المصلحة الوطنية تستدعي رفع الحصار عن ردفان

> عبدالله أحمد الحوتري:

> في مرحلة ما قبل الاستقلال كانت ردفان بؤرة للثورة ومأوى للثوار، وعرفت بتاريخها النضالي المضيء وبرجالها الأفذاذ الذين قدموا تضحيات جسام طوال مراحل النضال الوطني التي خاضها شعبنا ضد الوجود الاستعماري.

هذا الحضور الردفاني المتميز في تاريخ النضال الوطني كان له أسبابه الموضوعية والذاتية، من هذه الأسباب موقعها على مقربة من القواعد البريطانية في عدن جنوبا وامتدادها شمالا إلى حدود الجمهورية العربية اليمنية التي مثلت عمقا إستراتيجيا لنضال الأحرار في الجنوب، هذا إلى جانب طبيعة أرضها الجبلية الصعبة وسكانها المنحدرين من قبائل صعبة المراس مشهورة بالكرم والشجاعة والتضحية والتوق إلى الحرية ومقاومة الظلم والاستبداد الاستعماري. كان لردفان مشاركة مشهورة في مختلف العصور، شارك رجالها في الدفاع عن ثورة 26 سبتمبر منذ أيامها الأولى، وعادوا مع إخوانهم الأحرار من مختلف مناطق الجنوب ليفجروا ثورة مسلحة منظمة ومستمرة حتى خروج المستعمر.

هذا التميز لهذه المنطقة وأبنائها جعلها منطقة جذب للمناضلين من مختلف مناطق الجنوب كالمجعلي والسقاف وغيرهم من المناضلين. احتلت ردفان قداسة في نفوس كل المناضلين، وظلت الأجيال تحتفظ لردفان وأبنائها بهذه المكانة حتى اليوم، وكما كان أبناء ردفان مبادرين إلى تفجير ثورة مسلحة ضد الوجود الاستعماري في الجنوب، اشتعلت لتشمل الجنوب بكل مناطقه، كانوا أيضا هم المبادرين إلى إعلان النضال السلمي لإصلاح الاعوجاج الذي حدث بعد حرب 1994، وانتشرت هذه الحركة السلمية لتشمل كل المناطق الجنوبية، هذا الانتشار الذي يحتاج إلى معالجة أسباب ظهوره بدلا من المواجهة المسلحة باستخدام الأجهزة القمعية التابعة للدولة، وتطويق ردفان عسكريا باستحداث معسكرات جديدة تضم مختلف أنواع الأسلحة، لاندري ما الحكمة في ذلك، ونعتقد أن مثل هذا التصرف أعطى المبرر لزيادة عمليات الشحن النفسي في الاتجاه المعاكس. إن من يدعي حب الوحدة لايقدم على الأفعال التي يمكن استغلالها في اتجاه النفور من الوحدة ذاتها.. أم أن من الحب ما قتل؟.

ما يجري في ردفان وغيرها من مختلف المناطق الجنوبية هي مسيرات واعتصامات سلمية، إذا خرجت عن حراكها السلمي قبل الاعتداء على المقرات الحكومية والمحال التجارية، كما حدث في فترة سابقة من قبل عناصر اندست في الحراك السلمي بفعل فاعل، كما صرح وقتها قادة الحراك، الأمر الذي أنكرته السلطة. مثل تلك الأفعال أن حدثت تواجه من قبل الشرطة المدنية التي إن جرى تعزيزها قد لاتثير ما أثاره تواجد معسكرات جديدة للجيش في مواجهة منطقة ردفان، وكأنها جبهة قتال ملتهبة.

السلطة قبل غيرها تعلم أن أبناء ردفان يحملون السلاح حتى الأطفال، وهي سمة قديمة لأبناء مناطق القبائل في كل أنحاء اليمن، ومع ذلك لم يستخدم السلاح من قبل الحراك السلمي وظل سلميا حتى اليوم، رغم تعرضهم بصدور عارية للرصاص الحي من جانب الأجهزة العسكرية، وذهب ضحية ذلك عدد من الشهداء والجرحى دون مواجهة مسلحة، بل استمروا في مسيراتهم السلمية، فما الداعي لهذه المعسكرات؟ إننا نرى في الأمر شبهة أو سوء تدبير.

لاتدفعوا بردفان للخروج عن الحراك السلمي فتخرج بعدها مناطق كثيرة، فإن هذا إن حدث هو بداية الكارثة التي يسعى كل يمني شريف إلى تجنبها، وستكون وصمة عار في جبين من يسعى بأفعاله لإيجاد المبررات لذلك. لنتجنب لغة الاستقواء ونتجه إلى حل مشاكلنا بالحوار قبل حدوث الخسائر لا بعدها، كما حدث في صعدة.

والحوار يتطلب الاعتراف بالمشكلة أولا الأمر الذي يسهل الاتفاق على الحلول. ومن يرفض الحوار انطلاقا من عدم الاعتراف بالمشكلة فإنما يفعل كالنعامة التي تحتمي من الرياح بدس رأسها في التراب حتى لاترى ما يجري حولها.

وعادة صاحب الحجة الضعيفة هو من يرفض الحوار.

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى