أرخصوا الأسعار قبل أن تسترخصكم

> «الأيام» إبراهيم أحمد بامفروش:

> جاء في الأثر أن الناس في زمن الخليفة الثاني عمر بن الخطاب (رضي الله عنه) جاءوا إليه وقالوا: نشتكي إليك غلاء اللحم فسعّره لنا، فقال: أرخصوه أنتم؟.

فقالوا: نحن نشتكي غلاء السعر واللحم عند الجزارين، ونحن أصحاب الحاجة، فتقول: أرخصوه أنتم؟! وهل تملكه حتى ترخصه؟ وكيف نرخصه وهو ليس في أيدينا؟!.

فقال قولته الرائعة: اتركوه لهم.

وتذكر كتب التاريخ أنه «قيل لإبراهيم بن أدهم: إن اللحم قد غلا..!!. فقال: أرخصوه أي: لاتشتروه. وانشد في ذلك:

وإذا غلا شيء علي تركته .. فيكون أرخص ما يكون إذا غلا».

إن عمرا (رضي الله عنه) يرسم لنا نظرية اقتصادية بسيطة، ولكنها عظيمة الأثر، كبيرة النفع، وهي الموازنة بين الطلب والعرض، فمن المعلوم أنه عندما تحدث زيادة في الطلب على سلعة ما، فإن الأسعار ترتفع تبعا لذلك، مما يؤدي إلى تراجع الناس عن الشراء، فيحدث توازن بين الطلب والعرض، فزيادة الأسعار أدت إلى خفض زيادة الطلب، وبالعكس إذا كان الطلب أدنى من العرض، فإن الباعة يتوجهون إلى خفض أسعارهم، وعندئذ تختفي زيادة العرض.

فهل نعمل بوصية عمر رضي الله عنه للتغلب على لهيب الأسعار الذي أحرق أموال الكثيرين منا، خاصة أننا غير مطالبين بالتخلي عن بعض السلع الحيوية كاللحم، فقائمتنا تحوي الكثير من البذخ والترف الذي يثقل كواهل جيوبنا، وبقليل من العزم والإرادة والتفكير السليم نستطيع توفير الكثير من أموالنا التي ينتهي بها المطاف في كثير من الأحيان إلى جيوب أعدائنا، ولو ألقينا نظرة خاطفة على بعض الإحصاءات في دولنا لأصبنا بالذهول من حجم الإنفاق الرهيب ليس على الضرورات والحاجات فحسب بل على كماليات الكماليات، ولا شك أن هذه الإحصاءات تشير إلى آفة عظيمة، ومصيبة عميقة، وطامة أليمة، ألا وهي الترف والإسراف.

القاصي والداني يعرف ما حصل لبعض البضائع الدنمركية عندما قاطعها الناس واستبدلها بسلع أخرى، كيف تهاوت أسعارها بشكل كبير حتى وصلت إلى النصف تقريبا.

فهل نبادر إلى تغيير سياستنا في إدارة أموالنا التي جعل الله لنا، قياما بما يتوافق مع التحديات التي تصبحنا وتمسينا، وهل ننبذ العشوائية والفوضوية والسطحية في التعامل مع ما يواجهنا من نوازل ومشكلات، وهل نخشوشن ونوقن بأن النعم لاتدوم؟.

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى