رجال في ذاكرة التاريخ

> «الأيام» نجيب محمد يابلي:

> 1. الشهيد عمر الرخم ..الميلاد والنشأة.. آل الرخم وآل الجفري من سادة دثينة، حيث ينحدر آل الرخم من السادة آل السقاف وتربطهم صلة صهارة بالسادة آل الجفري الدثنيين. ضيف حلقتنا السيد عمر عبدالله الرخم من مواليد قرية جحين (ويطلق عليها قرية السادة) بدثينة في أكتوبر 1942.

انتقل السيد عمر الرخم في سني طفولته إلى عدن، حيث عمل والده، السيد عبدالله الرخم (السقاف) في الشرطة المسلحة (آرم بوليس) ARMED POLICE. تلقى السيد عمر الرخم مرحلتي دراسته الابتدائية والمتوسطة في مدارس عدن، وأكمل عاما واحدا فقط من دراسته الثانوية ليعين أسرته، والتحق بالسلك العسكري جنديا متدربا بقسم الموسيقى، التابع لجيش محمية عدن (APL) (الليوي)، وخلال السنوات الأربع التي قضاها في الموسيقى العسكرية، تمكن عمر الرخم من إجادة العزف على آلة البوق والطبل وآلة السكس فون.

الرخم في الشرطة المدنية

انتقل عمر الرخم في بداية العام 1962 إلى (الشرطة المدنية) CIVIL ،POLICE وكان الرخم رحمه الله منخرطا في الدراسة المسائية لتأهيل نفسه، وأصبح يجيد الإنجليزية كتابة ونطقا، وانتقل من العمل شرطيا إلى قسم آخر من الأمن العام يتبع محكمة عدن (في شؤون القضايا الجزئية) ودفعه طموحه للالتحاق بدورة ضباط الشرطة، ولدراسة القانون بالشرطة العسكرية.

عمر الرخم والشاهد على العصر سعيد عولقي

قدم الزميل سعيد عولقي شهادته للتاريخ في كتابه المرجعي (سبعون عاما من المسرح في اليمن) عن عمر الرخم في الصفحات (160-151 و 183-176) وجاء في الشهادة: «وقد كان (أي عمر الرخم) رحمه الله علاوة على موهبته الفطرية في التأليف رغم ثقافته المحدودة، ممثلا بارعا وعاشقا أصيلا للفن المسرحي، وقد شكل فرقة للتمثيل سميت (نادي الجنوب للتمثيل) في منطقة الشيخ عثمان من مجموعة من الشباب من هواة التمثيل والمسرح، وكنت أحد أولئك الشباب، وكان يرأس الفرقة أو يدير نشاطها، ويؤلف أعمالها الدراسية ويقوم بالأدوار الرئيسية في تلك الأعمال، ولقد قدمت الفرقة بين عامي 1966 و 1967 ست مسرحيات في برنامج مسرح التلفزيون ومسرحية واحدة على خشبة المسرح باسم (من على امسوم) وهي كوميديا سياسية ساخرة باللهجة الريفية، أدت بعد عرضها إلى اعتقال أعضاء الفرقة للتحقيق معهم بسبب خروج المسرحية عن المألوف وتعريضها بالسلطة الحاكمة». (ص 151).

الرخم والأداء المتميز باللهجة الريفية

بشير سعيد عولقي إلى تميز الرخم في توظيف اللهجة الريفية: «ويعتبر المرحوم عمر الرخم بحق رائد ذلك اللون من المسرح، وأول من قدمت له مسرحيات ناجحة باللهجة الريفية برغم صعوبات الكتابة باللهجة وتعدد لهجات مناطق الريف اليمني.. رغم ذلك فتح عمر الرخم الباب واسعا أمام دخول اللهجة الريفية إلى المسرح، ودخولها بالتالي إلى قلوب المشاهدين».

ويضيف سعيد عولقي بأن المسرحيات الست التي قدمتها الفرقة ضمن برنامج مسرح التلفزيون هي (بنت امربيع) و(الأرملة وابن الشيخ) و(أبو الويل) و(البريء والضحية) و(جحيم الشك) و(أنا الجندي). وأفاد سعيد عولقي بأنه قد شارك في تمثيل أدوار ثانوية في كل تلك الأعمال.

عمر الرخم ونور الهدى يشكلان ثنائيا ناجحا

يفيد سعيد عولقي في كتابه التوثيقي (مرجع سابق / ص 152): «وبالإضافة إلى بروز عمر الرخم كممثل جيد، لمع اسم (نور الهدى أحمد بن أحمد) كممثلة موهوبة من الدرجة الأولى، علاوة على إتقانها اللهجة الريفية، وهي اللهجة التي قدمت بها تلك الأعمال جميعها باستثناء مسرحية (البريء والضحية)، وإجادة اللهجة الريفية بين صفوف العناصر النسائية التي بدأت مشاركتها في المسرح تتزايد في ذلك الوقت لم يكن أمرا سهلا، بل إن من أبرز الصعوبات التي واجهها مسرح عمر الرخم هي العثور على العنصر النسائي الذي يجيد اللهجة الريفية إجادة حقيقية لاتخل بشخصيات المسرحية، ولولا نور الهدى في تمثيلها الجيد وإجادتها للهجة لعانى مسرح الرخم من فراغ كبير من الصعب ملؤه».

عمر الرخم في صفوف القطاع الفدائي

كان عمر الرخم، رحمه الله، من الشباب الذين انخرطوا في صفوف العمل المسلح كأحد المقاتلين في فرقة سند والرسول، إحدى فرق التنظيم الشعبي للقوى الثورية، وكان قائد تلك الفرقة محمد ناصر القرح، واسمه التنظيمي (مختار)، وهو أيضا من السادة آل السقاف الذين انتشروا في صفوف سند والرسول، وهم السيد عيدروس السقاف، والسيد صالح السقاف، الذين لم يربطهم خندق واحد وحسب، بل وتربطهم صلة قرابة.

مرت المنطقة بأحداث مؤسفة وبدلا من أن يوجه الثوار فوهات بنادقهم إلى صدور قوات الاحتلال وجهوها إلى صدور بعضهم بعضا فانفجرت حربان أهليتان، الأولى كانت في أغسطس 1967، والثانية في نوفمبر من نفس العام، وحسمت باعتراف قيادة الجيش الاتحادي بالجبهة القومية في 6 نوفمبر 1967.

كان الشهيد عمر الرخم يقود مجموعة فدائية في منطقة دارسعد ضد مجموعة أخرى من الجبهة القومية في الحرب الأهلية الأولى، واستشهد في تلك المعركة عن عمر ناهز الخامسة والعشرين عاما بعد مشوار كفاحي إبداعي وعسكري، مخلفا وراءه رصيدا من الأعمال المسرحية (مؤلفا ومخرجا وممثلا) إلى جانب رصيد من الأعمال العسكرية، وخلف أيضا أرملة وثلاثة أبناء هم: خالد، ضابط في وزارة الداخلية برتبة (رائد) وشكري وأحمد.

وسام 30 نوفمبر من الدرجة الأولى وإعانة قدرها 1800 ريال

ورد ضمن الأوراق المقدمة من الأسرة عن حياة الشهيد عمر الرخم أنه حصل على عدد من الأوسمة كان آخرها (وسام 30 نوفمبر) من الدرجة الأولى، وهو تقدير كبير للشهيد تنسبه الأسرة لفخامة رئيس الجمهورية الأخ علي عبدالله صالح، إلا أن جهود ومتابعات الأسرة لم تفلح في تحريك الإعانة الشهرية التي تمنحها وزارة الداخلية لأسرة الشهيد وقدرها (1800) ألف وثمانمائة ريال.

كان الشهيد عمر عبدالله الرخم من منتسبي وزارة الداخلية، وكان أيضا مقاتلا في صفوف الثورة، فهل تعيد الوزارة ومنظمة مناضلي الثورة ورعاية أسر الشهداء النظر في استحقاق أسرة الشهيد عمر الرخم لتضمن الأسرة حياة كريمة؟.

2. الفقيد محمود أربد

الميلاد والنشأة

الفقيد محمود محسن أربد من مواليد لحج يوم 11 نوفمبر 1944، تلقى مراحل تعليمه في لحج، وانتفع وتأثر كثيرا بالمناخ الثقافي والفني في لحج وعدن، وحصل على دورات تأهيلية خارج الوطن، منها دورة في الإخراج الإذاعي في جمهورية ألمانيا الديمقراطية (GDR) في منتصف سبعينات القرن الماضي.

سعيد عولقي شاهد على العصر

كان الزميل سعيد عولقي ناشطا مبدعا في مجالات القصة القصيرة والمسرحية والتمثيل والكتابة الصحفية، وقد وثق للمسرح في اليمن على مدى عقود سبعة في كتاب توثيقي اسماه (سبعون عاما من المسرح في اليمن) في (400) صفحة، وورد في الصفحة (147): «وخلال فترة دوام برنامج (مسرح التلفزيون) التي استمرت منذ عام 1965 حتى منتصف عام 1969 لمعت أسماء كثيرة من المؤلفين المسرحيين، وظهرت لأول مرة أسماء مؤلفين جدد أغلبهم يكتبون الدراما للمرة الأول، ومن خلال هذا البرنامج ثبت كثيرون أنفسهم كمؤلفين أو ممثلين أو مخرجين مساعدين خلال هذه الفترة، ومن المؤلفين نذكر الأستاذ عمر عوض بامطرف ومحمود لقمان وأحمد شريف الرفاعي وعلي عوض بامطرف وأحمد عبده حمزة والدكتور محمد عبده غانم وعبدالمجيد القاضي والسيد عمر الرخم وعلي صالح مسيبلي ومعتوق عبدالباري ومحمد مدي ومحمود أربد وأمين محمد سيف وسعيد عولقي وعلي بن علي لقمان وأحمد محمد الشميري وآخرين».

ومن المشاريع المشتركة بين محمود أربد وسعيد عولقي، ورد في صفحة (246) من المرجع المذكور سلفا، أن فرقة المسرح الحديث قدمت في عرض معاد (المهزلة الإدارية) من تأليف سعيد عولقي وإخراج محمود أربد.

إبداع أربد في إخراج القرار لبريشت

ورد في الصفحتين (280) و (281) من كتاب سعيد عولقي أن مجموعة عروض مسرحية قدمت في أكتوبر 1978، منها مسرحيتان للمسرحي الألماني برتولد بريشت، الأولى (القرار) من إخراج محمود أربد، تمثيل فرقة محافظة لحج، والثانية (القاعدة والاستثناء)، إخراج أحمد محمد الشميري، تمثيل فرقة أكتوبر المسرحية في الشيخ عثمان.

يضيف سعيد عولقي: «والسؤال الذي يثيره بريشت في نصه.. أو أنه يريدنا أن نثيره بعد مشاهدة نصه هو (هل هذا القرار أو الحكم عادل أم لا؟)». ويختتم سعيد عولقي شهادته: «وقد أبدع محمود أربد في إخراجه لهذه المسرحية، ساعده في ذلك بساطتها ووضوحها، وقدمها لنا بدون تعقيدات، وبسلاسة أكد بها مقدرته وتمكنه من أدواته وفنه في الإخراج، كما بذل جهودا واضحة في تدريب الممثلين وجعلهم يؤدون أدوارهم باقتدار لفت الأنظر».

أربد واتحاد الفنانين اليمنيين الديمقراطيين

عقد المؤتمر التأسيسي لاتحاد الفنانين اليمنيين الديمقراطيين خلال الفترة 24/ 25 أغسطس 1976، وكان الفقيد محمود أربد من مؤسسي الاتحاد، وتقلد عدة مناصب في قيادة الاتحاد، سواء في السكرتارية العامة أم المجلس المركزي، وحصل على وسام التكريم في المؤتمر الرابع لاتحاد الفنانين.

قدم الفقيد محمود أربد عشرات الأعمال من تمثيليات ومسرحيات ومسلسلات إذاعية، وأهم المسلسلات:

1) مذكرات صائم 2) يوميات رمضان 3) مستر عويضان 4) الأرض 5) من ملفات القضاء 6) شوربان الجديد 7) العقد الفريد (ثلاثة أجزاء) 8) صنعاء مدينة مفتوحة 9) الرهينة.

ورد في شهادة تلميذة وزميلة أحمد عبدالله سعد (في ذكرى محمود أربد «14 أكتوبر» العدد (13356) الأربعاء 2006/3/29 بأن «الأستاذ محمود أربد انفرد بمعالجة درامية إذاعية راقية لرواية محمد عبدالولي (صنعاء مدينة مفتوحة)».

منظمة الصحفيين واتحاد الفنانين ينعيان محمود أربد

نشرت الزميلة «14 أكتوبر» في عددها الصادر يوم الإثنين 14 مارس 1988 بيان منظمة الصحفيين واتحاد الفنانين اليمنيين الديمقراطيين، نعتا فيه وفاة المخرج محمود محسن أربد مساء الأحد 13 مارس 1988، وقدمت بعض البيانات الهامة عن مشوار حياته وإبداعه، وورد فيه أيضا أن للفقيد (8) أولاد، وأن جثمانه سيشيع إلى مثواه الأخير بعد صلاة العصر عليه (عصر نفس اليوم الإثنين) بمسجد أبان في كريتر.

نعي من اتحاد الأدباء ونقابة عمال الثقافة ووفاء من الشميري

نشرت الزميلة «14 أكتوبر» في عددها الصادر يوم الثلاثاء 15 مارس 1988 نعي اتحاد الأدباء والكتاب اليمنيين في عدن بوفاة المبدع محمود محسن أربد، ونشرت في عددها الصادر يوم الأربعاء 16 مارس 1988 نعي السكرتارية العامة لنقابة عمال الطباعة والثقافة والإعلام بوفاة المبدع محمود محسن أربد، وكانت الإضافة الجميلة في النعي، أنه قضى نحبه «وهو يؤدي واجبه الوطني في استديوهات الإذاعة المركزية».

كما نشرت الزميلة «14 أكتوبر» في عددها الصادر يوم الأحد 27 مارس 1988 موضوعا أعده زميله في الإبداع أحمد محمد الشميري، موسوم بـ «سلام عليك يا أربد»، شدني فيه مقدمته عندما كتب: «صدق أوسكار وايلد حين قال ليست الحياة موسيقى خالصة، وليست دموعا خالصه، إنما هي مزيج من الموسيقى والدموع».

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى