا لسقوط أسلاك الكهرباء بسبب الرياح.. أمل الأشد وطأة على الإنسان فهو عند السفر من الجزيرة فقد أخبرني أحد المعلمين هناك أنه انتظر أسبوعين وحجزه على اليمنية يؤجل بعد أن أكمل كافة أعماله لا يستطيع السفر ولم يسافر إلا بعد دفع قيمة تخزينة قات (3000) ريال لموظف اليمنية .

إنه الفساد .. عدم المحاسبة.
أصبح المواطن يعامل وكأنه حيوان يهان.. يطرد .. يظلم ويتحول الجنود إلى أداة لحماية الفاسدين .. استغربت لحراسة المطار لماذا القوات المسلحة ألا يوجد أمن بالجزيرة؟ أم أن المطار أصبح من المناطق الحدودية غير أنه لا يستقبل إلا رحلات اليمنية فقط من صنعاء وعدن والمكلا .

*عضو المجلس المحلي لمحافظة حضرموت