رجال في ذاكرة التاريخ

> «الأيام» نجيب محمد يابلي:

> السيد عبدالله محمد إبراهيم.. الميلاد والنشأة.. السيد عبدالله محمد إبراهيم السقاف، تعود أصوله إلى السادة آل السقاف الذين نزحوا من تريم في حضرموت، واستقروا في منطقة القطيع بكريتر عدن، وهي موئل ولادة أبيه وجده، ثم انتقلت الأسرة إلى الشيخ عثمان، بعد أن آلت ملكيتها إلى الإدارة البريطانية، والسيد عبدالله محمد إبراهيم من بيت علم وأدب ومن ميسوري الحال.

السيد عبدالله من مواليد الشيخ عثمان عام 1917، إلا أنني وجدت اسمه في وثائق إدارة عدن ضمن قوائم المتقاعدين، وكان رقمه 1136، وتشير البيانات إلى أنه من مواليد 15 ديسمبر 1910، وتعتبر أسرة السيد عبدالله من أقدم العائلات التي سكنت مدينة الشيخ عثمان (أما بلدة (الشيخ عثمان) الأصل فقد أصبحت معروفة حتى يومنا هذا بـ (الشيخ الدويل) ويتضح ذلك من وثيقة ملكية البيت: جرانت رقم 22 مؤرخ في مارس 1887، أي منذ أكثر من 120 عاما).

الرحيل إلى الخرطوم لاقتناص الدبلوم

كان السيد عبدالله من أسرة ميسورة محافظة محبة للعلم، لذلك حرصت على توفير العلم لنجلها الذي أكمل مشوار تعليمه العام باجتياز تعليمه الثانوي بنجاح ليغادر بعد ذلك إلى كلية جوردن GORDON COLLEGE التي أصبحت فيما بعد نواة جامعة الخرطوم بالسودان، وعاد إلى عدن بشهادة الدبلوم استنادا لبيانات مقدمة من الأسرة.

مشوار تربوي حافل بين حجرة الدراسة وكرسي الإدارة

التحق السيد عبدالله محمد إبراهيم بسلك التربية والتعليم بعد عودته مباشرة من الخرطوم في بداية الثلاثينات من القرن الماضي، وعمل مدرسا، وعين بعد ذلك مديرا لمدرسة السيلة الابتدائية (المتحف العسكري حاليا) ثم مدرسة الريزميت (ثانوية لطفي أمان حاليا) بكريتر، فمديرا للمدرسة الابتدائية الشرقية (مدرسة ردفان حاليا) بالشيخ عثمان، ثم مديرا لمدرسة النهضة العربية بالشيخ عثمان بعد تقاعده عن الخدمة الحكومية.

كما كان- رحمه الله- يسدي النصح والمشورة لمشروع إنشاء كلية بلقيس العطرة الذكر، وكان من رموزها الأستاذ الجليل حسين علي حبيشي (متعه الله بالصحة وأطال عمره) والعصامي الفاضل سعيد قائد أحمد مقطري (رحمه الله).

من زملائه (رحمه الله) في سلك التعليم الأساتذة الأفاضل: حامد لقمان وحامد الصافي وإبراهيم روبلة ومحمد سعيد مسواط ومحمد أحمد يابلي وعبده حسين أحمد وعبده سعيد شيباني وعبدالله عبده نورالدين وشقيقه حسن عبده نورالدين وحسن عزالدين ونجيب أمان وحامد خليفة وعثمان عبده محمد وعلي محمد عبدالله والقائمة طويلة.

السيد عبدالله في لجان رسمية ومهام استشارية

كان السيد عبدالله عضوا في اللجنة العليا بإدارة المعارف (التربية والتعليم حاليا) لمستعمرة عدن المختصة بجودة التعليم والمسئولة عن المنح الدراسية الجامعية خارج المستعمرة (قبل التقاعد مباشرة)، كما كان (رحمه الله) صاحب بصمات بارزة أثناء عمله الاجتماعي والاستشاري بسلطة ضواحي الشيخ عثمان (بعد تقاعده) في إطلاق أسماء المدن العربية على شوارع الشيخ عثمان، وسبق بذلك بسنوات عديدة قرار الجامعة العربية بتسمية بعض شوارع كل عاصمة عربية بأسماء العواصم العربية الأخرى.

صدر قرار رسمي وقعه المستر (تي. أوتس) المندوب السامي البريطاني بالوكالة قضى بتعيين السادة: سعيد حسن مدي وعبدالرزاق محمد سعد وعبدالله حسن زوقري وشكيب خليفة وحسين بيومي والسيد عبدالله محمد إبراهيم وعبدالخالق عبدالله أعضاء في لجنة التدقيق في الاستحقاق القانوني للمواطن في تضمين اسمه في كشوفات الناخبين للمجلس التشريعي أو في استحقاقه قانونا لترشيح نفسه لانتخابات المجلس التشريعي.

الأستاذ عبده حسين أحمد أحد شهود العصر

كان السيد عبدالله أحمد إبراهيم رجل الدواوين والمنتديات والحلقات النقاشية، وقد عرف عنه (رحمه الله) أنه كان يتردد على مجلس الإمام أحمد بن يحيى بن حميد الدين بمعية الشيخين الفاضلين (المغفور لهما بإذن الله) عبدالمجيد الأصنج ومحمد الحاج المحلوي.

كما كان (رحمه الله) يتردد على مجلس القات (مبرز) التابع للسيد علي إسماعيل (والد الشرطوي الشهير السيد محمد علي إسماعيل) أحد أعيان عدن عامة، والشيخ عثمان خاصة، وأحد الأركان الثلاثة للسادة آل إسماعيل: عمر إسماعيل (والد الشهيد هاشم عمر إسماعيل) وعبده إسماعيل (والد عبدالله وعلي وأحمد وغازي عبده إسماعيل) وعلي إسماعيل (والد محمد علي إسماعيل وزيد علي إسماعيل وإسماعيل علي إسماعيل).

كما كان (رحمه الله) يتردد على مجلس أو مبرز سعيد سالم اليافعي (أبو عصام ومحمد ومعاوية وإبراهيم وشيخان سعيد سالم) في منطقة السيلة، وكان سعيد سالم اليافعي (رحمه الله) من أعيان الشيخ عثمان، ومن رموز المسرح في الأربعينات والخمسينات من القرن الماضي.

قال لي الأستاذ عبده حسين أحمد (متعه الله بالصحة وأطال عمره): «إن السيد عبدالله محمد إبراهيم كان يوظف سويعات المقيل في التركيز على مرحلة أو قضية أو شخصية في التاريخ العربي أو الإسلامي، وكان (رحمه الله) موسوعيا في طرحه، وجسورا في إعطاء رأيه، والقارئ في تقييم الأديب الكبير الراحل توفيق الحكيم هوأحد اثنين، قارئ مستهلك وقارئ منتج، فالمستهلك تنتهي متعته بانتهاء القراءة، لكن القارئ المنتج هو الذي يستخلص الدروس ويعطي رأيه فيما قرأ، وكان السيد عبدالله قارئا منتجا».

السيد عبدالله في صحبة العميدين محمد علي لقمان ومحمد علي باشراحيل

ارتبط السيد عبدالله بعلاقة حميمة مع الراحلين الكبيرين محمد علي لقمان، عميد «فتاة الجزيرة» و«إيدن كرونيكل» aden chronicle، ومحمد علي باشراحيل عميد «الأيام» و«الريكوردر» the recorder، وكان يكتب عمودا أسبوعيا في الإيدن كرونيكل باللغة الإنجليزية، وكان يكتب عمودا أسبوعيا في «الأيام» بعنوان: (اضحك أو ابك.. أنت حر).

السيد عبدالله في دائرة التأليف

خاض السيد عبدالله تجربة التأليف، ومن أعماله في هذا المجال إعداد منهج الرياضيات، والمختار من التعابير الإنجليزية selected english idioms ومخطوطة في تاريخ اليمن، كما ورد في القرآن أوالحديث.

وكان (رحمه الله) مكرسا وقته واهتمامه للمجتمع دون أن يتطلع إلى أي منصب رفيع، ويقال إنه رفض عرضين بحقيبتين وزاريتين إحداهما في حكومة عبدالقوي مكاوي، والأخرى في حكومة قحطان الشعبي (رحمهما الله) إلا أنه اعتذر مفضلا وسطه الاجتماعي.

السيد عبدالله يخاطب والي عدن

شرع السكان المحليون في عدن بتقديم طلباتهم لمفوض الأراضي بمنحهم الأرض لبناء مساكن لهم، إلا أن جهات وأفرادا كانوا يفكرون بإنشاء المرافق الحيوية اللازمة، فتقدم السيد عبدلله محمد إبراهيم برفع عريضة إلى المندوب السامي البريطاني السيد (ريتشارد ترنبول) في نوفمبر 1965، أبلغه فيها نيته برفع طلب إلى الملك فيصل بن عبدالعزيز ملك السعودية بالتكفل ببناء مدرسة أهلية بمدينة المنصورة، وعرض السيد عبدالله نسخة من الطلب، وأبلغ السيد عبدالله الحاكم البريطاني أن من دواعي أسفه أنه سبق، أن تقدم إلى وزير المعارف الاتحادي للمساهمة في البناء باعتبارها من المدارس المعانة grant -in-aid schools إلا أنه رفض.

جدير بالذكر أن السيد عبدالله كان سكرتير اللجنة، أما رئيسها، فقد كان (المغفور له بإذن الله) أمين قاسم الشميري رئيس الغرفة التجارية في عدن. (راجع: خالد سيف سعيد: المنصورة من الصحراء إلى الحضر ص 41).

السيد عبدالله في موكب الخالدين

انتقل السيد عبدالله محمد إبراهيم إلى جوار ربه بمدينة الشيخ عثمان في العام 1984، مخلفا وراءه سجلا ناصعا وحافلا بالأعمال الطيبة، وخلف وراءه أرملة طيبة ولـه مـن الأبـنـاء والبنات على التوالي:

عفيف، خبير دولي مع البنك الدولي سابقا.

معاوية، كادر إداري أول في طيران اليمنية.

عطيفة، التربوية الفاضلة وأرملة التربوي الفاضل الراحل محمد عبدالله مقطري.

د.بلقيس، المهندسة فردوس، د.نادية، أروى مستشارة قانونية وقاضية تحكيم بمكتب وزارة العمل في عدن.

الفقيد سعيد ناجي.. الميلاد والنشأة.. الأستاذ سعيد عبدالله ناجي من مواليد مدينة المعلا (عدن) في 5 يناير 1941، إلا أن الوسط الاجتماعي والتربوي والرياضي عرفه من خلال مدينة الشيخ عثمان التي قضى فيها معظم فترات حياته، تلقى الأستاذ سعيد عبدالله ناجي مراحل تعليمه العام والثاني في مدارس عدن، ثم التحق بمركز تدريب المعلمين teacher training center في منطقة الطويلة كريتر قبل انتقاله إلى مدينة خورمكسر (مدرسة الفقيد هاشم عبدالله حاليا).

سعيد ناجي أحد فرسان التربية

التحق الأستاذ سعيد ناجي بسلك التعليم في الفاتح من سبتمبر 1960، ومن التربويين الذين التحقوا بهذا السلك المقدس: حسين عبداللاهي، وحسين أحمد أغبري والسيد سالم الشاطري وعبدالله عبدالمجيد خان وأحمدعثمان حسين ونديم عبدالستار ومحمد علي بن علي، إلا أن الأستاذ سعيد ناجي سكن ذاكرة ووجدان أجيال الستينات والسبعينات من القرن الماضي، من خلال موقعه مدرسا لمادتي الرياضيات واللغة الإنجليزية في المدرسة المتوسطة للبنين (لاحقا الإعدادية) في الشيخ عثمان، ومن زملائه في تلك الفترة أمين عون وفؤاد حاتم وعلوي ملهي وإدريس حنبلة وعبدالله شرف سعيد وحمود قاسم ومحمود ماطر وحسين العطاس وعلي عبده سالم وعبدالله عبدالكريم وأنور مصالح مريدي وعلي زريقي ويونس حسن إبراهيم ومصطفى مسرج ومحمد عبدالله بامطرف وعلي مقبل عزعزي وعلي سيف مقطري وعبدالمجيد غانم وعلي عبدالله نعمان وعبدالله علي نعمان وهزاع علي نعمان وعبدالله عبدالرحمن ميوني.

سعيد ناجي ولد ليكون مدرسا

من قرائتنا التربوية في ستينات القرن الماضي اكتسبنا بعض التعابير التربوية باللغة الإنجليزية ومنها born to be ateacer أي (خلق أو ولد ليكون مدرسا) a gifted teache أي مدرس موهوب، وهذان التعبيران أو المقولتان تتجسدان تماما في شخص الأستاذ سعيد ناجي، سواء عندما كان مدرسا أم مديرا أم موجها تربويا، كان (رحمه الله) عندما يدخل حجرة الدراسة كأنه كان يدخل استديوها سينمائيا، ويقف كأي ممثل كبير أمام الكاميرا، وقد لمس هذه المزية ليس زملاؤه وحسب، بل وطلابه، وهي الحقيقة التي أكدتها فصلية (التربية الجديدة) الفصل الثالث 1984، التي كان يصدرها مركز البحوث التربوية، وكان رئيس تحريرها د.سالم بن سلم ومدير تحريرها الأستاذ أحمد محفوظ عمر عندما تناولت شخصية الفقيد سعيد عبدالله ناجي في عمود (بطاقة شخصية).

سعيد ناجي وهوس نادي (الهلال الرياضي)

كانت الرياضة أيام زمان فنا وعشقا وتضحية، وكان النادي يلعب بثلاثة مستويات الفريق الأول first tem والفريق الثاني second tem والفريق الثالث third tem، وكان الأستاذ سعيد ناجي من أعمدة نادي الهلال الرياضي العطر الصيت، والذي تأسس في 19 يوليو 1951 في مدينة الشيخ عثمان، ومن أبرز مؤسسي هذا النادي الرموز الأفاضل حسين عبدالله عمر القاضي وناصر محمد مريدي وصالح عبدالرحمن وعبدالرحيم قائد علي وأحمد قحطان وناصر عمر فرتوت، أما الذين كانوا يسيرون دفة النادي فهم الرعيل الذي لايتكرر، ومنهم: علي محمد سعيد مسرج وناصر أحمد عرجي وصالح أحمد عرجي وأحمد عبدالله حيدرة (الباشا) وسعيد عبدالله ناجي وعبدالرقيب جوحاني. (راجع عبدالرزاق معتوق: تاريخ الحركة الرياضية في عدن ص 151).

من عمالقة الرعيل الأول لهذا النادي: ناصر مريدي (أبو خالد)، محمد أحمد ثابت الصباغ (بساط الريح)، محمد ناجي، محمد صالح حسين، عبدالله أحمد عبيد، إبراهيم أحمد عبيد، صالح عزاني، علي عوض بكيلي، سالم الغراب، علي مسرج، علي منصوري.

من العمالقة اللاحقين: علي فارع، علي بن علي، علي سعيد سالم، عبدالعزيز مجدر، محمود فرج، صالح محمد عمر، صالح هزاع، محمد عمر حسن، أحمد ناصر منذوق، حسن جلعوم، أحمد بكيلي، لوسي (حارس المرمى). (راجع معتوق خوباني: رحلة عطاء وذكريات كروية ص 207 - 224).

سعيد ناجي والعد التنازلي المبكر

قضى الأستاذ سعيد عبدالله ناجي الفترة الممتدة منذ منتصف السبعينات حتى منتصف الثمانينات من القرن الماضي موجها في التوجيه الفني ورئيس شعبة اللغة الإنجليزية، وقدم عصارة خبرته التربوية لأبنائه وبناته من المدرسين والمدرسات، وحرص (رحمه الله) طيلة فترة حياته على عدم إقامة حاجز مع طلابه وزملائه، لذلك كان نموذجيا في عمله مدرسا وموجها على حد سواء.

بدأ (رحمه الله) رحلة المعاناة مع متاعب ضغط الدم منذ بداية ثمانينات القرن الماضي، وأدخل إلى مستشفى الجمهورية التعليمي في خورمكسر عدن، وتم ترقيده في القسم الباطني، وظل في قسم الإنعاش طيلة يومي 9 و10 يوليو 1984، ونقل في اليوم الثالث مرة أخرى إلى القسم الباطني، وظل فيه حتى وفاته عصر يوم 16 يوليو 1984عن عمر ناهز الثالثة والأربعين عاما.

مدرسة الفقيد سعيد ناجي مديرية المنصورة

خلف الفقيد سعيد عبدالله ناجي وراءه سجلا حافلا في قطاعي التربية والتعليم والرياضة، أسكنه وجدان محبيه من طلابه وزملائه وأصدقائه، وهم كثر، كما خلف (رحمه الله) وراءه أرملة وخمسة من البنين، وخمسا من البنات.

أطلقت وزارة التربية والتعليم اسم الفقيد سعيد ناجي بعد موته مباشرة على إحدى مدارس الوزارة في مديرية المنصورة (عدن) تخليدا لذكراه.

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى