البيارة.. في يافع

> علي صالح محمد:

> البيارة في يافع شأنها شأن كل شيء جديد دخل على المنطقة من عام 1967، له ضريبة وضحايا، لأن لكل تقنية مخاطر كما يقال، فحين دخلت الطريق الترابية وبعدها الإسفلتية كان هناك ولم يزل ضحايا كثيرون، وحين دخلت الكهرباء كان هناك ضحايا أيضا، وهكذا الحال حين دخلت مكائن شفط المياه من الآبار، وحتى جهاز الموبايل الذي أصبح في متناول الجميع له أيضا مساوئه وضحاياه من أوساط المراهقين الذين فتح لهم آفاقا ليصيبهم في نواح أخرى، وكل ذلك يعود إلى سوء التعامل والاستخدام الناتج عن الجهل.

ومصطلح البيارة لم يكن ممكنا تداوله ضمن قاموس اللغة والتخاطب في يافع إلا منذ عهد قريب، حين دخل الماء في حياة الناس كمشروع كبير للاستخدام المتعدد، الأمر الذي نتج عنه بناء الحمامات المتطورة في كل بيت، بل في كل غرفة، بعد أن كان الخلاء والمواقع الخفية عن الأنظار-ولزمن طويل- هي مواقع قضاء الحاجة، وبموازاة هذا التطور المهم يجد الناس أنفسهم اليوم في مواجهة غير محسوبة مع المساوئ التي يحملها هذا التطور، كما هو الحال مع الصرف الصحي مثلا، وبالذات في ظل غياب الدولة وعدم تدخلها حتى اللحظة، مع أنها تكرمت بفضل جهود الناس المتواصلة منذ السبعينات بتوصيل الماء إلى كل قرى الهضبة، ولكنها أهملت مخرجاته منذ اعتماد المشروع كمشروع غير قابل للتوصيل المنزلي بسبب انعدام الصرف الصحي، ليصبح هذا الأمر اليوم هما كبيرا يؤرق الناس كمصدر خطر لصحة البيئة، بل ومصدر أساسي للعراك والنزاع بين السكان حد سقوط عديد من الضحايا جراء ذلك، وحسب معلوماتي ففي منطقة الحضارم- يافع- سقط العديد من ضحايا الصرف الصحي، كان آخرهم رجل وامرأة ومصاب في قرية ظيئان لوحدها، وهي القضية التي سبق أن نشرت وقائعها صحيفة «الأيام» الغراء.

وشخصيا شهدت واحدة من قضايا النزاع هذه التي نشبت بين جارين في قريتي ظيئان بسبب بيارة يعود حفرها إلى ما قبل خمسة عشر سنة تقريبا لتصبح طيلة هذا الوقت مصدر نزاع هاذين الجارين، وهما المغتربان في أرض الله الواسعة واللذان لم تشفع لهما روابط القربى والصهارة في حسم هذا الصراع، لتصبح هذا البيارة (عزكم الله جميعا) شغلهم الشاغل حتى وهما في مواطن الاغتراب ليستمر النزاع، وهو النزاع الذي يجد فيه بعض من المعنيين في أجهزة الشرطة والسلطة وبعض الوسطاء وللأسف في ظل انتشار ظاهرة الفساد مجالا خصبا للفيد والترزق من خلال تغذية وإطالة أمد الصراع ودعم طرف على حساب طرف حد استخدام السجن للبعض لعدة أيام لفرض رأي أو قناعة معينة، كما حصل من قبل أمين المجلس المحلي مثلا في عملية سوء استخدام للسلطة وتجاوز للقانون وتقييد للحرية من غير وجه حق، وهكذا يستمر الصراع بين الأطراف، خصوصا حين تتداخل وتتراكم عوامل ومسببات النزاع وتتعاظم معها مشاعر العناد والمكابرة والمكايدة بين الأطراف المتنازعة لينتج عنها ما لايحمد عقباه، وإذا كان الجهل أحد الأسباب المهمة لنشوء واستمرار مثل هذه المنازعات فمن المؤسف والمقلق أن يكون أداء بعض القائمين في أجهزة السلطة في ظل انتشار أوجه الفساد وضعف القيم أحد أسباب استمرار هذه المنازعات، على حساب الحلول العادلة والحاسمة.

وللحد من هذه الظواهر فإن المطلوب في يافع أن تقوم جهات الاختصاص بوضع تصورات عملية للصرف الصحي وفقا للخصائص الجغرافية للمنطقة والمعايير البيئية العلمية المناسبة، وبناء على ذلك يلزم السكان بعمل المخرجات وفقا للمعايير والشروط التي يتضمنها هذا التصور حتى لاتظل قضية البيارة والصرف الصحي العشوائي مصدر نزاع ومصدر خطر يهدد البيئة والصحة العامة.

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى