أحقا هذه حضرموت؟!

> صالح حسين الفردي:

> حتى وقت قريب، لم يأت ذكر لحضرموت إلا وتستدعي الوجه المشرق لسماحة الدين الإسلامي الحنيف، إذ قر في مخيلة الأمم في أرجاء الكون ذلك النموذج البسيط لطبيعة المسلم الداعي لدين ربه- سبحانه وتعالى- بقانون متواضع وبسيط، تمثل في استظهار سماحة الدين واستبطان معانيه، والبدء بتقويم الذات، وسلوك الصدق والأمانة والإخلاص في التعامل مع أخيه المسلم والآخر، كما لا يتهجاها اليوم- زيفا ورياءً- أي مسئول إلا ويلقي على مسامعنا بعدها (الحضارة والتاريخ والتراث والأصالة) ويظن أنه بذلك قد أعاد إليها تاريخها ومجد الأوائل، وليس مجدنا، وانتمى إليها، راميا عرض الحائط بكل موروثها الحضاري وتاريخها المجيد.

تلك بداية لابد من كتابتها، ولكننا ندرك أن حضرموت الآن ليست حضرموت الأمس، إذ إن المتابع- اليوم- يلحظ تحولات في سلوكيات الشخصية المنتمية إليها، ويغلب على الكثير قانون: أنا ومن بعدي الطوفان، وإلا كيف نفسر ما حدث في الفترة القصيرة الماضية بالتزامن مع تقلد الأخ سالم أحمد الخنبشي منصب محافظها، فلم تعط للرجل وهو الأستاذ الجامعي والمثقف المهتم بتشكلاتها وتراتبيتها وفق قراءة علمية منهجية كللت بكتابين تتوسدهما المكتبات، إذ لم تترك له فرصة التقاط الأنفاس، فمن قضية الخطف القبلي من خارج حدودها للشيخ بن يمين، إلى مصيبة تسريب امتحانات الشهادة الأساسية القادمة من الخلف، إلى فجيعة الضابط محروس، رئيس مكتب مكافحة المخدرات وبيانه للناس بما تشهده من تجارة رائجة (ترانزيت) وغير ذلك، وصولا إلى ما حدث في سيئون الدان والشاي البخاري والشاعر حداد، وقد سأل يوما:

بسألك يا عاشور عن حال البلد

وأخبار غنانا وكيف الناس والبلدة

هل كان شاعر حضرموت الكبير يتصور أن (حال البلد) سيؤول إلى تفجير أحد أبنائها لنفسه في مجمع أمني؟!، وهو الشاب الذي سنحت له فرصة دراسة الطب، وتؤمل فيه حضرموت علاجها مما تعانيه من أمراض وعلل لم تشهدها ولم تسمع بها في تاريخها القريب أو البعيد.

هذه الحادثة التي ربما يطويها النسيان بعد فترة وجيزة إذا صدمنا بأبشع منها- لا سمح الله- تضع الجميع ونصيبهم من الجرم الذي يرتكبه من يقع عليهم اليوم حماية المجتمع من ما علق به من ظواهر هي أبعد ما تكون عن (حضرموت الأمس) وأن يكون (المشجري) طالب طب في المستوى الثالث كما أعلن أو السادس كما يشاع، فتلك مصيبة يقع وزرها على قيادات الجامعة الذين- كما يبدو- تفرغوا لكل شيء إلا نبض الواقع الجامعي، فإطلالة واحدة على قاعات الدرس سيجد المرء أكثر من مشجري راقد بين جنباتها، وسؤال يدفع به إلى أساتذتها سيصف العجب العجاب، وما بيان نقابة الهيئة التدريسية الذي نشرته «الأيام» ببعيد عن تشخيص العمل الأكاديمي، والكل يعلم أن الجامعة هي فضاء العلم والإبداع واكتشاف المواهب من خلال تفعيل النشاطات الثقافية والمعرفية والعلمية والفنية في كليات الجامعة، ولكن الصمت والبروبجندا الدعائية سيد الموقف.

والأغرب أن الأخ الخنبشي وهو يحاول- جاهدا- الإتيان بما يفيد، يصطدم بموانع وكوابح من المركز والمحيطين به، وإلا كيف نفسر إصرار وزير المياه على مرشحه لمنصب مدير مياه الوادي والصحراء ورفضه لابن المنطقة الذي يشغل موقع نائب المدير السابق، فمن يناطح من؟!.

ليس هذا وحسب، بل يسري همس في الوسط الصحفي والإعلامي عن تمنع وزير الإعلام لإزاحة مديرين تابعين له مؤسسيا، ثبت فشلهم في تسيير العمل في المرفقين الإعلاميين (صحفيا وإذاعيا) في السنوات الماضية في المحافظة، وما يعمق الوضع سوءا تلك البدائل المستهلكة التي يصر المحيطون- تنظيميا- على الرجل وضعهم في مواقع المسئولية بوصفهم أهل ثقة وولاء، لمن؟ لست أدري!.

تلك ملامح من حضرموت اليوم، والأمثلة لا حصر لها، وقد أغناني عنها الكثير من الزملاء في صفحات «الأيام» لنجد أنفسنا نتساءل: أحقا هذه حـضرموت؟.. اللهم إني بلغت.. اللهم فاشهد.

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى