> قطر «الأيام الرياضي» عن الجزيرة الرياضية :

نجاح مميز
ما بين السادس والخامس عشر من شهر نيسان عاش العالم فرح الالتقاء لأول مرة في أثينا التي كانت اختيرت في الثالث والعشرين من يونيو 1894, في مؤتمر دولي جرى على مدار ستة أيام, لاستضافة أول دورة أولمبية باعتبارها الأحق في الدورة الأولى كون الألعاب القديمة انطلقت منها, وفعلاً نظمت الدورة بمشاركة 14 دولة, و241 رياضياً, تنافسوا فيما بينهم في تسع رياضات ضمت 43 مسابقة, غابت عنها النساء كلياً واقتصرت المشاركة على الرجال.انطلقت الدورة في الرابع والعشرين من مارس 1896, وهو ما يوافق السادس من أبريل 1896 في الروزنامة المعروفة حالياً, وجرى حفل افتتاح الدورة في السادس من أبريل في ستاد باناثينايك أمام ثمانين ألف متفرج, تقدمهم ملك اليونان جورج, وزوجته وأبناؤهما, وأعلن الملك جورج افتتاح الألعاب «إنني أعلن افتتاح أول ألعاب أولمبية في أثينا», ثم تم عزف نشيد البطولة, بمشاركة فرقة موسيقية ضخمة قوامها أكثر من مئة وخمسين عازف ومؤد, وأضفى النشيد جواً رائعاً على الافتتاح, مما دفع بالمشجعين بالمطالبة بالمزيد.لم تكن قوانين الدورة الأولى من حيث الجوائز كما نعهدها اليوم, فكانت تمنح فقط للأول والثاني, وليس للثالث مكافأة خاصة, فكان الأول يحصل على ميدالية فضية وشهادة تقدير وتاج من أغصان الزيتون, أما الثاني فكان يحصل على ميدالية برونزية وشهادة تقدير وتاج من الغار, في حين أن جميع المشتركين كانوا ينالون ميدالية تذكارية عن المشاركة, ولم يكن التتويج يلي المنافسة كما اليوم, بل كان يجرى في ختام البطولة حيث يقوم الملك جورج بتقليد الفائزين, في الحفل النهائي, ويذكر أن ميداليتي الفائزين الأول والثاني هما من تصميم الفرنسي جول شابلين, في حين أن الميدالية التذكارية من تصميم اليوناني نيكيفوراس ليتراس..أما الدول التي شاركت فهي أستراليا, إيطاليا, السويد, سويسرا, الدنمارك, ألمانيا, فرنسا, بريطانيا العظمى, بلغاريا, النمسا, المجر, تشيلي, الولايات المتحدة واليونان, أما الرياضات التي كانت مدرجة آنذاك فهي الدراجات, المصارعة, ألعاب القوى, السباحة, التنس, الرماية, الجمباز, المبارزة, رفع الأثقال, وكانت الولايات المتحدة هي الأبرز بين المشاركين, خصوصاً في ألعاب القوى, وتصدرت في الختام جدول الميداليات, أمام اليونان وألمانيا, وجرت المباريات في ستاد باناثينايك الذي أعيد بناؤه خصيصاً لهذه الألعاب, بأموال تبرع بها أثرياء يونانيون لنجاح الحدث, بالإضافة لملاعب أخرى.وبعد تسعة أيام من التنافس كان مقرراً أن يجرى حفل الختام للدورة في الرابع عشر من نيسان 1896, لكن سوء الأحوال الجوية, والأمطار دفعا بالمنظمين إلى تأجيل الحفل الختامي إلى الخامس عشر من الشهر نفسه, حيث جرت مراسم الختام بحضور الملك وعائلته أيضاً, وبدأت بالنشيد اليوناني, ثم قصيدة لشاعر بريطاني, تلاها توزيع الميداليات والجوائز على الفائزين, ثم قام العداء اليوناني الفائز بالماراثون سبيريدون لويس بدورة نصر في الملعب تصدر فيها العداءون الفائزون, وعلى وقع نشيد البطولة, قبل أن يعلن الملك رسمياً انتهاء الألعاب بقوله:«إنني أعلن رسمياً انتهاء أول دورة ألعاب أولمبية».
المسابقات الرياضية
المسابقة الأبرز في هذه الألعاب كان الماراثون, الذي ما إن أعلن عن إدراجه ضمن جدول المسابقات, حتى تحمس اليونانيون كثيراً, نظراً للمعاني التاريخية والوطنية لهذا السباق لهم, فشرعوا يبحثون عن أكفأ العدائين لديهم, وشارك في السباق النهائي, ستة عشر متسابقا منهم أربعة من خارج اليونان, هم الفرنسي ألبين ليرموسيو ثالث سباق الـ1500م والذي شارك في الـ800م, والأسترالي ادوين فلاك بطل سباقي الـ800م والـ1500م, والأميركي أرثور بلاك الذي حل ثانياً في الـ1500م, والمجري غيولا كيلنر.
تصدر العداؤون الأجانب في بداية الماراثون على حساب عدائي اليونان, لكن انسحاب الأميركي والفرنسي والاسترالي تباعاً في كيلومترات مختلفة, قلب المقاييس, فنجح العداء اليوناني, سبيريدون لويس في الفوز بالسباق وسط فرحة يونانية مجنونة, وقد ركض الملك جورج مع المتسابق اليوناني في آخر السباق داخل الاستاد, في حين أن المكافآت انهالت عليه من الجماهير كل على طريقته, وجاء كيلنر رابعاً ومُنح ميدالية برونزية كونه الأجنبي الوحيد الذي نجح في إنهاء السباق.وفي سباقات الدراجات فقد جرت منافسات المضمار في نيو فاليرون فيلودروم, وهو مركز رياضي في أثينا, في حين أن سباقا واحداً جرى على الطريق لمسافة 85 كيلومتراً, وقد تمكن الفرنسي بول ماسون في أن يكون أفضل دراج على المضمار بفوزه بثلاث مسابقات, ضد الوقت, وسباق السبرنت, وسباق الـعشرة آلاف متر, وفاز النمساوي أدولف في سباق الإثنتي عشرة ساعة علماً أن متسابقين فقط اشتركا في هذا السباق, في حين فاز اليوناني أريستيديس في سباق الطريق, أما سباق المئة كلم داخل المضمار فقد فاز فيه الفرنسي ليون فلامينغ علماً أنه توقف خلال السباق, وانتظر أحد منافسيه اليونانيين كي يصلح عطلاً في الدراجة.
وبالانتقال إلى كرة المضرب التي كان لها شأن عظيم في نهاية القرن التاسع عشر, فقد أحرز اللقب البريطاني- الإيرلندي جون بيوس بولاند بسهولة, علماً أنه كان سائحاً وقتها في اليونان, واشترك بالصدفة عبر أحد أصدقائه اليونانيين, كما فاز بمسابقة الزوجي التي خاضها بمشاركة زميل ألماني هو فريندريش ترون كان قد خسر أمام بولاند في الدور الأول, علماً أن الألماني شارك في سباق الـ800م وخسر, وقد تمكن الزوجي البريطاني الألماني من الفوز على زوجي يوناني-مصري في النهائي..وفي مسابقة سلاح المبارزة التي جرت في مركز زابيون, المسمى بإسم إيفانجلوس زاباس أحد منظمي ألعاب أولمبية يونانية محلية في القرن التاسع عشر, فقد فازت كل من فرنسا واليونان, أما في الجمباز فقد سيطر الألمان بشكل كبير بعد أن أرسلوا وفداً ضم أحد عشر لاعباً فتفوقوا في 5 مسابقات من 8 وفي بعض المنافسات حازوا المراكز الثلاثة الأولى, أما منافسات السباحة, فجرت في البحر وليس في مسبح خاص, وتضمنت أربع سباقات في السباحة الحرة, برز فيها بشكل خاص المجري ألفريد هايوس الذي فاز بسباقي المئة متر والألف ومئتي متراً.أما رياضة رفع الأثقال, فقد جرت في الهواء الطلق بقوانين مختلفة كلياً عن تلك المعروفة اليوم, فلم يكن هنالك أوزان محددة, بل كان الجميع يتبارون سوياً, شأن رياضة المصارعة التي كانت أقرب إلى المصارعة اليونانية-الرومانية, إذ لم يكن هنالك أوزان محددة, أي أن بطلا واحدا يتوج في النهاية, كما لم تجر المباريات لوقت محدد, بل كانت مفتوحة, أما رياضة الرماية فقد جرت بخمس مسابقات, إثنتين منها بالبندقية وثلاث بالمسدس.
وقفات بارزة
الميدالية الأولى
< في السادس من نيسان 1896, بات البريطاني جايمس كونولي, البالغ 27 عاماً حينها, أول من يحرز ميدالية ذهبية في الألعاب الأولمبية الحديثة بعد فوزه بذهبية الوثب الثلاثي, التي كانت مختلفة تقنياً عما نعرفه الآن, إذ كانت تؤدى بحجلتين (الحجلة هي الارتقاء بإحدى القدمين والهبوط على القدم نفسها) ووثبة, أما الآن فحجلة+خطوة +وثبة, ولم تقتصر ميداليات البريطاني على الوثب الثلاثي, بل تخطتها إلى المركز الثاني في الوثب العالي والثالث في الوثب الطويل.
سبيريدون لويس
< نظراً للأهمية التاريخية لسباق الماراثون لدى اليونانيين, والذي تعود قصته للمحارب فيديبيديس الذي اجتاز مسافة 42 كلم من مدينة ماراثون لأثينا لتبليغ الحكام خبر انتصار اليونانيين في معركة ماراثون العام 490 ق.م, بات سبيريدون لويس أبرز بطل في أولمبياد أثينا 1896, ونجمه الأول, بعد فوزه عن عمر 24 عاماً وقتذاك بالمركز الأول, في السباق المذكور, متفوقاً بأكثر من 7 دقائق عن المركز الثاني, علماً أن سبيريدون انتزع الصدارة في آخر 4 كيلو مترات وقتها.
جون بولاند
< كان الايرلندي جون بولاند تلميذاً من جامعة أوكسفورد شغوف بدراسة الأساطير اليونانية القديمة, فسافر إلى أثينا لحضور الألعاب الأولمبية كسائح حين علم بإقامتها, وهو الذي كان على اطلاع على الألعاب الاولمبية القديمة, فكان أن اشترك صدفة برياضة كرة المضرب, بنصيحة من زميله ثراثيفولاس مانواس, سكرتير اللجنة المنظمة للدورة وقتها, واستطاع بولاند بالرغم من انتعاله حذاء جلدياً قاسياً من الفوز بالمركز الأول في المسابقة المذكورة.

< لم يجر وضع أي شعار خاص بدورة أثينا 1896, لكن غلاف التقرير الرسمي عن البطولة بات يستخدم كشعار يدل على أول ألعاب أولمبية, وقد نقش على هذا الملصق أو الشعار, «776-1896», كتاريخ يدل على نشأة الألعاب القديمة والحديثة, كما نقش الأستاد الأولمبي بشكله الجديد, الأكروبوليس, وفتاة تمثل آلهة أثينا مرسومة وكانها تقدم غصن زيتون لفائز ما.
الفريق المختلط
< سمح في بدايات الألعاب الأولمبية أن يلعب بعض الأفراد مع فرق من غير جنسياتهم, فما كان من اللجنة الأولمبية الدولية إلا أن وضعت نتائج هذه الفرق تحت إسم الفريق المختلط (mixed team) أما رمز هذه الفرق الأولمبي والمتعارف عليه أولمبياً فهو (zzx), والمفارقة أن ميداليات الفريق المختلط جاءت جميعها في كرة المضرب لفئة الزوجي, ففاز في المركز الأول بريطاني وألماني, وفي الثاني يوناني ومصري (يوناني من أصل مصري), وفي المركز الثالث استرالي وبريطاني.
ترتيب الميداليات
< يعتبر جدول ترتيب الميداليات هذا رسمياً ومأخوذاً عن التقارير الرسمية للبطولة, لكن عموماً يصعب إعطاء أرقام إحصائية دقيقة جداً لبعض الدول نظراً لأن بعضها كان يتمثل أحياناً بلاعبين من جنسيات مختلفة.
1- الولايات المتحدة الاميركية11ذهبية و7 فضية وبرونزيتان.
2- اليونان 10 ذهبيات و17 فضية و 19 برونزية.
3- ألمانيا 6 ذهبيات و5 فضيات وبرونزيتان.
4- فرنسا 5 ذهبيات و4 فضيات وبرونزيتان.
5-بريطانيا العظمى (ذهبيتان) و3 فضية 2 (برونزيتان).
6- المجر (ذهبيتان)فضية واحدة و3 برونزيات.
7- النمسا (ذهبيتان) 1 فضية واحدة وبرونزيتان.
8- استراليا (ذهبيتان) لاشيء فضة ولاشيء برونز.
9- الدنمارك ذهبية واحدة وفضيتان و3 برونزية.
10- سويسرا 1 ذهبية واحدة و فضيتان ولاشئ برونز
11- الفريق المختلط 1 ذهب 1 فضة 1 برونز
*كان مقرراً ان يجري الحفل الختامي في الرابع عشر من نيسان/أبريل إلا أنه أجل إلى الخامس عشر منه بسبب الأمطار.