> صنعاء «الأيام» بشرى العامري:

وأشار إلى «غياب الشراكة الوطنية الحقيقية في ظل الديمقراطية على الصعيد السياسي، وضعف بناء الدولة المؤسسي، الأمر الذي ترك مساحة للغارات غير المؤسسية (الفردية) التي برزت عندما شعر الناس أن الدولة لاتحميهم، وأن البنى التقليدية أكثر ضمانا لحمايتهم من الدولة ذات السلطة المركزية الحادة»، موضحا أن «أدوات النظام لمنع قيام الدولة المدنية أدوات آيديولوجية ودينية، يتم فيها تكريس مرجعيات من يسمون أهل الحل والعقد، عوضا عن الدستور والقانون».
وأرجع د.ياسين أسباب ضعف الأحزاب والمجتمع المدني في تشكيل آلة ضغط ومراقبة على الوضع الحالي إلى «بطء الحراك المدني وقلة إمكانية المجتمع والأحزاب، وضعف التقاليد الحزبية والنقابية والاستخفاف بها من قبل البُنى التقليدية التي تعتبر ندا للحكومة وللنظام السياسي»، معتبرا أن «القبيلة اليوم هي اللبنة الأساسية في البناء الاجتماعي اليمني». وما يقلق السيد ياسين هو «تدهور الأوضاع في اليمن، وتراجع هامش الحريات بشكل كبير بما يؤثر في المناخ السياسي والانفتاح عند الناس».
وعن قضية الجنوب قال: «هناك مشكلة حقيقية وحية بسبب الإخلال باللوحة السلمية الديمقراطية»، مشيرا إلى «ردة فعل الحكومة القمعية ضد التعبير عن الحريات في الجنوب، وعدم حلها بشكل صحيح»، موضحا أنه «لايكفي الاعتراف بوجود مشكلة، ويحتم الوضع الحالي وجود شراكة وطنية لحل كل هذا الإشكاليات»، مؤكدا أن «هذا ما تضمنته رسالة أحزاب المشترك إلى رئيس الجمهورية بخصوص الحراك الجنوبي في اليمن»، موضحا أن «السلطة اليوم تزرع الفرقة في الوطن بسبب سياستها الخاطئة، وتريد أن تعطي بعدا صغيرا للقضية الجنوبية»، مشيرا إلى أن «تغيير رئيس جامعة عدن بجنوبي لن يكون حلا لقضية الجنوب».
من جهة أخرى استنكر ياسين «وسائل القمع المعنوية والمادية ضد الصحافة، وإنشاء صحف بذيئة امتهنت كرامة ومهنية الكلمة والصحيفة، ووسائل إعلام بذيئة تقتل الكلمة وتقلل من هيبة وقيمة الصحافة وبدعم من موازنة الدولة. والتمييع الحاصل ودس وسائل إعلامية رخيصة في مجال الإعلام ليس إلا خلطا للأوراق لتفقد الصحافة كلمتها وهيبتها ومصداقيتها وكل ما سبق بالإضافة إلى الرقابة الذاتية التي تقتل الإنتاج الإبداعي الفكري والثقافي والمسئولية التي تعتبر الوجه الآخر للحرية، وهذا ما تسبب في تقييد الإنتاج الفكري، وجعلت الرقابة الثقافة الإبداعية في تراجع، سواء في مجال الشعر أم الموسيقى والمؤلفات اليمنية بشكل عام.
كما تم قمع حرية الاختيار النزيه والشفاف لنظام الحكم، وعلى الناس أن يتقبلوا انتخابات رسمية يجري فيها إعادة السلطة والنظام القائم كما هو».
وبخصوص الانتخابات البرلمانية القادمة، قال ياسين: «إن المشترك يرفض أن يمثل الدور الشكلي الذي مثله في كل الانتخابات السابقة، ولن يشارك في الانتخابات القادمة، ما لم يتم تصحيح النظام الانتخابي الحالي بما يتوافق مع الاتفاقية التي وقعها المشترك مع الاتحاد الأوروبي لتصحيح النظام الانتخابي وماطل في توقيعها الحزب الحاكم». وأضاف ياسين: «إن الانتخابات القادمة لن تعني شيئا في ظل المشاكل الوطنية والأوضاع الاقتصادية السيئة الراهنة وانتهاك الحريات، فيجب أن تحل هذه المشاكل بشراكة وطنية»، مؤكدا أن «رفض المشترك قانون اللجنة الانتخابية الذي طُرح في مجلس النواب لأن تغيير اللجنة لن يفيد في شيء، وإنما تصحيح النظام الانتخابي الحالي هو الحل لضمان انتخابات نيابية نزيهة ومرضية لجميع الإطراف»، مضيفا أن «المشترك لم يكن مقاطعا للانتخابات، لكن يرفض أن تكون مشاركة صورية، ولن يشارك في أي مهزلة انتخابية قادمة فهو يشترط إصلاح السجل الانتخابي للجنة العليا للانتخابات». وقال: «علينا أن نعيد هيبة الانتخابات والإرادة الشعبية». وأضاف أن «المؤتمر تقدم بمشروع قانون إلى مجلس النواب، وكتل المشترك قاطعت مناقشة هذا القانون، وبالأمس علقت مقاطعتها لهذا القانون».
وفي رده على الأسئلة الموجهة له قال الدكتور ياسين: «تحولت هيئة مكافحة الفساد إلى هيئة حكومية، والمشترك اعترض على تشكيلها الخاطئ الذي سيؤدي إلى تجميدها تماما، كما جُمّد الجهاز المركزي للرقابة والمحاسبة من قبل، ولن نجد لها أي نشاط فاعل في المستقبل»، موضحا أن «الهيئة تحولت إلى هيئة حكومية تبحث عن مقرات وقوى عاملة جديدة فقط».
وحول ما يجري في صعدة قال ياسين: «ترى أحزاب اللقاء المشترك أن حرب صعدة يجب أن تتحول إلى قضية وطنية، يتحمل المجتمع مسئوليتها، ومن حق الناس أن يعبروا عن آرائهم سلميا، وليس من حق أحد قمعهم، ويجب أن يوقف نزيف الدم. نحن مع حل المشاكل السياسة بالتفاهم والحوار، وهناك قوى تريد أن يكون المشترك إما معها أو مع الحوثيين، ولكننا نرفض أن نكون مع أحد الطرفين».
وفي رده حول الاتهامات التي توجه له بعدم الولاء للحزب الاشتراكي والحراك الجنوبي، قال: «أن يعود البحث في أصول الناس بعد أربعين سنة من النضال فذلك يبين أننا عدنا إلى مشاريع صغيرة بدلا من مشاريع وطنية كبيرة».
وحول دور إحزاب المشترك في المسائلة والمراقبة على فشل سياسات الحزب الحاكم قال نعمان: «لدينا سلطة شعارها قل ما تريد ونحن نفعل ما نريد، فقوة الضغط الاجتماعي على السلطة مازالت ضعيفة، وأحيانا يكون هناك ضغط كبير على السلطة من خارج الأحزاب، ومازالت الأحزاب غير قادرة على تشكيل ضغط حقيقي يؤدي بالسلطة إلى تغير سياساتها».
وأشار إلى أن «المناهج الدراسية تكتب بشكل غيرمسئول، يحيي النعرات التي تحقق استقطابات قد تدمر البلاد، ولايمكن الوقوف ضدها إلا بمشروع وطني حقيقي، وهذه التربية تنشئ عدائية طائفية». وقال: «اليوم إذا حصل خلاف بين شمالي وجنوبي يحدث استقطاب عفوي خطير، ولن يتم التخلص منه إلا بمشروع وطني حقيقي أشبه بعصا موسى، تلتهم ما يفعله السحرة بواقع الحياة المعاش».
وعن قضية هيئة الفضيلة التي أثارها الرأي العام مؤخرا وضح أنها «محاولة لإرجاع اليمن إلى البنى التحتية الرجعية لما قبل الدولة». وأضاف: «إن هذه المجموعة التي تقر بأنها فوق الدستور والقانون هي التي تضعف قيام الدولة». وقال: «نحن لسنا ضد تبني الفضيلة في أي مجتمع، لكننا ضد إخراجها بطريقة تجعل الناس يقفون ضدها.. نحن ضد أن يجعل أي إنسان نفسه مرجعية للفضيلة. ومن يدافع عن هذه الفكرة؟ هي الدولة، واستزراع هذه الفكرة محاولة تشويش للمجتمع، طالما الدستور يقول إن الشريعة هي المصدر الوحيد للتشريعات. نحن في الاشتراكي نعدها سياسية أكثر من أي شئ آخر». ومؤكدا في ذات الوقت تعارض فكرة هيئة الفضيلة مع السياحة، قائلا: «أن ننشئ نقيض الفكرة التي نريد أن ننتهجها في مجتمعنا ونحتاجها بالتفكير العشوائي، هذا تناقض بين حاجة المجتمع، وفكرة لحاجة سياسية تؤدي إلى دمار قطاع اقتصادي واعد في الوقت الذي لايوجد فيه أي قطاع اقتصادي قائم»، موضحا أن «مثل هذه القرارات السياسية تهدف إلى انتهاز فرصة لخلق مشكلة داخل حزب معين، وهي تخلق مشكلة داخل المجتمع ككل».

وعن الإشكالية التي تناولتها بعض وسائل الإعلام بين المعهد الديمقراطي الأمريكي (NDI) و الحزب الاشتراكي، قال: «نرحب بدور المعهد كمعهد، ونتمنى من قيادة المعهد أن تستوعب هذا الدور في اليمن».
وأكد أن «الحزب الاشتراكي لم يتراجع عن تأييده للمرأة، فإذا خرج عن هذا الخط فقد هويته». ودعا إلى عدم تقييم الحزب من خلال برنامج الإصلاح، لكونهم معا في اللقاء المشترك الذي لايشكل حزبا واحدا، وستظل هناك فوارق، وكل حزب له برنامجه»، موضحا أن «موقف الاشتراكي من المرأة ليس ثقافيا فحسب، ولكن تنظيميا بالدرجة الأولى»، وتراجعه في هذا علله بالأمية المنتشرة في أوساط النساء.. «فهناك 75 % من المتسربين من النساء، وهناك من لاتذهب إلى المدرسة كليا».
وتحدث عن موضوع الفوائض المالية التي تتحقق في دول الجوار ودول الخليج بسبب ارتفاع النفط التي أظهرت في الخليج 86 مليارديرا جديدا في العقد الأخير يبحثون عن ملاذ لاستثمار أموالهم، فيذهبون إلى أفريقيا وباكستان وماليزيا وكل العالم، وتسائل عن سبب عدم مجيئهم إلى اليمن.. «وجواب أصحابنا أن الخليجيين لايحبوننا»، مؤكدا أن «الجواب الصحيح أننا لم نستطع إنتاج المناخ المناسب والآمن للاستثمار، لهذا تباطأت الاستثمارات في اليمن بشكل كبير وانتشرت البطالة».
وتساءل عن إجراءات الحكومة لتخفيف العبء الاقتصادي عن المواطنين، والسياسات التي من المفترض أن تاخذها بهذا الجانب. وقال: «تُرك الاقتصاد الوطني الضعيف يواجه هذا التأثير لوحده، وتحمل المستهلك العادي صاحب الدخل المحدود هذا العبء وتحمل الاقتصاد المحلي جزءا منه تحول إلى المستهلك أيضا، ولم تتدخل الدولة». واختتم حواره بالدعوة إلى سياسات إستراتيجية تعيد لليمن لحمته واستقراره.