الميسري في ذاكرة الفن

> «الأيام» علي حيمد:

> في برنامجها الأسبوعي الفني (ذاكرة الفن) استضافت إذاعة البرنامج الثاني من عدن في حلقة السبت 19/7/2008 الفنان الشعبي الكبير محمد علي ميسري، ذلك الفنان صاحب الصوت الشجي والرائع الذي ينساب عذوبة ورقة، ولاتزال أغنياته تستوطن الذاكرة لكونها حملت شجن الغربة والشوق إلى الأمكنة، كما حملت موضوعاتها مضامين الرسالة الفنية التي ينبغي أن يؤديها الفن على النحو الإيجابي.

ولقد كان لي شرف المشاركة في هذه الحلقة من البرنامج بأن أكون ضيفا في الاستديو، ومعي الفنان محمد حسين السعيدي، وأن يكون الفنان الميسري على الطرف الآخر من الهاتف معنا منذ بداية البرنامج حتى نهايته، حيث أبدع المذيع المتألق صلاح بن جوهر كعادته في إدارة الحوار مع ضيوف البرنامج، وتناول العديد من المحاور التي لامست التجربة الفنية للفنان محمد الميسري.

لقد حفلت التجربة الفنية للفنان الميسري بكم وافر من الأغاني ذات المضمون العاطفي والموضوعي والوطني منذ بداياته الفنية في منتصف ستينات القرن العشرين، ولكونه انطلق في تجربته الفنية من بيئة ريفية بدوية، فإن بداياته الأولى شكلت انعكاسا للبيئة التي عاشها، ثم بدأ يتفرد بطابع ولون فني ميزه عمن سبقه في هذا المجال من فناني منطقته، ونذكر منهم على سبيل المثال الفنان الراحل عبدالله الشعوي والفنان أحمد عمر عوذلي اللذين ظلا محصورين في اللون والإيقاع البدوي، ولو أن الفنان سعيد الشعوي كانت له محاولات فنية تجديدية عندما انتقل من قريته إلى مدينة عدن، ولكنه لم يواصل المشوار.

وعلى الرغم من أن محمد الميسري ظل في مدينة (مودية) إلا أنه طرز أعماله الغنائية بألحان وألوان جديدة، استطاعت أن تتجاوز جغرافيا منطقته لتكتسب شهرة وانتشارا واسعين على مستوى الوطن اليمني كله، بل حتى تجاوزت حدود الوطن إلى الدول الشقيقة المجاورة، وأصبحت تغنى من قبل الأشقاء الفنانين في دول الجوار.

ونذكر من النماذج الفنية التي قدمها محمد علي الميسري، وساعدته إذاعة وتلفزيون عدن على انتشارها وتوصيلها إلى الملتقى الأغاني الآتية:

(سلم سلم يا محبوب)، (كيف حالك حبيبي)، (يا فلاحة)، (ليلة جودي بليلة)، (يا سامع صوتي)، (يا عم منصور)، (كيفكم ياحبايب)، (شي معك لي أخبار).

ومن الأغاني الوطنية لابد لنا أن نشير إلى النماذج الآتية:

(شوف بعينك كيف بلدنا نورت..) في عام 1969.

(غني يا عدن الثورة، هني وحدتنا الكبرى، غني يا صنعاء يابلادي، غني لأجمل وأحلى أعيادي..) وهذه الأنـشودة سـجلت في عـام 1972.

(من أجل بناء اليمن الواحد حققنا الوحدة..). وهذه الأناشيد تعتبر من أول الأناشيد المبشرة ببزوغ فجر الوحدة اليمنية.

لقد كانت تلك الحلقة من برنامج ذاكرة الفن لفته كريمة من إذاعة عدن وتأكيدا على أن محمد علي الميسري وأمثاله من كبار الفنانين الأحياء أو الذين توفاهم الله سيظلون في ذاكرة الشعب الفنية، تتوارث أعمالهم الغنائية الأجيال، جيلا بعد جيل.

ولقد كانت لهذه الحلقة من البرنامج الأثر النفسي الإيجابي الكبير لدى الفنان الميسري خصوصا أنها جاءت وفناننا القدير يعاني من ظروف صحية صعبة ألزمته الفراش والتردد على المستشفيات في عدن وأبين والبيضاء وصنعاء، لكونه يعاني من فشل كلوي، وهذا المرض الذي نتضرع إلى العلي القدير أن يشفيه منه يتطلب منه السفر المستمر إلى محافظة البيضاء لإجراء غسيل كلوي، وهذا الأمر يكلفة من الصحة والمال الشيء الكثير، في الوقت الذي أصبح الرجل محال إلى المعاش التقاعدي، وتعقيدات الحياة ومتطلباتها المعيشية لاتمكنه من مواجهة كل هذه الاحتياجات.

لذا نلفت عناية جهات الاختصاص بوزارة الثقافة وقيادة محافظة أبين إلى توصيل معاناة الفنان محمد علي الميسري إلى فخامة الأخ رئيس الجمهورية والأخ نائب الرئيس ودولة الأخ رئيس مجلس الوزراء للاعتناء بهذا المبدع الرائع، الذي يعتبر من القلة القليلة المتبقية من فناني العصر الذهبي الذين وهبوا حياتهم لخدمة الوطن. نتمنى من هذه الجهات تسهيل علاجه وعلى نفقة الدولة في الداخل، وإذا تعذر ذلك نقله إلى الخارج، وهذا أقل واجب يقدم لواحد من الذين أفنوا أجمل سني حياتهم في رقي الذائقة الفنية لدى قطاع واسع من المستمعين.

الجدير بالذكر أن البرنامج الإذاعي ذاكرة الفن يعده الإعلامي المخضرم الأستاذ صالح الوحيشي بمشاركة المذيع صلاح بن جوهر، ويخرجه المخرج الإذاعي المخضرم الرائع نجيب عبده عبدالله، ويساعده في الهندسة الإذاعية علي يسلم علي، حيث قدمت خلال هذا البرنامج العديد من الفقرات الغنائية من المكتبة الإذاعية لمقاطع من أغاني الفنان الميسري اختارتها الأخت سلمى عقربي، كما قدم الفنان السعيدي بعض النماذج من أغاني أستاذه الفنان محمد علي الميسري.

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى