> «الأيام» كفى الهاشلي:

البطالة ... واحدة من أبرز مشاكل المجتمع اليمني بأسرة، كونها تخطت الشباب وخلقت مشكلات جمة لتصل باليمن إلى مأزق اسمه غياب المفهوم الحقيقي للتنمية بشكل عام.

وقف العديد من الناشطين والأكاديميين ومنظمات المجتمع المدني في حلقة نقاشية غنية ليكشفوا مدى العجز والفقر الحكومي في القدرة على إيجاد منظومة متكاملة لتنتشل المجتمع بمن فيه الشباب من زوبعة اسمها المستقبل المجهول.

وكالعادة كان الطرف الحكومي غائباً إلا أن مايزيد عن مائة مشارك استطاعوا أن يضعوا اليد على الجراح. وعلى الرغم من أن الأوراق المقدمة كانت في إطار عدن إلا أنهم اعتبروها خطوة مهمة لتقدم عدن النموذج المحتذى به.

الأوراق كانت غنية بكم هائل من المعلومات إلا أننا نوجزها لكم في قراءة مختصرة في السطور الآتية :

يعاني الملايين من الشباب اليمني مشكلة البطالة إلى جانب مشكلات كثيرة يعانيها المجتمع الذي يحيط بهم.

وتظل مشكلة البطالة جزءا من كم هائل من المخاطر المهددة للمجتمع اليمني بل وتعد سببا في ظهور العديد من المشكلات أهمها بنظر المشاركين عامة:

1. إهدار الموارد البشرية حيث تنفق اليمن على تعليم العنصر البشري دون عائد مستقبلي للعنصر وللمجتمع .

2. ارتفاع نسبة الإعالة الاقتصادية وقلة الادخار.

3. زيادة العنف (سرقة، قتل، شغب).. وبروز المظاهرات الاحتجاجية في جنوب اليمن رفضا لسياسة التوظيف في السلك العسكري خير دليل منذ مطلع ابريل الماضي.

4. ممارسة الأعمال غير المشروعة مثل الرشوة والتهريب وانتحال الوظائف.

5. الشعور بعدم الانتماء للوطن وفقدان الأمن والنظام.

6. انتشار عمالة الأطفال ورفض التعليم عند الأطفال لفقدانهم الأمل بالمستقبل وجدوى التعليم .

7. بروز مشكلة الهجرة بأشكالها المختلفة.

8. إعاقة الفكر والإبداع لدى الشباب.

9. الكآبة والانتحار اللذان ظهرا بين العاملين فما بال العاطلين.

ومن كل المدخلات المطروحة لم يذهب أحدهم بعيدا عن أن حل المشكلة يتطلب إعادة النظر في استيعاب معنى التنمية، مستبعدين أن يقتصر الحديث على المشكلات التي تظهر على السطح بين الحين والآخر و دون إعادة النظر في أساس المشكلة والحلول الجذرية لها.

وشددوا على ضرورة ألا تتوقع الدولة حلاً لمشكلة دون التعمق فيها، معتبرين مسألة الترقيع خطرة خاصة في التعامل مع أطفال وشباب سيصبحون الساعد الذي قد يبني أو يهدم في المجتمع.

وعلى الرغم من أن مفهوم التنمية كان قد ظهر في القرن العشرين وبعد الستينيات أي بعد الاستقلال بالنسبة للدول الآسيوية والأفريقية واعتبرت التنمية عملية تأسيس نظم اقتصادية وسياسية متماسكة ومتشابكة الأبعاد والمستويات مع العديد من المفاهيم خاصة التخطيط والإنتاج التى تعطي لتنمية أهميتها في أي مجتمع إلا أن اليمن تخلف عنها كثيرا.

اليمن في ظل استيعاب مفهوم التنمية

حين برز مفهوم التنمية كان المجال الاقتصادي هو أول المجالات التي تحظى بالتحول والتغيير الجذري لإكساب أفراد المجتمع القدرات المؤهلة للتطوير الذاتي المستمر بمعدل يضمن التحسين في حياة الفرد والمجتمع .

ومن هذا المنطلق الأول سنجد أن الشباب اليمني لا يحظى بالقدرات الكافية ليحصل على أهم الحاجات وأبسطها العمل، فالدولة لم تضع سياسة تعليمية تتناسب وحجم متطلبات سوق العمل ، وحتى عملية الترشيد وجهود توجيه الشباب نحو التعليم الفني والمهني ليست متطابقة وحجم متطلبات السوق ونوعيتها وتكاد تكون جهود التوعية إن وجد بعض منها فهي غير عادلة .

أما سياسياً فبعد الستينيات انتقل مفهوم التنمية ليشمل الجانب السياسي وهذا يعني أن تحدث تغييرات اجتماعية متعددة الجوانب تحقق وصول الدولة لمستوى معين أي أن الإطار المكاني توسع ليشمل الدولة ولا يكتفي كما في المجال الاقتصادي موقع جغرافي من الدولة بحسب سوق العمل فيه وبالتالي أصبح الهدف أكبر من ذلك ليتسع إلى مفاهيم حديثة شملت النمو الاقتصادي والمشاركة الانتخابية والمنافسة السياسية وترسيخ مفهوم السيادة والولاء للدولة.

لكن اليمن لم تستطع أن تحقق تنمية بمفهوم اقتصادي على مساحة جغرافية بسيطة وبالتالي كان من الطبيعي أن القفزة نحو التنمية السياسية لن تحقق ما ترمي إليه الدولة فالمنافسة الانتخابية ليست على المستوى المرجو والمشاركة الشبابية في التصويت والاقتراع أيضا ليست بالحجم المتوقع وحشد الناخبين وتحديداً النساء وقلة الشباب لخير دليل على عدم خلق قناعة حقيقية بجدية الرغبة لدى القيادة السياسية في حل مشكلات الشباب ناهيك عن انتهاكات متعددة أدت إلى شرخ العلاقة الانتمائية للوطن بسبب فساد المتنفذين.

وحين كانت المجتمعات تمر خطوة فخطوة نحو التغيير على اعتبار أن مفهوم التنمية هو إيجاد بدائل تحل محل نظم قديمة لتطوير المجتمع بقي مفهوم التنمية يسير نحو النمو أي الزيادة في المجتمع اليمني فزادت المشكلات الاقتصادية والاجتماعية والثقافية ولم تستطع اليمن أن تحقق تنمية حقيقية في المجالات المتعددة بما فيها الثقافية والاجتماعية.وظهرت مشكلات الشباب ومنها البطالة لغياب مفهوم التنمية البشرية التي هي عبارة عن جملة معطيات وأوضاع والديناميات البشرية والعمليات الناتجة عن تفاعل مجموعة من العوامل والمداخلات المتعددة والمتنوعة للوصول إلى تشكيلة معينة في حياة الفرد وفي سياق المجتمع وبحركة متصلة مستمرة عبر المكان والزمان.

فالتنمية تقوم على:

1. اهتمام بمستوى النمو الإنساني في مختلف مراحل العمر وتنمية قدراته وطاقته البدنية والنفسية والعقلية والاجتماعية والروحية.

2. استثمار الموارد والمدخلات والأنشطة الاقتصادية التى تعطي الإنتاج لتنمية القدرات البشرية عبر تطوير الهياكل والبنى المؤسسية التى تتيح المشاركة والانتفاع بقدرات الأفراد وتحديدا الشباب .

من كل كذلك فما طرح في الحلقة النقاشية التي نظمها صالون د. أمين ناشر ضمن مشروع تعزيز ثقافة الأطفال والشباب نحو دعم الديمقراطية والتنمية الذي أقامه مركز تنمية الطفولة والشباب بعدن خرج بتوصيات .. من بينها:

تطوير مكاتب التشغيل (التوظيف) الحالية في الوزارات المعنية بما يحقق إنشاء قاعدة بيانات حقيقية لطالبي العمل ومعلومات سوق العمل من عرض وطلب، تشجيع القطاع الخاص لفتح مكاتب تشغيل خاصة للعمالة بما فيها إنشاء مكاتب تشغيل خاصة بالشباب تقوم على البحث عن فرص عمل جديدة وتدريبهم ورفع مهاراتهم.

أهمية وجود سياسة واضحة بالتنسيق مع جميع الأطراف المعنية بالقوى العاملة وسوق العمل وإعداد خطة للقوى العاملة وإعادة توزيعها والمواءمة بين مخرجات التعليم وسوق العمل وخطة عاجلة لتشغيل العاطلين عن العمل والباحثين عنه من الشباب.

تشجيع سياسة الإقراض للمشروعات الصغيرة من مختلف الجهات الداخلية والخارجية للشباب سواء أكانت مصارف (بنوك) مخصصة والاستفادة من أموال مؤسسة التأمينات الاجتماعية والأوقاف وصندوق الشباب من أجل تنظيم دورات تدريبية وتأهيلية لرفع المهارات للخريجين بقصد مواكبة سوق العمل .

رفع الوعي بين الشباب ونشر الثقافة المجتمعية الجديدة لمواكبة المتغيرات وتشجيع الشباب للانخراط في العمل المهني والمشاركة الجادة في إقامة المشروعات الصغيرة والذاتية وتوفير كافة التسهيلات المادية والعملية لإنجاح ذلك والعمل على بناء القدرات الذاتية للشباب مع مراعاة النظر لواقع التعليم العام والعالي والمهني والفني وإيجاد جودة في التعليم والمناهج.

مطالبة الجامعات اليمنية بوجود رؤية منهجية وعلمية لمناصرة إقامة المشروعات الصغيرة للشباب وإعادة النظر في التخصصات العلمية المتشابهة التى لاتجد مخرجاتها طلبات في سوق العمل مع ضرورة فتح أقسام جديدة تواكب متطلبات السوق كاللغات الحية والحاسوب وتكنولوجيا المعلومات وخصائص البيئة المحلية.

مطالبة المشرع اليمني بالنص على الحماية من البطالة بمشروع قانون العمل الجديد ومطالبة الدولة بالمصادقة على الاتفاقية الدولية (168) لعام 1988م بشأن النهوض بالعمالة والحماية من البطالة التى اعتمدها المؤتمر العام لمنظمة العمل الدولية في دورته (75) يونيو 1988م.

اعتماد نظام جديد لسياسة التوظيف في وزارة الخدمة المدنية والتأمينات يعتمد على الشفافية وتحقيق العدالة وتكافؤ الفرص للباحثين عن العمل من الخريجين وحملة الشهادات الجامعية والمهنية .

دعوة المعنيين في الحكومة لتفعيل القرارات السابقة بمنح الأراضي والقروض للشباب كل في محافظته لتوفير فرص للعمل والاستثمار في المشروعات الصغيرة .

حث القطاع الخاص على الاضطلاع بدوره للمساهمة في امتصاص البطالة من خلال إقامة المشروعات الكبيرة التى تستوعب أعدادا كبيرة من العاطلين عن العمل مع أهمية تقديم الدولة الدعم اللازم وتشجيع هذا القطاع الحيوي بتوفير الحوافز المغرية.

ضرورة تنبه الجهات الرسمية لمخاطر استفحال ظاهرة البطالة على الأوضاع الاجتماعية والأمنية والسياسية والاقتصادية .. والعمل على وضع استراتيجيات محدودة لمعالجة هذه الظاهرة .

ضرورة تحمل الدولة مسئوليتها تجاه المجتمع ولعب دورها المنوط بها في عملية التنمية الشاملة التى تقوم أساسا على الإنسان من خلال المشاريع الحيوية والاستيراتيجية الكبيرة التي توفر فرص العمل ولا يرغب القطاع الخاص الدخول فيها.

تكليف مركز الشباب والطفولة برفع نتائج وتوصيات الحلقة إلى مجلس الوزراء والقطاع الخاص ومتابعة تنفيذها مع الجهات المعنية .