برقيات عاجلة إلى رئيس جامعة عدن

> د. عبده يحيى الدباني:

> من باب الواجب الأكاديمي والأمانة الوطنية وجد الكاتب نفسه مدفوعاً إلى كتابة هذه المقالة التي جعلناها برقيات عاجلة موجزة إلى رئيس جامعة عدن بوجه خاص وإلى مجلس الجامعة وسائر المختصين بوجه عام وذلك على النحو الآتي:

1) أولاً وقبل كل شيء ينبغي انتشال الوضع الأكاديمي في مختلف كليات الجامعة فقد شهد تدهوراً وإهمالاً مخيفين خلال السنوات الماضية وصار في ذيل اهتمامات الجامعة مع أنه الهدف الأساس والرئيس، وظل يسير بصعوبة معتمدة على تراكم التقاليد الأكاديمية التي تأصلت في كليات الجامعة وأقسامها. لقد بات من الضروري الارتقاء بهذا الجانب المهم من خلال الاهتمام بورش المناهج والتقويم وغيرها وتفعيل نتائجها وتفعيل دور الأقسام العلمية وإعادة صلاحياتها التي همشت وإمدادها بما تحتاج من كادر داخلي وخارجي وإمكانات أخرى ضرورية وإعادة الاهتمام بتأليف الكتاب الجامعي وطبعه ونشره والاهتمام بالمكتبات والمختبرات وغير ذلك من الأمور التي تصب في مجرى النهوض بالوضع الأكاديمي في الجامعة بما في ذلك تخصيص ميزانية كافية لهذا الجانب بعد أن استأثرت جوانب أخرى شكلية وهامشية بميزانية الجامعة وبمواردها فضلاً عن العبث والنهب وتعدد بؤر الفساد فيها.

2) أما البرقية الثانية فإنها ليست منفصلة عما تقدمها، فالأمور مترابطة ويفضي بعضها إلى بعض، ولكننا هنا نطرح- بكل ألم - قضية تراكم الحقوق لدى جامعتنا الموقرة لسنوات عديدة، أقصد حقوق الهيئة التعليمية ومساعديها وغيرهم من أصحاب الحقوق الضائعة في أروقة الجامعة من موظفين ومنتدبين وغيرهم من مثل حقوق الإشراف على الرسائل الجامعية ومناقشتها ومخصص ساعات التدريس الإضافية والتطبيق العملي وبدل الاجتماعات وحقوق المرضى من الأساتذة وذويهم وغير ذلك. لقد أوجد إهمال الحقوق على هذا النحو يأساًَ وإحباطاً وتبرماً في وسط أصحاب الاستحقاقات المختلفة وانعكس سلباً على العملية الأكاديمية برمتها. على أن هذه المخصصات نفسها تعد بائسة بالنظر إلى الأعمال المنجزة مقابلاً لها ومع هذا لا تأتي في وقتها بل يطول انتظارها إلى حد غير معقول ولا مقبول.

3) أما ثالثة الأثافي في هذه البرقيات فهي لائحة الدراسات العليا التي نزلت حديثاً من صنعاء كالصاعقة وشرعت جامعة عدن بتطبيقها للتو من غير تحفظ أو مناقشة أو استثناء، على أن الجامعات الحكومية الأخرى- على حد علمنا- لم تفعل هذا اللائحة مثل جامعة صنعاء وجامعة حضرموت وجامعة ذمار وغيرها على أن هناك جوانب رصينة في هذه اللائحة الفوقية، ولكن بعض بنودها كان عرقلة شبه تامة لبرنامج الدراسات العليا في مختلف كليات جامعة عدن ومن هذه البنود استبعاد حاملي لقب الأستاذ المساعد من الإشراف على الرسائل الجامعية ومناقشتها بما في ذلك أولئك الذين ظلوا يشرفون ويناقشون ما يقرب من أحد عشر عاماً وكانوا من ضمن مؤسسي برنامج الدراسات العليا في أقسامهم. وهناك قضايا أخرى تخص الدراسات العليا لعل من أهمها مركزة كل شيء بيد الجامعة مع أن الأقسام والكليات هي التي تقوم بالتدريس ومنح الشهادات وهي الجهة المختصة إدارياً وأكاديمياً، فينبغي أن يكون دور الجامعة إشرافياً فقط حتى في المخصصات المالية.

4) وحتى لا نكون جاحدين ولا أنانيين فإننا نفرد هذه البرقية للمتقاعدين ومن هم على أبواب التقاعد المريب إذ ينبغي لرئيس الجامعة أن يفحص هذا الملف جيداً بما يرعى مصلحة الجامعة ومنتسبيها وبالنظر إلى خصوصية كوادرها وإلا فإن طوفان التقاعد سيلتهم الكفاءات الأكاديمية في بضع سنين في هذه الجامعة العريقة في ظل غياب البدائل وشحة التعيينات وصعوبة التعويض في كثير من التخصصات. فضلاً عن الالتفات إلى حقوق ما بعد التقاعد في حالة تحقق بطريقة فردية وطبيعية وعادلة من دون ما ضرر ولا ضرار، وكذا مراعاة حقوق المتوفين.

5) أما هذه البرقية فنخص بها أصحاب البرزخ كما سميتهم من قبل في مقالة مشابهة، وهم المنتدبون في التدريس من خارج الجامعة وما أكثرهم، ولقد دعونا من قبل إلى ضرورة تعيين من يستحق التعيين منهم وكنا سمعنا عن لجنة شكلت لدراسة ملفات المنتدبين من كل الكليات في ظل وجود موافقة مركزية على عملية الخفض والإضافة والتحويل إلى الجامعة، بيد أن هذه اللجنة عطلت أو أوقفت أو وصلت إلى باب مسدود، وعادت الأمور من جديد إلى أن يقوم كل منتدبي كلية على حدة بحمل الكشف الخاص بهم ومتابعته في صنعاء وهي عملية مرهقة سينجح فيها البعض وسيخفق ويعجز عنها الآخر مع أن الجميع أصحاب حق من مختلف الكليات بما فيها الكليات الموجودة في عدن، لاسيما إذا شذبت الكشوفات من الشوائب وجرى الاستقصاء لأصاحب هذا الحق وليس الإقصاء، أنه من الحق أن تفعل اللجنة المنبثقة من الجامعة للنظر في الأمر وحسمه في أقرب وقت.

6) بقي أن نشير في هذه البرقية إلى ضرورة ترك الوصاية على المجالس الطلابية، وعلى نقابة هيئة التدريس، حتى تأخذ الأمور مجراها الطبيعي وتنال الحقوق المختلفة، فلم تعد المجالس الطلابية في الجامعة ذات شرعية، فقد عطلت الانتخابات منذ سنوات نظراً للتربص الحزبي بها، وكان على الجامعة أن تسعى إلى خلق أجواء مناسبة للطلاب في ممارسة حقهم النقابي في انتخاب مجالسهم الطلابية على مستوى الكليات والجامعة، من غير تربص حزبي حاكم أو معارض، أما نقابة هيئة التدريس والهيئة المساعدة فليس الاحتقان الذي حصل في مؤتمرها الأخير الذي أخفق خافياً على أحد وهذا كله بسبب الوصايا السياسية والإدارية الحكومية على العمل النقابي والحرص على أن تكون قيادة النقابة جزءًا من الحزب الحاكم وأن تمثل الجانب الحكومي لا أن تمثل حقق الأعضاء وطموحاتهم وتعمل على ترصين العمل الأكاديمي وانتزاع حقوقه المختلفة. إننا في انتظار ولادة طبيعية لقيادة نقابية جديدة مهنية ونزيهة وجديرة بفضل صحوة المندوبين وحرصهم وبمباركة رئيس الجامعة الجديد بإذن الله تعالى.

7) أما البرقية الأخيرة فتتلخص في الإشارة إلى أن قيادة الجامعة خلال السنوات القريبة الماضية قد سخرت الجامعة وإمكاناتها ونشاطها بما في ذلك الندوات العلمية للدعاية السياسية للحزب الحاكم وهذا الأمر يفرغ الجامعة من مضامينها الأكاديمية ومن نشاطها الموضوعي العلمي المحايد ويضعف هيبتها ومكانتها في المجتمع ولا أرى رئيس الجامعة الحالي الدكتور عبدالعزيز بن حبتور سيرضي بمثل هذه الأعمال فهو ابن الجامعة الوفي وابن هذه المدينة وما جاء إلا ليبني ويصلح ومهما بدا ثمة اختلاف على السطح في الأهواء والآراء السياسية فلن يكون هناك اختلاف في الأمور الإدارية والأكاديمية والنقابية وهذا هو المهم بالنسبة للجامعة. ويكفي جامعة عدن ما نال من نشاطها ودورها بسبب الصراعات السياسية قبل الوحدة وبعدها، لقد شب منتسبوها عن الطوق وصارت الجامعة هي رابطتهم الفريدة وهي قبيلتهم الجديدة وبات ماضي الصراعات السياسية والمناطقية في نظرهم منبوذاً ومؤسفاً ومقززاً وقد تجاوزه ونبذه حتى العسكريون والمواطنون العاديون فما بالكم بالكوادر الجامعية. أعانكم الله ووفقكم وسدد خطاكم، وإنه تعالى لمن وراء القصد.

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى