العقار الذخيرة.. عقار المريمرة

> د.سهام عبدالرب سروري :

> شجرة باسقة، بجوار منزلي في الشيخ عثمان تنمو دون بذل جهد.. تلطف الأجواء الحارة في الصيف.. وتمد الحارة والشارع كله بالأكسجين.

إنها شجرة المريمرة Azadiracta indica التي تمتلك فوائد طبية لا تحصى.. منها: خفض درجة حرارة الجسم Antipyretic وتستعمل في كثير من بلاد العالم لعلاج الملاريا.. وخلاصات النبات المائية لها تأثير قاتل على يرقات البعوض في المياه الراكدة التي تعتبر وسيطاً لنقل المرض.

كما امتدت فائدة النبات إلى حقول الزراعة، وذلك باستعماله مبيداً للحشرات .. فخفف بذلك من تلوث البيئة بدلاً من استعمال المواد الكيماوية الضارة على ملوثات البيئة.

فالبذور المسحوقة التي تم منها استخلاص مركب الأزادراكتين Azadirachtin يعتبر المسؤول الأول عن الفعل القاتل وكذلك الطارد للحشرات.. وأيضاً يستفاد من عجينة هذه البذور كغذاء للحيوانات.. وهناك فوائد طبية للبشرة ولمنع تسوس الأسنان.. وللجهاز الدوري في خفض الضغط.. وبعض مرضى السكر يستفيدون من تناول الأوراق الغضة المائلة للاحمرار، أيضاً هناك فائدة لرفع نشاط جهاز المناعة في الجسم، حيث أثبتت الأبحاث الحديثة أن هذا النبات من ضمن مجموعة من النباتات التي تحث جهاز المناعة على النشاط والذي بدوره يحاول القضاء على زوار الجسم الغرباء وغير المرغوب فيهم كما يقضي على بعض أصناف السرطانات.

كما أن هناك فوائد لا تحصى في هذا الكنز الذي لم يكشف النقاب عن كل مكوناته.

وبينما أنا أنظر إلى هذه الشجرة العملاقة شكلاً ومضموناً.. التي زخرت بها أرض اليمن الحبيب.. ولا يوجد من يقوم بأبحاث ودراسات تفي ولو بجزء بسيط من أفضالها علينا.. إذا بأم حنون ودود من منطقة مجاورة هي (عمر المختار) تطرق بابي مستأذنة إياي في اقتطاع بعض الأغصان من الشجرة لتضعها أسفل ظهر ابنها ذي الأشهر الثمانية المصاب بالحمى.. رحبت بها من الأعماق وقد سرتني زيارتها سروراً بالغاً.. فقلت لها:

- مرحباً بك آيتها الغالية.. لا داعي للاستئذان «فالبلدية» عندما تطول أغصان الشجرة.. تأتي بعمالها وتقطع هذه الأغصان وترميها عندما تطول هذه الأغصان كثيراً وتعيق حركة السيارات من أسفلها.. وكما ترين فأوراقها وأثمارها تتساقط في «حوش» منزلي.. وآتي بعاملة تنظيف لترمي كل ذلك دون فائدة.. فاضطررت أن أغطى سقف الحوش «بشبك» حديدي حتى يخفف من عملية التنظيف.. وأرجو أن تخبري كل جاراتك بأن أغصان الشجرة تحت الطلب في أي وقت.. دون استئذان.. فاستعمال هذا النبات من قبل الإنسان ضارب في القدم.. استعمله في الطب الشعبي كثيراً.. ومرحبا بكن في أي وقت.. مع تمنياتي القلبية ألا يصاب الأحبة الصغار بأي مكروه أبداً.

هنا قفزت إلى ذهني فكرة القيام ببحث عن الطب الشعبي على هذه الشجرة.. لكافة الأغراض المستعملة.. فتوجهت إلى مركز المرأة للبحوث في جامعة عدن واستعنت بعميد كلية الاقتصاد السابق د. سعاد عثمان.. التي سعدت بالفكرة وبالمشاركة.. وبدأنا الخطوات الأولى معاً.. كون هذا البحث يهم العنصر النسائي أكثر.. وإذا بالموضوع يتوقف عند دخوله باب المركز.

لم استغرب فشأنه شأن الأبحاث السابقة التي توقفت..شأن الهمم الماضية التي ضربت.. فهناك إحصائية تقول: إن العالم العربي يملك 136باحثاً لكل مليون مواطن، مقابل 1395 عالماً في إسرائيل لكل مليون من سكانها.. بينما يصل الرقم في تركيا إلى 300 وإلى 192في جنوب إفريقيا.

وأن ميزانية إسرائيل للبحث العلمي هي %4 من الدخل القومي.. بينما الوطن العربي مجتمعاً ميزانيته تساوي %1 من الدخل القومي، عندما زارت أستاذة علم العقاقير Pharmacognosy العراقية أ.د. عفاف عبدالله خليل، التي ساهمت في تأسيس كلية الصيدلة في جامعة عدن (وهي أستاذتي في جامعة بغداد بعد الإبعاد السياسي من جامعة القاهرة، في فترة التشطير البغيض.. وقد كنت في صيدلة القاهرة في العام الثالث، ولم يتبق لي سوى عامين على التخرج) قالت هذه الخبيرة بهذا العلم:

- لو أن الحكومة اليمنية منحت كل خريج صيدلة قطعة أرض، لزراعة هذا النبات القيم.. وتصديره للخارج، لأصبحت اليمن من أغنى دول العالم.. وقفزت قفزات هائلة في مجال التصنيع الدوائي.

نقلت هذه العبارة، وإلححت عليها، إلى الأخت الدكتورة رئيسة جامعة الملكة أروى في صنعاء د. وهيبة فارع، عندما استدعتني لتأسيس كلية الصيدلة عام 2004م التي التحق بها عدد كبير من الطلاب الراغبين بهذا العلم.. الذي أسست مناهجه أفضل تأسيس واختير الطاقم التدريسي فيه من أعلى مستوى.. وكانت حينها وزير الدولة لحقوق الإنسان فهي خير من ستوصل هذه الرغبة لفخامة الأخ الرئيس.

وبينما أنا أتخبط هنا وهناك.. وأردد العبارة التي تقول: أن لا يأس مع الحياة ولا حياة مع اليأس.. فالشجرة هي الحياة إذا بوزير التعليم العالي والبحث العلمي أ. د.صالح علي باصرة يرصد مبلغ 50 مليون ريال يمني للأبحاث في اليمن ويفضل أن تكون الأبحاث من تخصصات مختلفة.

وإذا بدعوة توجه من جامعة عدن من قبل خبير الأبحاث الزراعية أ. د. سعيد باعنقود، ومدير عام مركز العلوم والتكنولوجيا د. شوقي الجرو للإدارة النواة في الهيئة العليا للأدوية التي أديرها والتي بذلت قصارى جهدي في أن تستمر.. وهي إدارة البحوث والإعلام الدوائي التي تصدر نشرة علمية صيدلانية توزع لكل محافظات الجمهورية اليمنية عن طريق مدراء عموم مكاتب الصحة في الجمهورية اليمنية.

كانت الدعوة قد شملت مختلف التخصصات.. وكانت برعاية الأخ رئيس الجامعة أ.د. عبدالعزيز بن حبتور.. فطرح اختصاصيو الزراعة والصيدلة موضوع النبات الثروة التي حظيت بها بلدنا.. والتي حباها الله من مادة الأزادراكتين الغنية بفوائدها المختلفة.. بنسبة أعلى وتركيز أكبر من تلك النسبة الموجودة في النبات المزروع في كل من الهند وألمانيا.

أليس ذلك أدعى أن تبذل الجهود.. ويضاعف الاهتمام بأرضنا الطيبة.. وهل وصفت أرض أخرى بالطيبة غيرها في الكتاب الحكيم؟!

هنا سمعت صوتاً رناناً يرتفع للأعلى لم يسمعه سواي، قائلاً:

- إن الطيب والطيبة من مكوناتي أيتها الابنة البارة!!

رددت بتأثر بالغ وبصوت لم يصل أسماع الغير:

- وهل من شك في ذلك أيتها الأم الرؤوم؟!!

قالت الأم الفاضلة:

- إن البنوة متبادلة بيننا فأنت الأم وأنا الابنة في أحيان أخرى!!!

- بل في كل الأحيان.. أنت ثم أنت ثم أنت الكل في الكل!!! ما قد قيل قد قيل وما سيقال في وصفك فهو أقل القليل.. يا بهجة العين ومهجة الخاطر.

وهنا توجت هذه المشاعر الفياضة جلسة الإثنين الموافق 2008/7/7م في قاعة مجلس جامعة عدن..من قبل فريق العمل المشترك الذي كان مدعواً في الندوة المذكورة سابقاً.. ووضعت الأهداف.. ودراسة الجدوى.. وشارك مركز أبحاث الكود في أبين.. ومختبر فرع الهيئة في عدن.. في تدوين اسميهما للمشاركة في فحص العينات.. والبدء بالعمل الجاد من قبل تخصصين هما الصيدلة والزراعة لبدء الخطوة الأولى في رحلة الألف ميل.. التي متى ما شاركت «الأيام» في نشر بداياته.. لاشك ستتسهل الكثير من الأمور.

والله ولي التوفيق.

إدارة البحوث والإعلام الدوائي

الهيئة العليا للأدوية/عدن

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى