التجديد الحر

> «الأيام» توفيق يحيى الحكيم:

> الرتابة والروتين الممل الذي طغى على حياتنا جعلنا نشعر بالإحباط، جعلنا نهيم في هذه الحياة دون هدف أو بوصلة اتجاه تحدد مسارنا وتقوم سلوكنا.. أصبحنا نطوي الأيام كما يطوي أحدنا ثيابه.. ولعل هذه الرتابة هي نفسها التي جعلتنا نقف في وقت نحن أحوج فيه إلى السير والمتابعة والتنافس مع الناس، ولهذا نجد الفرد قد يسعد بها ويأنس إليها، لأنها لا تكلفه شيئا ولا تحمله العناء.. فيخلد إليها ويشعر أنه في نعيم ولا يعلم حقيقة أنه قد تقوقع في محله وركد في مستقره، فالكل من حوله يدور ويتحول ويتبدل إلا هو، أسن في نفسه وأسن في مجتمعه وأسن في حياته كلها.

أما الأحرار فلا يرضون بالسكوت ولا بالخمول ولا بالدعة ولا بالركود أبدا.. اتخذوا التجديد لباسا وشعارا وواقعا وسلوكا.

التجديد.. هذه الكلمة البراقة التي تحتاج إلى نفس تواقة، فهي براقة في نفسها وبراقة لمورديها.. جعلت الكل يرنو إلى التجديد ويتلهف إليه شوقا وحبا، ولكن البعض كبله عجزه، وقيدته رتابته وكسله، فأصبح مكتوف اليدين موثوق الجنان مع شوقه وتمنية التجديد، ولكن صار يراه بعيدا عنه، لم ينتفض انتفاضة الحر ولم يكسر قيوده التي آلمت نفسه وروحه.. التجديد الحر وثبة وانطلاقة وتمرد على المألوف بكل صوره في الحياة.

التجديد الحر سمة العصر الذي ينبغي لقيادات المستقبل في شتى مناحي الحياة أن تغرسه في نفسها غرسا ليكون دما يتحرك مع دمها، وروحا تسري مع روحها.. التجديد الحر بصمة إبداع وماركة مسجلة لا يحسنه إلا المجددون الأحرار أولا، والمتطلعون إليه آخرا..

التجديد الحر صرخة واقع وأنة مجتمع لم يرض بالتقليد ولا الترقيع، والعولمة المقبلة اليوم تدفع الناس كل الناس نحو التجديد والابتكار والإبداع الحر شاءوا أم أبوا، فخير لهم أن يبدعوا ويجددوا أحرارا من تلقاء أنفسهم بدلا من أن يفرض عليهم فرضا رغم أنوفهم، فيكونوا عبيدا لإبداعهم وتجديدهم بعد أن كانوا هم أصحابه ومريديه.

فأنت متجدد في داخلك ولا بد أن يكون للتجديد من حولك نصيب.

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى