> الشهيد محمود عشيش:الميلاد والنشأة:محمود عبدالله عشيش من مواليد رداع عام 1937م وأمضى فيها السنوات الأربع الأولى من طفولته عندما انتقلت والدته إلى رحمة ربها، فانتقل به والده إلى بورسودان، وبعد عدة أشهر نكب الطفل محمود بوفاة والده وعاش في كنف أشقائه، حيث تلقى تعليمه العام هناك في مدرسة خاصة بالإرسالية mission school.

أحد شهود العصر وصديق عمر العشيش وهو الشيخ عبدالله سالم الرماح رجل الأعمال المعروف ونائب رئيس غرفة عدن لشؤون التجارة أفادني بأنه كان زميل دراسة محمود عشيش في مدرسة الإرسالية المعروفة باسم (كامبوني) والمدرسة الأساس في الخرطوم، وكان لها فرع في بورسودان، «حيث كنا نقيم فيها مع عدد من الأسر القادمة من البيضاء ورداع». ويضيف الشيخ الرماح أن «شخصيات سودانية بارزة تخرجت في تلك المدرسة منهم على سبيل المثال لا الحصر محمود زغلول وكان مندوب السودان في الأمم المتحدة، وعين بعد ذلك وزيرا للخارجية، وأن أولاد العشيش في السودان لم يكونوا معروفين بهذا الاسم، وإنما كانوا معروفين بـ آل الحسني (بضم الحاء وتسكين السين) وإلى هذه الأسرة- أي أسرة الحسني - ينتمي الأستاذان علي حسني وحسن حسني وهما من رداع أيضا».

سكن أهل رداع في ذاكرة ووجدان عدن، وأفادني الأخ العزيز حسين محمد ناصر، الشخصية الاجتماعية المعروفة وهو من سكان شارع الشيخ عبدالله في كريتر العريقة بأن «من استوطن هذا الشارع من أهل رداع الطيبين محمد علي البدري وعلي وحسن عبدالله السكران وبيت الحشيش وبيت العشيش وبيت سرحان الكهالي وبيت أبو بادي وبيت شارد وبيت علي أحمد عطاء».

عشيش والرحيل المبكر إلى عدن:

تفاعل الشاب محمود عشيش مع غليان الساحة السياسية في السودان التي كانت ترزح تحت الحكم البريطاني، وكان في ربيعه السادس عشر، وعقب إحدى المظاهرات الشعبية الكبرى ضد الاستعمار البريطاني اعتقلته السلطات الأمنية البريطانية ورحلته بحرا إلى عدن.

كانت معركة محمود عشيش في عدن هي معركة وجود.. أن يكون أو لا يكون، فالتحق بـ (بنك حبيب) وفي العام 1957م التحق بمصافي الزيت البريطانية في قسم الحسابات وحرص على تأهيل نفسه، حيث يفيد كتاب «سجل الخالدين» ص 46 بأنه حصل على دبلوم محاسبة من عدن.

عشيش سياسيا ونقابيا

في العام نفسه الذي التحق عشيش فيه بمصافي عدن (1957م) انخرط في صفوف «الاتحاد اليمني»، ومع تأسيس فرع حركة القوميين العرب في الجنوب عام 1959م اكتسب عشيش عضوية ذلك التنظيم، ومع تأسيس الجبهة القومية وإعلان الكفاح المسلح في 14 أكتوبر 1963م كان محمودعشيش من الأعضاء المتألقين فيها، حيث تم انتخابه في عضوية القيادة العامة في مؤتمر جبلة (المؤتمر الثاني المنعقد خلال الفترة من 7 إلى 11 يونيو 1966).

تحمل محمود عشيش مسئولية العمل النقابي والتنظيمي في منطقة عدن الصغرى بشكل عام بما يخص نشاط الجبهة القومية وذراعها في الحركة النقابية (النقابات الست)، وفي العام 1965م كان عشيش أمينا عاما لفرع المصافي، حيث كان متحملا مسئولية النقابات الست وغادر عدن إلى القاهرة لشرح القضية الوطنية في مسعى لإقناع الزعيم الخالد جمال عبدالناصر والاتحاد الدولي لنقابات العمال العرب بأن النقابات الست هي صاحبة الشرعية في قيادة الحركة النقابية في عدن. (سجل الخالدين مرجع سابق ص 47).

مواقف تحسب للعشيش

من المواقف التي تحسب لمحمود عشيش أنه أول من نادى بالانسحاب من الاتحاد الحر والانضمام إلى الاتحاد العالمي للنقابات، ويحسب له رفضه الصريح من قضية دمج الجبهة القومية ومنظمة التحرير في إطار جديد تحت مسمى (جبهة التحرير) في 13 يناير 1966». (مرجع سابق).

كما أسهم العشيش إلى حد كبير في حل القضايا العمالية في كل من شركة مصافي عدن بعد إغلاق قناة السويس وشركة «بي بي تواهي» (إدارة تموين البواخر ABD)، وفي شركة كالتكس وإعادة خمسين عاملا إلى عملهم بعد أن أقدمت مرافقهم على فصلهم. (مرجع سابق)

عشيش أول وزير مالية في جمهورية اليمن الجنوبية الشعبية

أصدر فخامة الرئيس قحطان الشعبي القرار الجمهوري رقم 1 وهذا نصه:

«أنا قحطان محمد الشعبي رئيس جمهورية اليمن الجنوبية الشعبية أصدر بموجب الصلاحيات المخولة لي من قبل القيادة العامة للجبهة القومية بوصفها السلطة التشريعية في الجمهورية مايلي:

1) أعين التالية أسماؤهم وزراء في حكومة ج.ي.ج.ش:

السيد سيف أحمد ضالعي وزيرا للخارجية

السيد علي سالم البيض وزيرا للدفاع

السيد محمد علي هيثم وزيرا للداخلية والصحة بالوكالة

السيد محمود عبدالله عشيش وزيرا للمالية

السيد عبدالفتاح إسماعيل وزيرا للثقافة والإرشاد وشؤون الوحدة اليمنية

السيد فيصل عبداللطيف وزيرا للاقتصاد والتجارة والتخطيط

السيد عادل محفوظ خليفة وزيرا للعدل والأوقاف

السيد فيصل بن شملان وزيرا للأشغال والمواصلات

السيد محمد عبدالقادر بافقيه وزيرا للتربية والتعليم

السيد عبدالملك إسماعيل وزيرا للعمل والشؤون الاجتماعية

السيد عمر سعيد عكبري وزيرا للإدارة المحلية ووزيرا للزراعة والإصلاح الزراعي بالوكالة

2) يعمل بهذا المرسوم من حين صدوره.

3) ينشر هذا المرسوم في الجريدة الرسمية

صادر في 22 شعبان 1387هـ

30 نوفمبر 1967م

قحطان محمد الشعبي

رئيس الجمهورية».

حياة العشيش بين مد وجزر

اتسمت حياة محمود عشيش بالتقلبات فهو لم يلازم كرسي وزارة المالية إلا لأشهر ليعين مستشارا لرئيس الجمهورية لشؤون التخطيط، وكلف بإعداد خطة التأميم ثم عين نائبا لرئيس الوزراء ورئيسا للمؤسسة الاقتصادية ورئيسـا لهيئــة التخطيط والمركزية ثم تم إبعاده من الوطن بتعيينه سفيرا مقيمــا لدى جمهورية ألمانيا الديمقراطية وغيـر مقيم في كل من المجر وتشيكوسلوفاكيــا وبولندا ثم توارى عن المناصب الرسميــة وعاد في مايو 1984م وزير دولة لشؤون الوحدة اليمنية.

حافظ محمود عشيش على مكانته التنظيمية، حيث انتخب عضوا في القيادة العامة في المؤتمر الرابع بزنجبار عام 1968م وانتخب عضوا في اللجنة المركزية في المؤتمر التأسيسي للحزب الاشتراكي اليمني في أكتوبر 1980م واحتفظ بمقعده في المؤتمر العام الثالث للحزب في أكتوبر 1985م.

محمود عشيش شهيدا

استشهد محمود عشيش في أحداث 13 يناير 1986م المؤسفة وخلف وراءه رصيدا من العمل الوطني وأرملة وخمسة أولاد، هم: مايسة، مازن، عبير، ماهر وسامي.

الشهيد أحمد محمد حاجب

الميلاد والنشأة:

آل حاجب:

أفادني الأخ السفير (اللواء) أحمد صالح حاجب (ابن عم الشهيد أحمد محمد حاجب) أحد الرموز العسكريين الذين تسلموا زمام قيادة القوات المسلحة من القوات البريطانية، وكان مسئولا عن إدارة العمليات بأن أصل (آل حاجب) من قبيلة آل البطل التي تقيم منذ حوالي 400 عام في قرية (ذيصرا) حاضرة مكتب الضبي بيافع العليا وقرية (ذيصرا) كبيرة وتاريخها بحسب النقوش يمتد إلى عصر ما قبل الإسلام.

يتوزع آل البطل حاليا في حضرموت والمملكة العربية السعودية وإندونيسيا وهناك قبائل وأسماء آل البطل في دثينة والسعودية وحجة وإب وتعز.

عن أسرة الشهيد حاجب أفادني الأخ السفير بأن عميدها محمد أحمد حاجب كان عاملا في مصافي عدن عام 1954م وانتقل إلى جوار ربه عام 1990م والأحزان هي قدر هذه الأسرة فأكبر أولاد محمد أحمد حاجب هو العميد عبدالرحمن، الذي انتقل إلى جوار ربه عام 2007م، وكان رحمه الله مناضلا وطنيا، ويليه صالح حاجب الذي انتقل إلى جوار ربه عام 1973م، وكان من مناضلي الجبهة القومية وعضو (مرتبة) في القوات المسلحة وكان عند وفاته مديرا للإمداد، ورابعهم الدكتور علي محمد حاجب الذي تخرج في جامعة الإسكندرية عام 1974م، ومن زملاء دفعته- والكلام هنا مايزال للسفير حاجب- الدكتور محمد أحمد الكباب، وكان الدكتور علي رحمه الله مديرا لمستشفى الشعيب بمحافظة الضالع.

أما الشهيد أحمد محمد حاجب وترتيبه الثالث بين أشقائه من مواليد قرية (ذيصرا) حاضرة مكتب الضبي بيافع العليا عام 1939م من أسرة فلاحية فقيرة، نضج وعيه السياسي مبكرا، وعبر عن حماسه الوطني وهو مايزال يافعا، فالتحق بصفوف الرابطة، وانتقل بعد ذلك إلى حركة القوميين العرب ويعتبر الشهيد حاجب أحد مؤسسي منظمة جنوب اليمن الثورية عام 1962م، وأحد مؤسسي جمعية أبناء يافع عام 1966م. (كتاب «سجل الخالدين» ص 293).

حاجبيان يثنيان حاجبا عن عملية عسكرية:

أفادني السفير (اللواء) أحمد صالح حاجب وهو له بصمات وأياد بيضاء على الأسرة بأن الشهيد أحمد حاجب كان يعمل في أحد المعسكرات في مكيراس إلى جانب أحمد صالح حاجب وعبدالرحمن حاجب (الأول ابن عمه والثاني شقيقه). طرأت فكرة في رأس أحمد محمد حاجب بتفجير قنبلة في نادي الضباط البريطانيين بمكيراس، وذلك في العام 1964م، وأطلع قريبيه على خطته فزجراه على الفور بأن إقدامه على العملية سيعرض حياتهما للخطر، لأن الاقتصاص لن يكون إلا من الموجودين في المعسكر من أفراد الأسرة، ومن غير المعقول أن يضحى بشخصين من الأسرة مقابل عملية يمكن تعويضها بعدة عمليات بمراعاة الظرفين الموضوعي والذاتي، وذلك باختيار الزمان والمكان المناسبين.

أبدى الشهيد حاجب استياءه من قريبيه وقرر المغادرة إلى تعز، والتحق بمكتب الجبهة القومية بتعز، وعين مساعد مسئول أمن الجبهة القومية حتى يناير 1966م.

الشهيد حاجب في مهام تنظيمية وأمنية في الريف:

عمل الشهيد أحمد حاجب مسئولا تنظيميا في منطقة يافع حتى يونيو 1967م، وتحمل بعد ذلك عدة مسئوليات حزبية وإدارية حتى نهاية العام 1969م من ضمنها سكرتير القيادة المحلية لمنطقة يافع ومسئول شؤون المحافظات في المقر العام للتنظيم السياسي الجبهة القومية، ثم مسئول أمن المحافظات الريفية في جهاز أمن الثورة وسكرتير لجنة منظمة التنظيم في أمن الدولة، وعضو سكرتارية منظمة التنظيم في محافظة عدن ورئيس لجنة الرقابة الحزبية في المحافظة وعضو لجنة الرقابة الحزبية العليا أثناء المؤتمر الأول للحزب الاشتراكي اليمني.

حاجب وصراع الأضداد: السلم والحرب

في سياق الصراع الذي خاضه الإخوة الأعداء تم إقصاء أحمد محمد حاجب عن العمل الأمني، وتم نقله إلى المجلس اليمني للسلم والتضامن الكائن في ساحل أبين خورمكسر، وعمل فيه سكرتيرا تنفيذيا للمجلس وعضو هيئة رئاسة مجلس السلم، وتكدر السلم اليمني في 13 يناير 1986م، وخرج أحمد محمد حاجب من منزله المجاور لجولة الزراعة بخورمكسر للسؤال عما يدور، والدليل على ذلك أنه خرج بالفانيلا الداخلية والفوطة والشبشب، وتم اقتياده من الركن المقابل للجولة ومنها إلى معسكر طارق ليلقى حتفه شهيدا.

الشهيد أحمد محمد حاجب حاصل على وسام الإخلاص من الدرجة الأولى، وميدالية حرب التحرير، وميدالية الذكرى الـ 15 لتأسيس أمن الدولة.

خلف الشهيد أحمد محمد حاجب وراءه سجلا وطنيا طيبا، وأرملة كان لها دورها الوطني في النضال والعمل الجماهيري النسوي، وثلاثة أولاد هم طارق وناصر وخالد.

السفير حاجب يعبر عن تقديره سلفا للأخ سالم صالح محمد:

يعر السفير (اللواء) أحمد صالح حاجب عن امتنانه للأخ سالم صالح محمد مستشار رئيس الجمهورية الذي قطع وعدا بإخراج كتاب مكرس عن حياة الشهيد حاجب الذي تزامل معه في تعز في مرحلة النضال الوطني.

الشاجري والمحثوثي محتسبان شيخين لدى مصلحة شؤون القبائل:

كنت قد أشرت في حلقة (رجال الذاكرة) في الأسبوع الماضي 14 سبتمبر 2008م إلى أن الشيخ أحمد حسن المحثوثي هو شيخ ضمان قبيلة المحاثيث بموجب بطاقة مصلحة شؤون القبائل الصادرة في 8 إبريل 2006م الموقع عليها اللواء أحمد صالح دويد رئيس المصلحة، واعتبرت الأمر منتهيا بيد أنني صدمت وخاب ظني عندما جاء من الطرف الآخر ويقدم ملفا كان من ضمنه بطاقة مصلحة شؤون القبائل موقع عليها اللواء أحمد صالح دويد رئيس المصلحة والصادرة بتاريخ 9 فبراير 2008م، وتشير إلى أن ناصر محمد أحمد الشاطري المحثوثي هو شيخ ضمان قبيلة المحاثيث، وهو أمر تبريره عند مصلحة شؤون القبائل والتعليق عليه متروك لإخواننا في أبين.. وبهذا الاستدراك ننهي الموضوع.