(استعادة الوحدة) هي ضمان عودة الاستثمار

> د.محمد حسين حلبوب:

> في المؤتمر الصحفي للمؤتمر الشعبي العام المنشور في صحيفة «الأيام» يوم أمس الأول، العدد (5507) بتاريخ 14 سبتمبر 2008م، اختتم الأخ سلطان البركاني الأمين العام المساعد للمؤتمر الشعبي العام، المؤتمر بالقول بأن (الاعتصامات والاحتجاجات كانت عائقاً أمام الاستثمارات، وليتحملوا عواقب الفقر والفساد)، وقد تكررت هذه المقولة مرات عديدة على لسان قيادات عليا في السلطة وفي الحزب الحاكم .

وحتى لايلغي التكرار عدم مصداقية هذه المقولة نرد على الأخ البركاني وغيره بالآتي :

أولاً: إن تقرير البنك الدولي الصادر عام 2003م، والتقرير الصادر عن الأمم المتحدة بالاشتراك مع الحكومة اليمنية، حول التنمية في اليمن، الصادر عام 2007م، وكذا وثيقة الخطة الخمسية الثالثة 2006-2011م، قد أكدت جميعها على أن عرقلة الاستثمار تعود إلى (ضعف منظومة الحكم الرشيد)، بما يشمله ذلك من انتشار الفساد، وعدم الاحتكام للنظام والقانون، وضعف فعالية الحكومة، وعدم تطبيق المساءلة والمحاسبة، وضعف فعالية الإعلام والشفافية، وغيرها .

والسلطة هي التي تتحمل المسؤولية عن ذلك وليس غيرها .

ثانياً : إن مبادرة الرئيس علي عبدالله صالح، حول تغيير النظام السياسي في الجمهورية اليمنية بالانتقال إلى (النظام الرئاسي)، كانت إقراراً صريحاً منه بـ(فشل) النظام السياسي الحالي، كما أن المعارضة قبل ذلك قد أعلنت بكل وضوح بأن النظام السياسي قد أثبت فشله وأن الحاجة تقتضي استبداله، وتقدمت ببرنامج للإصلاح السياسي يقترح (النظام البرلماني)، فهل يمكن للاستثمار أن يأتي إلى دولة تقر فيها السلطة والمعارضة بأن النظام السياسي قد (فشل) ؟ .

ثالثاً : إن قاعدة بيانات الهيئة العامة للاستثمار فرع عدن وقاعدة بيانات الهيئة العامة لأراضي وعقارات الدولة تثبت بالأدلة الدامغة أن التصرفات غير المسؤولة تجاه المستثمرين التي تلت (7 يوليو 1994م) كانت أهم عوامل طرد الاستثمار من عدن (العاصمة الاقتصادية والتجارية لليمن) وإليك بعض الأدلة بالأرقام:

1- تم إلغاء مواقع استثمارية صرفت لعدد كبير من المستثمرين الجادين قبل أن يتسلموا الأرض، تبلغ مساحتها الإجمالية (4,314,484 متر مربع) و «تم إعادة صرفها للقياديين». ومساحة هذه الأراضي تمثل (34%) من المساحة الإجمالية للأراضي المصروفة في عدن بغرض الاستثمار .

2- تم سحب الأرض من مستثمرين آخرين -تسلموا الأرض - مساحتها الإجمالية تساوي (1,407,705 متر مربع) وتم صرفها بعقود غير استثمارية لغير المستثمرين (مسؤولين ومتنفذين) وهذه المساحة تمثل نسبة (11%) من إجمالي المساحة المصروفة في عدن بغرض الاستثمار .

3- قامت الأوقاف وغيرها بصرف مكرر (لصالح قياديين ومتنفذين) في أراضٍ مصروفة لمستثمرين مساحتها الإجمالية (1,068,933 متر مربع) ولا تزال مشكلات التنازع بين الأوقاف ودائرة الاستثمار في أراضي وعقارات الدولة لم تحل بعد حتى اليوم .

وهذه المساحة تمثل (8%) من المساحة الإجمالية للأراضي المصروفة في عدن بغرض الاستثمار .

أي أن (53%) من الأراضي المخصصة للاستثمار قد تم الاستيلاء عليها وتم إعادة صرفها لآخرين .

وتقرير (باصرة - هلال) لايغطي سوى جزء من المشكلة .

رابعاً : إن ضعف البنية التحتية (الكهرباء، المياه، المجاري) هو المعرقل الثاني للاستثمار وإذا أردت أن تعرف السبب فعليك مراجعة تقرير وزارة التخطيط والتعاون الدولي المقدم إلى مجلس الوزراء مرجع (م وت ت/1/3) المحرر بتاريخ 15/6/2008م، الخاص بـ(الصعوبات التي تؤثر على مستوى تنفيذ نتائج مؤتمر المانحين بلندن) وهو التقرير الذي يحمل خمس وزارات هي (الزراعة، والثروة السمكية، والكهرباء، والأشغال العامة، والتعليم)، وكذا الهيئة العامة للمياه والصرف الصحي مسؤولية عدم الاستفادة من الأموال التي حصلت عليها اليمن من مؤتمر المانحين بلندن!!

وهل كانت الاعتصامات هي سبب عدم تلبية الشروط المتفق عليها فيما يتعلق باختيار وتعيين كادر وحدات تنفيذ المشاريع عن طريق تلبية الشروط المتفق عليها فيما يتعلق باختيار وتعيين كادر وحدات تنفيذ المشاريع عن طريق الإعلان والمنافسة ؟ وهل كانت الاحتجاجات سبب محدودية توفر دراسات الجدوى وغيرها ؟

في الأخير : ألا يحق لنا أن نتساءل يا(بركاني) : من هو الذي يعرقل الاستثمار ؟

- الذي يعتصم للمطالبة بحل مشكلات الأراضي والكهرباء ليستقر الاستثمار؟

أم الذي ألغى مواقع الاستثمار وسحب الأرض من المستثمرين وصرفها للقياديين والمتنفذين ؟!!

- الذي ينظم مهرجانات التصالح والتسامح لمعالجة جراحات الماضي ونشر الاطمئنان الذي يجذب الاستثمار؟

أم الذي يطلق الرصاص الحي على المشاركين في تلك المهرجانات ؟!

- الذي يدافع عن المستثمرين ويفضح الفساد أم الذي يمارس الفساد ويحمي الفاسدين ؟!

عزيزي الأمين العام المساعد (سلطان البركاني) :

إذا كنتم حقا مع تشجيع الاستثمار وجذب المستثمرين فعليكم إعادة الاطمئنان والتفاؤل إلى ما كان عليه الوضع قبيل وبعد الوحدة مباشرة - قبل الحرب- وهذا لن يتم إلا بالاعتراف بالقضية الجنوبية، و(استعادة الوحدة) .

فهل (سلطان البركاني) مع (استعادة الوحدة)..

أم أن السلطة تعمي السلطان؟

أستاذ الاستثمار والتمويل المساعد

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى