المفوض السامي للاجئين لـ «الشرق الأوسط»:القرآن الكريم والسنة فيهما ما يكفل حماية اللاجئين

> لندن «الأيام» مينا العريبي:

> يتحدث المفوض السامي للمفوضية السامية للاجئين التابعة للأمم المتحدة أنتونيو غوتيريس بالكثير من الألم عند الحديث عن اللاجئين والنازحين حول العالم. فهذا العام يشهد نموا جديداً لأعداد اللاجئين حول العالم، ووصل عددهم إلى 11.4 مليون لاجئ، مع 26 مليون نازح داخل بلادهم. ووجه غوتيريس تحذيرات من نمو أعداد اللاجئين مع تفاقم الأزمات السياسية وارتباطها بمشاكل أوسع تتعلق بالتغيير المناخي والشحة في المياه والغذاء أمس الأول من لندن، حيث أطلق أسبوعا من الفعاليات لإحياء يوم اللاجئ العالمي، الذي يصادف يوم 20 يونيو من كل عام.

وفي حوار مطول مع «الشرق الأوسط» شدد غوتيريس على ضرورة احترام «حق حماية الضعفاء» ومنح اللاجئين «مكانا آمنا للجوء إليه».

وبما أن نصف لاجئي العالم هم من مناطق عربية أو إسلامية، فهناك ضرورة لتحمل الدول العربية والإسلامية المسئولية تجاه اللاجئين. وعند سؤاله عن القوانين الخاصة بحماية اللاجئين في الدول العربية والإسلامية، رد غوتيريس: «لايحتاجون إلى القوانين الدولية، أو حتى التوقيع على اتفاقية جنيف لعام 1951، فهم لديهم القرآن الكريم الذي ينص على أدق تفاصيل حماية اللاجئ، وأكثر من أي كتاب سماوي آخر». وأضاف: «القرآن الكريم والسنة والحديث فيهما تفاصيل تتطابق مع القوانين الحديثة للاجئين، وإذا طبق المسلمون هذه التعليمات لكانت أفضل قوانين اللجوء».

وأوضح غوتيريس، أن المفوضية السامية تعمل مع الجامعة العربية على نشر كتاب مبني على تفسير فقهاء للدين الإسلامي وتطابقه مع قوانين اللجوء الحديثة لمعالجة قضايا اللجوء.

وبدا غوتيريس متحمسا لإظهار معرفته بتعليمات الإسلام حول اللاجئين، قائلا: «هذه المبادئ تأتي من مبدأ الأمان، وهو مبدأ ممتاز ينص عليه الإسلام، ويرد في سور مثل سورة البقرة وسورة التوبة».

وعلى صعيد آخر، شدد غوتيريس على أن هناك ضرورة لاحترام حق الضعفاء باللجوء إلى دول أخرى في حال مواجهتهم خطرا في بلادهم، محذرا من الخطر على هذا الحق بسبب القوانين الأمنية.

وقال: «التجربة تظهر أنه من الممكن تماما احترام الدولة ضمان أمن مواطنيها والحق السيادي لحماية الحدود مع الاحترام الكلي لطالبي اللجوء والمحتاجين مثل النساء والأطفال».

وأضاف أن على أوروبا أن تبقى «قارة داعمة للجوء» وألا تغلق حدودها «لمن يحتاج للحماية» مع تشديد إجراءات الدخول إلى البلاد بسبب المخاوف الأمنية. وقال غوتيريس إن المخاوف الأمنية لاتبرر غلق الحدود لمن يحتاج إلى اللجوء، موضحا أن «الإرهابي لن يدخل أي بلد من خلال طلب اللجوء، لأن بصماته وكل معلوماته مدونة عند السلطات، وبالتأكيد لن يرغب أي أرهابي في ذلك». وربط غوتيريس بين ضرورة منح الفرص الكافية لمن يحتاج إلى اللجوء ومكافحة الاتجار بالبشر.

وقال: «إذا لم توجد هناك فرص كافية للمحتاجين، فكثيرا ما سيقعون في مشكلة التهريب والاتجار بالبشر»، مضيفا أن الحل يكمن في «تنظيم موجات الهجرة بطريقة أفضل». واعتبر غوتيريس أن «المجتمع الدولي لايفعل ما فيه الكفاية لمكافحة الاتجار بالبشر، خاصة النساء والأطفال، وهي أقبح جريمة في البشرية».

وأضاف: «الحكومات تهتم أكثر بتجارة المخدرات من الاتجار بالبشر، ولكن المهربين يشكلون شبكات دولية من الجريمة، وعادة ما ترتبط بجرائم دولية أخرى».

وتحدث غوتيريس مطولا عن الأزمات حول العالم التي تتفاقم وتزيد من عدد اللاجئين، وعلى رأسها الأوضاع في العراق والسودان وأفغانستان.

وقال إن في المرحلة المقبلة سيشهد العالم «ترابطا أكبر بين الأزمات الاقتصادية والتغيير المناخي مع الأزمات السياسية، مما سيفرض أنماطا جديدة من الهجرة الإجبارية، وتزيد من عدد اللاجئين». ولفت إلى أن بعض الأزمات «ستكون حلولها سياسية بحتة»، مثل العراق وأفغانستان، بينما أزمات أخرى ستكون حلولها مرتبطة بالاقتصاد والبيئة وغير ذلك. وفي ما يخص العراق، شدد غوتيريس على ضرورة منح المجتمع الدولي اللاجئين العراقيين «المساحة الضرورية» للجوء.

وأضاف أن المفوضية السامية تطلب من أوروبا عدم إعادة العراقيين إلى وسط العراق وجنوبه، موضحا: «يمكن إعادة العراقيين إلى الشمال فقط، بالنظر إلى كل حالة على حدة، فالأوضاع غير جاهزة بعد لعودة اللاجئين».

ورحب غوتيريس بتسليم العراق مكتب المفوضية السامية للاجئين 8 ملايين دولار لمساعدة اللاجئين العراقيين، موضحا: «كل دعم مفيد، وهذا المبلغ هو جزء من مبلغ 25 مليون دولار أعلنت الحكومة العراقية عنه العام الماضي للاجئين في الأردن وسورية ولبنان ومصر، وبعد مصاعب في تسليم الأموال في الأردن تم الاتفاق على تسليمها لنا». ولكنه لفت إلى أن هناك حاجة لأن تفعل الحكومة العراقية المزيد من أجل مليوني نازح ولاجئ خارج العراق، قائلا: «الأوضاع صعبة جدا جدا للعراقيين في الدول المجاورة، خاصة سورية، مع ارتفاع أسعار الغذاء ونفاد الأموال الموفرة لديهم».

وشدد غوتيريس على الحاجة إلى المزيد من الدعم للاجئين العراقيين، قائلا: «من الضروري جدا للمستقبل أن تتواصل الحكومة العراقية مع العراقيين في الخارج». واعتبر أن هذا الربط «ضروري لدعم جهود المصالحة الوطنية في العراق، ففي النهاية حل مشكلة اللاجئين العراقيين يعتمد على عودتهم إلى بلدهم، لايوجد خيار آخر». ونبه غوتيريس أن الحديث عن عودة العراقيين «ليس كلام شعارات سياسية، وإنما أمر واقعي يجب دعمه فلا يوجد خيار آخر على المدى البعيد».

وشدد غوتيريس على أهمية «العودة الطوعية» وعدم إجبار العراقيين على ذلك، موضحا أن «الحكومتين الأردنية والسورية أعطتنا التزامات رسمية، بعدم إعادة العراقيين إجباريا».

ولقد سجلت المفوضية السامية 200 ألف لاجئ في سورية و100 ألف في الدول المجاورة، بينما قدمت طلبات 30 ألف عراقي للجوء في دول أخرى.

وصرح غوتيريس بأن المفوضية السامية تعمل مع الحكومة العراقية على الاستعداد لعودة العراقيين «في المستقبل، وعندما تتوفر الظروف الملائمة».

وفي ما يخص السودان، قال غوتيريس إن الحكومة السودانية لم تمنح المفوضية السامية حق الوصول إلى مخيمات نازحين في دارفور حتى الآن. وأوضح أن هذا الرفض يأتي ضمن «مصاعب الحكومة السودانية في قبول أن هناك مسئولية دولية لحماية الآخرين، وتعتبر أن حمايتهم مسئوليتها وحدها». وأضاف أن الجهود متواصلة للتوصل إلى اتفاق مع الحكومة السودانية.

عن «الشرق الأوسط»

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى