لا إكراه في وحدة القلة القائمة

> نبيل خالد ميسري:

> يقول تعالى في محكم كتابه العزيز «لا إكراه في الدين» صدق الله العظيم.

وإذا كانت الآية الكريمة تبين أن المولى عز وجل وهو الخالق قد سن مبدأ عدم الإكراه للإنسان على ما لايرضى أو يحب، ونلاحظ أن الخالق قد اختار أعلى المراتب، وهي اختيار الإنسان لدينه مؤكدا أهمية رضا الإنسان بما يختار.

هذه الآية تجرنا إلى المراتب الدنيا المصنوعة من الإنسان وهو المخلوق، والتي لاتسمو إلى مرتبة الدين.. ولهذا فإننا نلاحظ مسميات عديدة خلقها الإنسان على مدى العقود، ومهما كبرت معاني تلك المسميات فإنها لن ترقى إلى مستوى الديانات السماوية التي أقرها الخالق لعباده.

وإذا كان الخالق قد حسم هذا الأمر بعدم إكراه الإنسان على شيء لايطيقه، فالحياة الإنسانية مليئة بهذه المواقف والمحطات المهمة، فالوحدة مثلا كانت ولاتزال أمنية كل اليمنيين الذين عانوا شتى أنواع الظلم والاستبداد والحرمان، وعلى أمل أن تحقق لهم دولة الوحدة بناء المؤسسات وإرساء القانون، ولكن وخلال ثمانية عشر عاما وآخرها حروب صعدة الخمس والمسيرات السلمية المتنامية في الجنوب وغيرها تظهر أن هناك خللا لابد من إصلاحه قبل فوات الأوان، فلا سلطة فرد أو أسرة أو قبيلة أو حزب صالح لدولة الوحدة المنشودة.

وكما كنــا ولازلنــا ضد مفهوم وحدة القلة النافذة التي لاترى في الوحدة إلا السلطة أو الثروة، ولكننا مع وحدة المواطنين التي حلموا بها ولم يقتنعوا حتى الآن أنها وحدتهم المنشودة لأسباب أصبحت واضحة للجميع، ورغم ذلك لازلنا على أمل بإمكانية تصحيحها، بإعادة اتفاق شريكي الوحدة، وهما أبناء الشطر الشمالي وأبناء الشطر الجنوبي على شكل الدولة والقوانين والمؤسسات المطلوبة من خلال آلية متفق عليها.

إن التعبير عن رفض الظلم والاستبداد والحرمان والقضاء على الإمامة والاستعمار كانت أول أهداف الثورة ولاتزال حتى الآن، مع تغيير شكل السلطة فقط، كما أن تاريخ القوات المسلحة والأمن المكلف للدفاع عن الثورة والوطن والمواطنين يمكن تقييمها من دورها خلال المراحل المختلفة التي استخدمت في معظم الصراعات الداخلية على السلطة، وأخيرا دورها في حروب صعدة والمسيرات السلمية، وهكذا أيضا لبقية أهداف الثورة الأخرى.

لذلك ليس أمامنا للحفاظ على وحدتنا التي تختلف عن وحدة القلة المستأثرة بالسلطة والثروة سوى طريق النضال المنظم الذي يجيزه الدين ودستور الوحدة معا، ولايستبعد أن نرى عما قريب أشكالا مشابهة لحروب صعدة ومسيرات الجنوب في مواقع مختلفة من الوطن، بعدها لايعلم سوى الله كيف سيكون الحال.

حروب صعدة ومسيرات الجنوب دروس في غاية الأهمية لمن يريد الحفاظ على الوحدة، باعتبارهما وجهين لعملة واحدة تهدف لمقاومة الظلم والحرمان ولتصحيح الأوضاع للاتجاه السليم، كما أن ردود الفعل الشعبية تجاه النموذجين يخلق قاعدة واسعة للالتفاف حول أدواتهما.

ومع قناعتنا أن وحدة القلــة القائمــة تحتاج إلى رجــال مخلصين ورؤية واضحــة وبرنامج عمل علني لتصحيحها نحو آمــال أبناء اليمن عموما وبتراضي أبنــاء الشريكين أولا، وإلا فلا حكم محلي كامل الصلاحية الذي كنــا ننشــده ولافيدراليــة أو كونفدرالية التي ينادي بهـا آخرون، بل لـن يكون أمامنــا سوى رفع شعار لا إكراه في وحدة القلة القائمة.

اللهم إني بغلت اللهم فاشهد.. اللهم فاشهد.. اللهم فاشهد!.

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى