لماذا البعض يخالف قوله عمله؟

> علي الذرحاني:

> يغلب على أقوال وتصريحات بعض الناس خاصة المتسلطين منهم خطابات الوعود البراقة والأماني والأحلام الخيالية المدهشة والتسويفات المستقبلية غير المتحققة، التي لاتفضي إلى أي نتيجة ملموسة، ودخلت في عداد الأقوال التي تخالف الأفعال، وشملتها الآية الكريمة التي يقول الله تعالى فيها:(يا أيها الذين آمنوا لم تقولون ما لاتفعلون، كبر مقتا عند الله أن تقولوا ما لاتفعلون) 3،2 من سورة الصف.

ترى أحدهم يحدثك بحديث حلو ومعسول يثلج القلب ويشرح الصدر، وبعد مرور أيام وليالٍ وشهور بل وسنين لانلمس أو نرى أو نحس شيئا متحققا من تلك الوعود المثالية والخيالية التي تشبه الوصفة السحرية المخدرة، وكأنها مثل كلام الليل الذي يمحوه النهار.

ويحدثك آخر عن الديمقراطية والحرية وحقوق الإنسان وعن المساواة وله وجه آخر ديكتاتوري وقمعي ومستبد، ومازالت تحكمه عقلية بدائية ورواسب سلبية قبلية من مخلفات الجاهلية.

ويوضح ويشرح لك ويقنعك ثالث بأهمية الانتماء للأرض والإنسان والوطن، وعن المواطن الصالح والوطنية المتساوية وحب التضحية والإخلاص، والحرص على المصلحة العامة والعمل من أجل ازدهار الوطن ورفاهية ورخاء المواطن، وهو في الوقت نفسه يستغل وظيفته الموكلة إليه فيتحايل على أموال الوطن الذي يتحدث عنه بلا رقيب أو حسيب سوى الرقيب الذي لاتخفى عليه خافية ولايمكن الهرب منه أو النجاة من عقابه. وهذا الثالث تعجب لقوله ونصحه ومظهره، وتندهش لفعله، وينطبق عليه قوله تعالى:(ومن الناس من يعجبك قوله في الحياة الدنيا ويشهد الله على ما في قلبه وهو ألد الخصام وإذا تولى سعى في الأرض ليفسد فيها ويهلك الحرث والنسل والله لايحب الفساد، وإذا قيل له اتق الله أخذته العزة بالإثم فحسبه جهنم ولبئس المهاد) البقرة 206،205،204. ويحدثك رابع عن الحب والمحبة والمودة والتعاطف والتراحم والتكافل والتعاون وهو لايعرف إلا لغة المصالح والمنافع المادية والمجاملات (المصلحية) الخالية من أي أحاسيس إنسانية صادقة سوى أسلوب النفاق والتزلف والمشاعر المزيفة،

فحال هذا تشمله الآية الكريمة التي يقول الله تعالى فيها:(أتامرون الناس بالبر وتنسون أنفسكم وأنتم تتلون الكتاب أفلا تعقلون) البقرة 44. فلا يستغرب البعض حدوث مثل هذه الأقوال وتلك التصريحات والوعود التي يقولها من لايفعلها أو يسعى لتحقيقها بل الذي يدعو للاستغراب هي الأسباب التي جعلت هؤلاء يقولون ما لايفعلون والتي منها: ضعف الوازع الديني وأحيانا التربية الخاطئة الناتجة عن جهل المربين وأولياء الأمور، وأيضا نقص الخبرة المعرفية والكفاءة التقنية في كثير من مجالات وأمور الحياة المختلفة، وعدم الإحساس بالقيم، وعدم استشعار المسئولية، وغلبة الأنانية والأثرة الفردية على المصلحة الجماعية، وافتقار الكثير من هؤلاء المتسلطين إلى برامج ومشاريع إستراتيجية ومستقبلية مهمة وواضحة ومحددة هدفها نهضة البلاد واللحاق بركب التطور بدلا من المصالح الشخصية الضيقة.

وأهم من هذا كله غياب الروح الجماعية وروح الفريق الواحد الذي يشبه النحل الذي يجني رحيق العسل، ونلمسه في كثير من الشعوب الحية التي تحب شعوبها وأوطانها، وتعمل على ازدهارها ورقيها ورخاء مواطنيها.

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى