كـركـر جـمـل

> عبده حسين أحمد:

> أي شيء لايراه الإنسان ولايحس به لن يصدقه أبدا.. قد يقرأ ويسمع عنه كثيرا في وسائل الإعلام.. ولكنه لايفهم بالضبط ما الذي يقصدونه بالإصلاح من خلال الكلام في الصحف والإذاعة والتلفزيون.. فالحالة الاقتصادية المتردية هي الواضحة فقط.

أما البيانات في الصحف والمقابلات في التلفزيون والكلام في الإذاعة هي (فوازير) جديدة تحتاج إلى حل.. وهذا الحل يصعب على الإنسان أن يفهمه بمجرد الحديث عنه أو الكتابة.. أما إذا رآه أمامه وأحس به استطاع الانسان أن يصل إلى شيء من الحقيقة.. وهو أن يرى ما لم يكن يراه من قبل ويلمس ما لم يلمسه في الماضي.. فإذا استطاع ذلك أصبح مدركا لحقيقة الإصلاح بدلا من أن يشعر أن كل الكلام الذي يقال عن الإصلاح إنما هو للاستهلاك الإعلامي فقط.. وأن الذي ينبغي على الإنسان هو أن يظل طول عمره يشقى ليموت من العذاب دون أن يعرف هل هذه الحياة تساوي كل هذا الهوان والاحتقار.

> ومن المؤكد أننا نخاف أن يكون هذا الكلام الذي نسمعه ونقرأه عن الإصلاح ليس إلا محاولة متجددة لبيان أن الذي سيأتي أفضل وأنفع.. ثم نكتشف أن الذي أتى به الإصلاح ليس جديدا.. إنما هي محاولات فقط لم تصل بنا إلى شيء أكثر من أنها تركتنا في جحيم الغلاء نحترق بعد أن ذقنا كل أنواع العذاب والهوان.. ونحن نجري وراء بريق الإصلاح من مكان إلى مكان آخر.

> وواضح جدا أن الإنسان إذا لم يجد تفسيرا معقولا أو معنى واضحا أو عملا ملموسا لكل الذي يسمعه ويقرأه كل يوم من الإصلاح.. فلابد أن يقول، ومن حقه: «كلام فارغ».. وأن الذي يحدث سخرية من عقول الناس وأسلوب جديد للثراء الفاحش على حساب الفقراء والبائسين.. ولاشك أننا نريد أن نصدق أن الإصلاح له أساس من الصحة.. وأن المعركة ضد الفساد والمفسدين صادقة لاريب فيها.. وأن السلطة تقف معها وليس ضدها.. أي أن تقود السلطة هذه المعركة لكي تنجح.. أما إذا فشلت فإن أسباب الفشل سوف تكون معروفة عند كل الناس.. وأن السلطة هي التي خططت لهذا الفشل في قلب ميدان المعركة.

> ولابد أن هناك فرقا واضحا بين الذي يأكل أقل والذي يأكل أكثر.. والذي يشعر بالجوع دائما.. والذي لايشعر بالجوع أبدا.. فالشبعان لايحتاج إلى أحد.. والجائع يحتاج إلى شيء يأكله.. فهو فقير جدا وبطنه فارغة.. وثيابه ممزقة.. فإذا لم يجد هذا الرجل اللقمة التي يأكلها ولا الغطاء الذي يستر جسمه.. فكيف نجعله يصدق أن الإصلاح لابد أن يجيء.. وأن المستحيل لابد أن يصبح ممكنا.

> بقي إذا راجعنا إستراتيجية الأجور والمرتبات التي ليس لها بارقة في الأفق.. فسوف نجد أن الشبعان أكثر سوف يحصل على مبلغ كبير من الزيادة.. والجائع أكثر سوف يكون نصيبه أقل.. ولن يتجاوز ربع هذه الزيادة.. بعد خصم الضريبة.. فكل شيء عندنا يخضع للضريبة، حتى الإنسان خاضع للضريبة والضرب.. وفي أحسن الأحوال (اللبج) على أقل تقدير.

> تكفينا أربعون عاما من الجوع والدموع!!

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى