إنها قضية وليست رغيا!

> عبود الشعبي:

> ما إن أعلن عن انتهاء حرب صعدة التي استدعت الهم الوطني الوقوف إزاءها وإيجاد حل يأتي عليها من الجذور، إلا واشرأبت أعناقنا نحو محافظات الجنوب، لأن القضية هنا في غاية الحساسية، إن لم تكن أخطر، وبما أن قرار إيقاف الحرب جريء وحكيم، لأن قضية صعدة وطنية تتصل بأمن الوطن واستقراره، فإن الجنوب شطر الوطن الآخر يحتاج من الهم الوطني أضعاف ما تحتاجه محافظة.. وليس عند العقلاء من أهل هذه البلاد أن قررا بمثل هذا الحجم يضع حدا لنزيف الدم، إلا دليل حكمة، كان ينبغي أن تنطلق من وقت مبكر لتحفظ لهذا البلد أمنة، ليبقى كما كان عبر التاريخ طيبا وسعيدا.

ولأن (صعدة) ومحافظات الجنوب شقيقات في وطن 22 مايو، فإن إيجاد حل لقضية الجنوب بنفس الوتيرة التي أدت إلى وضع نهاية لحرب صعدة بقناعة رسمية أكيدة، يعد إنجازا يعمق في النفوس النظرة الوحدوية العادلة تجاه القضايا الوطنية الكبرى، ولاينبغي تأجيل وضع حلول لمثل هكذا مشكلات، حتى لايأتي عليها ما يمهد لمرحلة تستبدل المعارضة السلمية في الجنوب حراكها الطيب الحريص على الأمن والسلم إلى شيء جديد من العنف وحراك مشوب بالتوتر، وستجد جهات غير وطنية ولا قانونية في التأجيل مكانا يسمح لها بالحركة لتنفيذ ما تصبو إليه من مخطط صار يصل تأثيره إلى كل مكان من تراب اليمن.

إن في الجنوب قضية، يجب أن يكرس لها النظام السياسي مساحة أكبر من العناية والرعاية.. إنها قضية، وليست رغيا أو فلسفة وجدلا عقيما، وربما أن وضعا كالذي هو قائم هناك لايحتاج مزيدا من تسويف أو مراوغة، ولاتقتضي الحكمة الانتظار، إنما التعجيل، وقد قيل «خير البر عاجلة»، أما هدوء (الحراك)، فليس متنفسا للبطء في حل القضية، والاستئناس بما يتصل بالقضية من اعتقالات سياسية ومحاكمات لرموز الحراك، لأن الجنوب أكبر من الأشخاص والمحاكمات، وليس هدوء الحراك فرصة للتكتيك الضار الذي يجعل الاعتراف بوجود مشكلة غير ذي بال، فإن القضية ماتزال حارة والحراك في دوران مع قدرة على التهذيب وإزالة ما يعلق في طريقه من أوهام التفكير النزق.

إن مصلحة السلطة أن تلتقط اللحظة المناسبة في الإعلان عن حل يأتي على القضية من أساسها، ولتدع الخراصين يذهبون في غمرات المتاهة، لأن القوة في اتخاذ القرار لن تبقي مجالا للصخب المضاد أو التأويل الذي لايأتي بخير.

وكما أن القضية ماتزال حية فإنه ليس ببعيد تدوير الحراك الآن إلى مساحة أكبر، يستقطب في طريقه عناصر جديدة من الطلائع والأنصار، تثري الحراك وربما قربته إلى نفوس أبناء الشمال، لأن خطوات أبناء الجنوب ماتزال منذ البداية مدروسة مفعمة بقوة الانتماء للوطن، شاهدة على الحس الوحدوي الذي لايستطيع أحد أن يكون وصيا عليه، ولو كان يعلن انتماءه للحراك، ولانرى غرابة إذا خرج أبناء الشمال في الحدا وبني ضبيان يهتفون في الشارع باسم الجنوب، حين يعلم الناس أن الحب والسلام الذي نرجوه للوطن يأتي من بوابة (الجنوب) الذي تحتاج القضية بصدده حلا يدوم للأبد، وحين يعلن عن قرار كهذا سيعرف القريب والبعيد مقدار الولاء للوطن، الذي يتمتع به أولئك الذين رفعوا لواء الوحدة في الجنوب، ويصمهم بعض المناوئين للقضية في السلطة والمعارضة بالخونة والانفصاليين، بينما هم من تلقف تراب صعدة أكبادهم وأشلاءهم وارتوى من دمهم، ما يشهد لهم أنهم أحرار، يسري في عروقهم العشق للوحدة والثورة والجمهورية.

طبتم أبناء ردفان والصبيحة والضالع وكل أحرار الجنوب.. وهل تعلّم أحرار اليمن مفردات الحرية إلا من جنابكم.. ويا من نزلت عليكم نفحة (الوحدوية) من السماء انظروا، ماذا ترون؟!.

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى