الأيفوع جوهرة المواسط.. من يجبر بخاطرها

> «الأيام» محمد العزعزي:

>
حازفان أسفل أيفوع بمديرية المواسط في محافظة تعز مجهدة الأرض والإنسان.. وتنقسم الأرض الزراعية فيها بين الجبل والوادي، وتتميز هذه المنطقة بأشجارها الكثيفة دائمة الخضرة كالنخيل والمانجو والأشجار المعمرة الضخمة.

علاقة متبادلة بين كبرياء الإنسان وعشقه للأرض ومابين الوجع والنسيان الرسمي الذي زاد من انتشار الفقر وتخشب العواطف وجرف السيل لمزارعهم فتتبعثر حبات المانجو، وتضيق زوايا التجدد وتتآكل الأجساد، وتعيش الأيفوع الزمن اليماني وتفور الدمعة في الأحداق فلا يطيب خاطرهم أحد.. والحياة هناك شهادة خلود في عصر انحسار الفرح واتساع الفقر المجاني، وانعدام حبة الدواء وتباعد المسافات بين فجوات الأرض وأزمات السكان حتى اعوجت الحياة بكدر العيش وارتعاش الأيدي ومنجزات الوهم.

جغرافية المكان

تتكون الأيفوع من جبال وأودية زراعية منبسطة أهمها وادي حازمان أسفل وادي الحنيشة والهريع وعرمة والمقصابة، وتنتشر قرى عديدة في الأيفوع مثل (متن، البقور، حيجنة، الأكمة، المدفع، خدمة، القبع، الأبيرح، جبل ودن، المفروض، المصارف، الهيلع، المشراح، الضغرين، هيجة، عبيد، حجوف، دار القحفة، المقصابة).. وترتفع الجبال المحيطة بالأودية كـ(جبل حازمان، الأكمة، القبع، السحم، ودن، هداد، الزنو).. وعدد السكان نحو 5000 نسمة، أغلبهم مهاجرون.

معاني الأماكن

أيفوع: التلال المرتفعة من الأرض ومفردها ميفعة ما ارتفع من الأرض (المنجد) وتعني صعود الجبال والمجد العالي وكل مرتفع فهو يفع (أساس البلاغة).. حازمان: ضبطك لأمر نفسك بالشقة وما احتزم السيل من فجوات الأرض (العين).. المقصابة: أرض مقصبة كثيرة القصب (أساس البلاغة).. الحنيشة: أرض كثيرة الأحراش والصليحة (من أسماء مكة).. وجحوف: ترس من جلد.. وقبع: توارى واختفى، والمدفع الفقير مدفوع عن المكارم، وحجنة الطرف المعوج (أساس البلاغة).. والمصارف: تصريف المياه أخماس (تاج العروس).. مقروض: لسع البراغيث (التاج).. متن: الأرض الصلبة والمستوية (التاج).. ودن: ميدان السباق والودن: النعمة (المحيط).

المياه

تعتمد العزلة على المياه الجوفية، وفي السنوات الأخيرة انخفض منسوب الماء بسبب السحب الجائر، وزادت معاناة الناس، وتذهب السيول هدرا في فصل الصيف، ومعظم الآبار سطحية ولاتوجد سدود، ويعتمد البعض على السقايات جوار المساكن لتخزين مياه الأمطار.

وفي هذا الصدد تحدث إلينا الشيخ أحمد شمسان ردمان قائلا:«اختفت المياه السطحية الجارية في السنوات الأخيرة، فقد كان الوادي يتلقى كميات كبيرة تأتي من ذبحان ويعتمد عليها المزراعون في السقي بفصل الشتاء.. وتعتمد الأيفوع على الآبار للشرب، ويوجد 300 عداد وقد كان المشروع متعثرا والآن جيد بفضل الإدارة الجديدة، لكن في الشتاء وأثناء التعطيل تذهب النساء لمسافات بعيدة لجلب الماء على ظهور الحمير، وهناك بركة المصنعة تحتاج إلى ترميم، وهي قديمة كانت تغطي المساكن من المياه في قرية المصنعة».

جرف التربة

وتحدث إلينا المزارع علي أحمد غانم قائلا:«الأمطار الغزيرة التي هطلت يوم 2008/6/20م جرفت بعض أجزاء مزارع المواطنين، وخاصة الواقعة على المسيلات فأحدثت أضرارا بالتربة الزراعية والأشجار، وقد وعدنا من عدة جهات في السنوات الماضية بإصلاح الأضرار، وطالبنا الدولة إقامة سواتر حجرية على مدارب السيول، وتعويض المزارعين عما لحق بهم من كوارث، ولكن لاجدوى ولاحياة لمن تنادي.. وزادت التربة انجرافا هذا العام».

وفي ذات السياق قال فهمي عبدالسلام (جندي):«أرضنا تضررت بالجرف، ونطالب الدولة بحلول، ونأمل بناء حواجز لكسر تيار السيول التي تداهم الأرض والإنسان والأشجار».

الطرق

كل الطرق التي تربط العزلة بالعزل المجاورة وعرة وتنقطع في موسم الأمطار، وتحتاج كل الطرق إلى شق ورصف، ولاتوجد طرق صالحة للسير».. وفي هذا الصدد تحدث إلينا الشيخ أحمد شمسان قائلا:«طريق قرية متن تنقطع عند سقوط الأمطار ويضطر الأهالي إلى إصلاحها على نفقتهم، وكذلك طريق المدفع تمر بسائلة وترتفع أجور المواصلات للقرى المرتفعة بسبب وعورة الطريق».

التعليم

توجد مدرستان هي المدفع وسلمى وهما للتعليم الأساسي، ولاتوجد فصول للثانوية، وتضطر الطالبات الذهاب إلى مدارس العزل المجاورة، وقد أنشئت مدرسة المدفع قبل 20 عاما بحازمان أسفل وعدد الطلبة 750 .. وتعاني المدارس عجزا في الكادر والوسائل والمعامل، وعدد المعلمين 16.. وتمَّ نقل عدد منهم ولم يعوض مكتب التربية بدل المنقولين، وعددهم ثمانية.

الصحة

لاتوجد وحدات صحية وتضطر النساء للولادة في المنازل بالطرق البدائية، ويتعرض بعضهن إلى الوفاة بسبب الحالات المتعسرة..وتنتشر عدة أمراض في المنطقة كالملاريا والتيفوئيد والإسهالات الحادة عند الأطفال والحميات المختلفة، وترتفع وفيات الأطفال الرضع لانعدام الرعاية الصحية.

الزراعة

يعتمد السكان على زراعة الحبوب كالذرة الشامية (الهند)، سنيسل، الدخن، الغرب، الذرة الصفراء التي تحتاج إلى كمية كبيرة من المياه لأن فترة زراعتها 3 أشهر، والغرب والفواكه (المانجو) يتأثر بالمناخ، فالرياح تضربه فيصاب المزارع بخسارة، والنخيل الذي قل عدده، والموز، واختفت زراعة قصب السكر.. ويغطي المواطن احتياجه من الغذاء بواسطة القمح المستورد الذي يصل سعره إلى 7500 يضاف إليه أجرة المواصلات.

وتحدث المواطن عبده هائل قائلا:«توجد ثروة حيوانية في المنطقة كالأبقار والأغنام والدواجن».. وأضاف:«غالبية الناس فقراء وحالات الضمان الاجتماعي يحرم منها الفقراء ويحصل قلة عليه، وخاصة الميسورون».

رموز اجتماعية

يفتخر أبناء المنطقة برموز ساهموا في حركة التحرر الوطني جنوبا وشمالا، ومنهم عبدالصمد سعيد محمد رحمه الله، وعبده محمد مدش شهيد شارع المعلا في عدن 1966م على يد البريطانيين الذي كان عضوا في جبهة التحرير، وأحمد شمسان ردمان عضو التنظيم الشعبي للقوى الثورية وسعيد أحمد الحاج والشهيد عبدالله غالب الحاج عضو حركة القوميين العرب وعلي عبدالوهاب وغالب صالح رحمه الله .

الخاتمة

مهما تكن الأحزان فلابد من تجاوزها لإسعاد الناس بالخدمات ورعاية المعدمين، وانعاش التعليم، والرفق بالمزارعين ومساعدتهم بشراء منتجاتهم من قبل الدولة بأسعار ثابتة، والحفاظ على الأراضي من خطر الانجرف، وشن حرب بلاهوادة على الوباء والإملاق وتحرير الإنسان من عبوديتهما، وإخراجهم من دوائر الإحباط واحترام إنسانية الإنسان بالحق والعدل، وآن الأوان للنزول الميداني للسلطات الرسمية لتتعرف على احتياجات السكان، ورفد العزلة بمنجزات حقيقية لا وهمية.. فهل آن الأوان لإصلاح ما أفسده الدهر؟! وتحويل ليل الأيفوع إلى نهار من وضع أشبه بالكارثة.

وبالرجاء والأمل ناشد المواطنون محافظ تعز والقيادة السياسية وضع الحلول العاجلة لانتشال العزلة من حياة القرون الوسطى ومدهم بما تيسر من المشاريع لضمان حسن المواطنة، وإنصاف هذه العزلة المعزولة ذات الجمال الخلاب.. فمن يخفف عن أهلها الغلاء والوباء ويمنحهم الأمل والأمان بالأرض المنسية؟!!.

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى