رجال في ذاكرة التاريخ

> «الأيام» نجيب محمد يابلي:

> -1 الفقيد محمد حسين امذروي..الميلاد والنشأة.. الفقيد محمد حسين أمذروي من مواليد عام 1932 في قرية ذروة بمكيراس إحدى أبرز مدن السلطنة العوذلية آنذاك، ونشأ وترعرع فيها. التحق في العام 1954 بشركة مصافي الزيت البريطانية (B.P) بوظيفة ملحم.

نشط الفقيد محمد حسين امذروي في ثلاث جبهات: الجبهة السياسية، الجبهة العمالية، جبهة الجمعيات.

الرئيس علي ناصر محمد يدلي بشهادته للتاريخ

تم اقتطاع جزء بسيط من لقاء أجرته مجلة «النهج» مع الرئيس علي ناصر محمد من ضمن مواد أخرى جمعت الكتاب المكرس لتأبين الفقيد امذروي، حيث أفاد الأخ الرئيس بأن قيادة حركة القوميين العرب موزعة على عدن وصنعاء، ففي عدن كان هناك فيصل عبداللطيف وعلي السلامي وآخرون، وفي صنعاء كان هناك سلطان أحمد عمر، قحطان، عبدالقادر سعيد، عبدالرحمن محمد سعيد، وعبدالحافظ قايد.. القيادة كانت واحدة والتنظيم واحد لشطري اليمن.

تحدث الأخ الرئيس عن الاهتمام الذي أولاه تنظيم الحركة للعمل النقابي وسط العمال للحد من سيطرة حزب الشعب الاشتراكي، وكان التركيز على مصفاة عدن، وعقدت عدة لقاءات في أحد منازل عدن الصغرى، ومن المشاركين: محمد حسين امذروي، محمد هيثم علي، أحمد صالح الشاعر، عبدالله مطلق، أحمد الحريبي، أحمد ثابت، أحمد حيدر عبدالله، صالح محمد المفلحي، فاروق مكاوي، ومحمد صالح عولقي، وفي ضوء الاجتماع تشكلت هيئة قيادية من محمد هيثم، امذروي، محي الدين أحمد سعيد، أحمد صالح الشاعر، فاروق مكاوي، وقاسم غانم.. (كتاب التأبين: ص 95 و 96).

المناضل الوطني والعمالي عبدالقادر أمين في شهادته للتاريخ

انتخب الفقيد محمد حسين امذروي لقيادة نقابة عمال مصافي الزيت البريطانية عام 1961 بعد عام واحد من انضمامه إلى فرع حركة القوميين العرب في عدن. (كتاب التأبين - علي عبدالله حنيش. ص 66).

وورد في ذكريات المناضل الوطني والعمالي عبدالقادر أمين مع الفقيد امذروي (ص 57) أنه تعرف على الفقيد امذروي في نهاية 1964 وجمعتهما الصلة التنظيمية وبالذات في المرتبة العمالية المسئولة عن نشاط الحركة النقابية في الجبهة القومية. وأفاد أمين أنه تعرف على الفقيد «بواسطة زميلي الدراسة في الطفولة أحمد صالح الشاعر ومحمد صالح عولقي، من القيادات النقابية الثورية في فرع المصافي، وكانت تجمعني بهما صلة زمالة دراسية منذ الصغر».

يضيف عبدالقادر أمين «وكان له دور بارز في الإعداد مع رفاقه النقابين لإضراب أكتوبر 1965، وإضراب 19 يناير 1967، وإضراب 11 فبراير 1967، وكل هذه الإضرابات البارزة والهامة في تاريخ ثورتنا كانت تدعو إليها الجبهة القومية وتؤيدها علنا النقابات الست».

شهادة الفاطمي ومسود عن دور امذروي في الجمعيات الوطنية

قدم المناضلان الوطنيان علي محمد الفاطمي ومحمد عبدربه مسود شهادتهما الموحدة عن دور الفقيد محمد حسين امذروي في الجمعيات الوطنية، وأشارا إلى دوره في تأسيس جمعية العواذل كجمعية خيرية في ظاهرها، وسياسية في باطنها، والتقى لهذا الغرض عام 1958 في منزل امذروي بمنطقة سي كلاس في (البريقة) كل من امذروي، الفاطمي، مسود، أحمد صالح الشاعر، عمر محمد مصور، وعلي عوض أحمد وآخرون.. وعقدوا الاجتماع التأسيسي للجمعية.

ويضيف الفاطمي ومسود (مرجع سابق ص 50): «وكان للجمعيات دور إيجابي، حيث دعمت تأسيس الجبهة القومية والمرحلة اللاحقة لذلك، ومن تلك الجمعيات جمعية العواذل، جمعية الضالع، جمعية لواء البيضاء، جمعية ميون والاتحاد اليافعي، وانضمت إليها جمعيات أخرى لاحقا.

كما برزت رموز تلك الجمعيات، ومنهم عبدالله علي حسين، محمد عمر ميوني، سالم عبدالله الدماني، محمد علي عماية، محمد صالح الوالي، وعلي صالح سعيد.

الدور السياسي والعسكري للفقيد امذروي

التحق الفقيد محمد حسين امذروي بصفوف حركة القوميين العرب في عدن عام 1960، وأسهم في تكوين الجيوب السرية الأولى لفرع تنظيم حركة القوميين العرب، وفيما بعد الجيوب السرية لتنظيم الجبهة القومية في بداية ستينات القرن الماضي، فيما كان يسمى بالعواذل دثينة.

اشترك في عدة عمليات عسكرية بمنطقة عدن الصغرى، حيث تسكن أسرته. اعتقل عام 1965 في سجن مربط بالتواهي وتعرض للتعذيب، وعلى إثر ذلك سافر إلى قريته ذروة (التي تقع في مركز مكيراس حاليا)، واعتقل مرة أخرى عام 1966، وسافر مرة أخرى إلى قريته ذروة ونشط في المنطقة سياسيا وعسكريا، وشارك مع رفاقه في إسقاط منطقة العواذل، وعين عضوا في القيادة المحلية (مرجع سابق - علي عبدالله حنيش: حياة الفقيد في سطور ص66).

أبرز ثلاث محطات في حياة الفقيد امذروي

شغل الفقيد محمد حسين امذروي منصب ضابط اتصال في الإدارة العامة للإصلاح الزراعي خلال الفترة من سبتمبر 1968 حتى يوليو 1969، وعين بعد ذلك محافظا للمحافظة الثالثة (أبين) خلال الفترة من يوليو 1969 حتى مايو 1971، وعين بعد ذلك مديرا عاما للمشاريع اليمنية السوفيتية من يوليو 1971 حتى وفاته في 15 أكتوبر 1984. وكان الفقيد قد حصل على دورة قصيرة في ألمانيا الديمقراطية في مجال الإدارة الاقتصادية عام 1969.

برزت لمسات للفقيد امذروي أثناء إدارته للمشاريع اليمنية السوفيتية التي شملت كل محافظات الجمهورية في مجالات السدود والحواجز المائية والقنوات وحفر الأبار وبناء الورش المركزية ذات قدرة تصليح 400 آلة سنويا، وأنشئت خلال فترة إدارته معامل الخرسانة الكبيرة في مشاريع لحج وباتيس وأحور، ووصل حجم وضع الخرسانة في المنشآت الهيدروتكنيكية من 40 - 45 ألف متر مكعب سنويا.

امذروي إلى جوار ربه

انتقل المناضل الوطني العمالي محمد حسين امذروي إلى جوار ربه يوم 15 أكتوبر 1984 في موسكو العاصمة السوفيتية، وكان في رحلة علاجية، وشيع جثمانه الطاهر بعد الصلاة عليه في مسجد العسقلاني بكريتر يوم 19 أكتوبر 1984 إلى مثواه الأخير في مقبرة الشهداء (العيدروس، كريتر - عدن) مخلفا وراءه سجلا من الأعمال الطيبة وأرملة وستة أولاد، الذكور منهم خمسة، أحدهم استشهد بعد وفاة والده بعامين في أحداث يناير.

حصل الفقيد امذروي على وسام الإخلاص في العام 1978، وعلى وسام الذكرى 25 لتأسيس الحركة العمالية في العام نفسه، كما حصل على ميدالية مناضلي حرب التحرير من منظمتي الحزب في محافظتي أبين وعدن.

استحقاقات الفقيد امذروي

طرأ تحسن طيب على معاش الفقيد محمد حسين امذروي قبل عام واحد، إلا أن السلطات ظلت تقطع وعدا على نفسها بمنح الأسرة سيارة عوضا عن السيارة التي سحبت منها بعد وفاته بعامين، والمشكل أن أولاده يتحفظون من قرع أبواب المسئولين.

-2 مهدي عثمان المصفري

الميلاد والنشأة

المناضل الوطني البارز مهدي عثمان المصفري من مواليد قرية العقيبة إحدى قرى وادي معادن بمنطقة الصبيحة في 18 أغسطس 1938. ينتمي مهدي عثمان المصفري إلى قبيلة (المصافرة)، وكان جده محمد مقبل المصفري شيخا لقبيلة المصافرة ووهب المشيخة لولده عثمان المصفري وكان مايزال على قيد الحياة، وكانا يرحمهما الله محل ثقة القبائل في التحكيم لتسوية الخلافات أو الصراعات.

من ضمن الأوارق التي أعدها مهدي المصفري عن سيرة حياته، وردت معلومة بأن القوات البريطانية بجنودها (السيخ) (SIKH) اقتحمت منطقتهم أثناء اندلاع الحرب العالمية الثانية خشية شراكة الإمام يحيى (صديق الطليان) في الحرب ضدهم.

المصفري في مدرسة جبل حديد والمدرسة الأهلية بالتواهي

تلقى مهدي عثمان المصفري دراسته الأولية، حيث قرأ القرآن على أيدي الأساتذة الأفاضل محمد سعيد الشرجبي والسيد الأهدل وعبدالكريم الشعبي، وانتقل بعد ذلك إلى مدرسة جبل حديد بعد (كلية محمية عدن لأولاد الأمراء) وحصل على الابتدائية بجدارة، وتقرر نقله مع عبدالقادر صالح عبدالله إلى مدرسة الريزميت (ثانوية لطفي أمان حاليا) في كريتر (عدن)، إلا إن والده أبطل القرار واستبدله بإلحاقه بالمدرسة المحسنية بالحوطة لوجود مدرسين مصريين ومناهج مصرية.

رغم تقدمه الدراسي حرم مهدي المصفري من الابتعاث إلى مصر، فلجأ مضطرا للتدريس في المدرسة نفسها لمدة شهرين، فجن جنون السلطان فضل عبدالكريم فهرب المصفري مع من هرب إلى عدن، واستقبله هناك الراحل الكبير عبدالله هادي سبيت الذي توسط لدى مدير المدرسة الأهلية بالتواهي الأستاذ أحمد عبده حمزة- أطال الله عمره ومتعه بالصحة- الذي استوعبه في الدراسة خلال الفترة 1952 - 1955.

وجد مهدي المصفري متعته في عدن عندما كان مدرسا ويتردد على مكتبات عدن ليشتري منها كتبا وصحفا ومجلات مصرية ولبنانية، وكان يستزيد في الاطلاع بالتردد على مكتبة (قصر البراق) ليقرأ ما لذ وطاب من مكتبة السلطان عبدالكريم- أطال الله عمره ومتعه بالصحة- وساعده في ذلك فقيد الفن الأمير صالح مهدي.

المصفري إلى الكويت عبر بوابة عبدالله علي الجفري

يمضي مهدي عثمان المصفري في مذكراته الشائقة بإلافادة أن السلطنة اللحجية شهدت طفرة عامة تصدرتها الإدارة، وأحد رموزها السيد عبدالله علي الجفري، الذي برزت بصماته في قطاع التعليم، والذي أراد أن يسند إشراف التعليم في الصبيحة إلى مهدي المصفري.

إلا أن الأخير طلب من السيد الجفري ابتعاثه للدارسة في الخارج، فابتعث المصفري مع السيدين عبدالله أحمد الجفري وعمر الجفري والأمير محسن منصر إلى الكويت، وتلقوا دراستهم الثانوية في مدرسة الشويخ الثانوية (جامعة الكويت حاليا)، وكان مدير المدرسة الدكتور سليمان حزين.

المصفري الطالب الجامعي والناشط الرابطي في مصر

كانت القاهرة المحطة الرابعة لمهدي عثمان المصفري، وتزامن ذلك مع انعطاف خطير لحزب الرابطة ونصيرها السلطان علي عبدالكريم فضل، ففي العام 1958 نفت بريطانيا أربعة من القادة الرابطيين السيد محمد علي الجفري وشيخان الحبشي وعبدالله علي الجفري وعلوي علي الجفري- رحمهم الله جميعا- وبعد أيام معدودات نفت السلطان علي عبدالكريم.

يضيف المصفري أن السيد محمد علي الجفري انتدبه في العام 1959 مع تسعة آخرين من الشباب لتمثيل الجنوب العربي إلى المؤتمر الشبابي، وتم اختياره مع ليلى الجفري في اللجنة الاجتماعية، وتم قبول رابطة طلاب الجنوب العربي عضوا في الاتحاد الطلابي العربي، وبموجب ذلك حصل الكثير من الطلاب الجنوبيين على إعانة شهرية.

أفرد مهدي المصفري هامشا في مذكراته (المكونة من بضعة وريقات لاتتجاوز السبع إلا أنها مركزة ومكثفة بالبيانات) عن معاناته في العام 1960 عند زيارته للسلطنة اللحجية، حيث واجه تهما ملفقة، وزج به السلطان في السجن.

(الرابطة) نصير النظام الناصري

أشار مهدي المصفري بشيء من التفصيل عن الدور القومي للرابطة من خلال أجهزة الإعلام المصري مثل (صوت العرب) و(صوت الأمة العربية) التي فتحت عقب انفصال سوريا عن مصر في العام 1961، والمشاركة الفاعلة للرابطة في الإعلام المصري بعد قيام ثورة 26 سبتبمر 1962، وبعد شهرين من إقامته في صنعاء وتعز اختلف مع أسلوب تعامل الجهاز المصري، فغادر أراضي الشمال إلى منطقته في الصبيحة، ولم يعد إلى القاهرة لإكمال عامه الرابع والأخير في دراسته الجامعية، وعمل هناك على تفعيل تنظيم الرابطة في الصبيحة.

ويستشهد المصفري باعتراف الأخ المناضل عبدالحميد عبدالعزيز الشعبي بقوة ذلك التنظيم لأنه كان المسئول التنظيمي لحركة القوميين العرب ثم الجبهة القومية بعد ذلك في الصبيحة، ووردت شهادة الشعبي في صحيفة «النداء» مؤخرا.

بعد 13عاما من الاعتقال في عدن علي ناصر محمد يطلق سراح المصفري

اعتقلت الجبهة القومية المناضل الوطني البارز مهدي عثمان المصفري في 27 سبتمبر 1967 في كريتر، ونقل إلى حافة الهاشمي في الشيخ عثمان ومنها إلى زنجبار ثم إلى جعار، وبعد ذلك إلى (قارة) يافع ثم إلى زنجبار مرة أخرى وإلى جعار مرة ثانية ليستقر أخيرا في سجن المنصورة المركزي الذي مكث فيه ثلاثة عشر عاما، وأطلق سراحه بقرار من الرئيس علي ناصر محمد في 10 أغسطس 1980 بطلب شخصي من فارس سالم العقربي.

عمل المصفري مدرسا لمدة عام ونصف العام ووصلته بعد ذلك رسالة من الشيخ محمد أبوبكر بن عجرومة الرجل الشهم، طلب فيها من المصفري فتح حوار مع السلطة. يقول المصفري «وقد فعلت ذلك عبر محمد عيدروس يحيى ثم فارس سالم ثم فرحان حسين وصولا إلى الرئيس علي ناصر محمد، وحظيت بالموافقة على السفر إلى السعودية».

تحدث بعد ذلك المصفري عن المحاولات الرابطية لمد الجسور مع النظام في عدن، إلا أن جهود التواصل مع قيادة علي ناصر محمد ومن بعده مع قيادة علي سالم البيض لم تسفر عن نتائج ملموسة.

المصفري نازحا إلى الشمال فعائدا إلى الجنوب

نزح مهدي عثمان المصفري إلى الشمال بعد أحداث 13 يناير 1986 المؤسفة، حيث غادر الجنوب هاربا بعد أن أسدل الليل ستاره يوم 26 يناير 1986.

وتمكن المصفري هناك بجهد مشترك مع حسين عامر من لقاء محمد علي هيثم بحضور مطهر غالب القمش والدكتور عبدالكريم الإرياني ليبدأ التواصل مع الجميع.

من الانعطافات المهمة في الحياة الحزبية للرابطة التحضيرات للمؤتمر العام السابع الذي انتخب عبدالرحمن علي الجفري رئيسا للحزب ومحسن بن محمد أمينا عاما لحزب رابطة أبناء اليمن (رأي)، عام 1987.

وانتخب فيه المصفري لأول مرة في الهيئة المركزية ثم في اللجنة التنفيذية، وأعيد انتخابه في المؤتمر الثامن عضوا في اللجنة المركزية وعضوا في اللجنة التنفيذية ونائبا لرئيس الحزب للأجهزة الداخلية.

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى