رجال في ذاكرة التاريخ

> «الأيام» نجيب محمد يابلي:

> -1 الشيخ أحمد محمد باراس:الصوفية:الحديث في الصوفية والتصوف طويل ومتشعب، وورد في كتب التاريخ أنها حركة دينية انتشرت في العالم الإسلامي عقب اتساع الفتوحات الإسلامية كردة فعل للانغماس في الترف الحضاري وازدياد الرخاء الاقتصادي مما جعل بعضهم يميل إلى الزهد، وقد أرجع د. عبدالرحمن بدوي بدايات التصوف إلى العصر الإسلامي الأول متلمسا إياه في سلوك بعض الصحابة كأبي الدرداء وغيره (مجلة «معين» - حقيقة التصوف - عبدالسلام الربيدي - ص 28-29).

من رموز التصوف: رابعة العدوية وإبراهيم بن أدهم وسفيان الثوري وذو النون المصري وأبو القاسم الجنيد وأبو يزيد البسطامي وأبو مغيث الحلاج وأبو حامد الغزالي وأبو الفتح السهروردي ومحي الدين بن عربي وأبو الحسن الشادلي.. والأقطاب الأربعة: عبدالقادر الجيلاني وأحمد الرفاعي وأحمد البدوي وإبراهيم الدسوقي.. (مرجع سابق).

الخريبة:

ورد في كتاب «دوعن.. الوادي الجميل (الأيمن أنموذجا)» لمؤلفه سالم عبدالله بن سلمان (ص 78 و82) أن مدينة الخربية تعد حاضرة وادي دوعن بأكمله، وتكتسب الخريبة أهميتها بل خصوصيتها من كونها أقدم بلد في دوعن، بل هي من أكبر بلدان وادي دوعن في التاريخ القديم، وقد ظن بعض سياح الأفرنح أنها سميت بذلك لانها كانت عاصمة للخوارج فلما خُرِّبت سميت الخريبة.

يمضي الأستاذ الباحث بن سلمان في إفادته: «ومن علمائها - أي الخريبة - المشهورين الشيخ علي عبدالله باراس الكندي المتوفى سنة 840هـ، وكذلك أولاده أحمد ومحمد وعبدالرحمن، وقد جاء ذكرهم في مؤلفات علي بن حسن العطاس، وكذلك العلامة عمر باجسير والمعمر أحمد سعيد باحنشل والعالم عمر عبدالله الجيلاني والشيخ عمر بن أبي بكر باحويرث والقاضي الشيخ عمر بن محمد باجنيد إلا أن حفيده الزميل عبدالقادر باراس يستند إلى شجرة العائلة التي حددت أن أبناء الشيخ علي عبدالله باراس - السلف الصالح للأسرة - هم:عمر وعبدالله ومحمد وعبدالرحمن وأحمد.

باراس في الشامل في تاريخ حضرموت ومخاليفها:

ورد في كتاب «الشامل في تاريخ حضرموت ومخاليفها» للإمام الحجة العلامة المحقق الشهير والمؤرخ الثقة الكبير علوي بن طاهر بن عبدالله بن طه الحداد، السيد الشريف العلوي الحسيني (طبع بسنغافورة عام 1359هـ -1940) (ص 140):«وظهر في بلد الخريبة فقهاء انقطعت أخبارهم واندثرت آثارهم لفقد من يعتني بتراجمهم، وبها ظهر الشيخ العالم الصوفي المعتقد علي بن عبدالله باراس الظفري السيباني تلميذ العارف بالله الحبيب عمر بن عبدالرحمن العطاس العلوي الحسيني ولذريته في الخريبة مقام ولهم وجاهة عن قبائل نوح..».

باراس في معجم بلدان حضرموت:

ورد في كتاب «معجم بلدان حضرموت المسمى إدام القوت في ذكر بلدان حضرموت» للعلامة المؤرخ السيد عبدالرحمن بن عبيداللاه السقاف (ص 148):«ومن علماء الخريبة الشيخ الجليل المقدار علي بن عبدالله باراس الكندي المتوفى بها في سنة 1094هـ وأولاده أحمد ومحمد وعبدالرحمن وكل هؤلاء الثلاثة من مشايخ السيد الشهير علي بن حسن بن حسين العطاس ولهم ذكر كثير في مؤلفاته وديوانه، وكان الشيخ علي باراس ورد حريضة على الحبيب عمر بن عبدالرحمن العطاس وهو على أجلف ما يكون من أزياء البادية وهيئتهم، فتأدب بالحبيب عمر وحصل له الفتوح في أسرع وقت، مع أنه -كما قال العلامة اليسد أحمد بن حسن العطاس- لم يقرأ عليه إلا بعض خطبة «بداية الهداية» للغزالي، ثم أنه استأذنه للحج فلم يأذن له، ثم استأذنه مرة أخرى فأذن له..».

باراس في عداد أرباب المؤلفات:

كان للعلامة والحبر الفهامة الشيخ علي عبدالله باراس (1027 - 1094هـ) جملة مؤلفات منها:

1- شرح الحكم العطائية (مختصر في مجلد صغير وموسع في مجلدين كبيرين).

2- مشكاة الأفكار في حقائق الأذكار.

3- تنبيه الغافل وترقي الواصل (شرح راتب الحبيب عمر العطاس).

4- فتح الوهاب في كلام السادة الأحباب.

5- شيم الحس الأنيق (شرح إحدى قصائد بامخرمة).

6- شرح قصيدة الشيخ أبي بكر بن عبدالله العيدروس.

7- شرح على همزية بن حمر طاس.

8- الروضة الخضراء (شرح قصيدة لأبي مدين شعيب).

ومؤلفات أخرى.

الميلاد والنشأة:

الشيخ الفاضل المنصب أحمد بن محمد بن عبدالله بن أحمد بن عبدالله بن عمر بن حسن بن عبدالرحمن بن الشيخ العلامة الإمام علي بن عبدالله باراس الكندي من مواليد منطقة الخريبة عام 1316هـ، وكان -رضوان الله عليه - قائما بمنصب جده الشيخ العارف بالله الإمام علي بن عبدالله باراس بدار المنصبة في الخريبة، حيث ورد في المادة التاريخية التي أعدها الزميل عبدالقادر باراس عن جده المنصب الشيخ أحمد بن محمد باراس أن هذه المهمة - أي المنصبة - تسلسلت في ذرية الشيخ العلامة عبدالرحمن بن الإمام علي بن عبدالله باراس، فكان القائم في هذ المقام يقوم بما كان يقوم به الشيخ الإمام علي بن عبدالله باراس من إصلاح بين الناس، وإعانتهم على حل مشاكلهم، وإرشادهم للبر (لأن هذا هو المقصود بكلمة منصب، أي انتقال الرسالة من خير خلف لخير سلف).

وتأسيسا على ما تقدم كان المنصب الشيخ أحمد مرجعا في بلدة الخريبة لفك المعضلات، وكان دائم السعي - يرحمه الله -إلى لمَّ الشعث وإصلاح ذات البين في المنطقة، وكان - رحمه الله - مرجعا لحكام عصره الباصرة:

المقدم أحمد ومحمد نجلا المقدم عمر نواب الدولة القعيطية وكانوا - رحمهم الله - يحيلون إليه العديد من المشاكل المستعصية ويخرجها من عنق الزجاجة، كما أسندت إليه مهام النظر في القضايا الزراعية ويقدم حلولا منصفة لها.

المنصب باراس مقصد الوافدين من أهل العلم والقبائل:

كان بيت المنصب الشيخ أحمد باراس مقصد أهل العلم الوافدين من خارج المنطقة عامة، وحظى - رحمه الله - باحترام القبائل عامة ونوح (الباصبارة) وسيبان خاصة، وإذا ما استجد طارئ واستفحل إشكال سارعوا بالقدوم إليه باعتباره الشخصية المرجعية لديهم.

كانت وفاته - رحمه الله - في ربيع الثاني 1400هـ، وكان قد فرغ من الوضوء استعدادا لأداء فريضة الظهر، ولقي ربه وهو على وضوء بنبية الصلاة.

جذير بالذكر أن مشايخ آل باراس يسكنون في وادي حجر ودوعن الخريبة وحيرة باراس في الطريق القبلية، ويعتبرون مشايخ نوح وسيبان ولهم زيارة معروفة باسمهم (زيارة آل باراس).

يعتبر الشيخ سالم أبوبكر باقفيل باراس الممثل الوحيد لقبيلة آل باراس أمام الجهات القبلية والحكومية.

-2 السيد عبدالقادر بن أحمد الجفري:

الميلاد والنشأة:

أعد الباحث السيد يحيى بانافع مدير مركز طيبة للدراسات الإسلامية وخدمة التراث بحثه الموسوم «الصرح المنيف في ترجمة الداعية عبدالقادر الشريف».. وقام الأخ محمد عبدالعليم بعرضه في «الأيام» في عددها (5131) الصادر في 28 يونيو 2007م أفاد فيه بأن السيد الداعية الإسلامي الشهير عبدالقادر بن أحمد بن محمد بن عبدالقادر بن محسن بن حسين بن علوي بن علي بن عبدالرحمن بن محمد بن عبدالله بن علوي بن أحمد بن الفقيه المقدم محمد بن علي صاحب مرباط بن علي خالع قسم بن علوي بن محمد عبيدالله بن أحمد المهاجر بن عيسى بن النقيب بن محمد جمال الدين بن علي العريفي بن جعفر الصادق بن محمد الباقر بن علي زين العابدين بن الإمام الحسين بن علي بن أبي طالب وفاطمة الزهراء بنت الرسول محمد صلى الله عليه وعلى آله وسلم من مواليد مدينة يشبم من بلاد العوالق في العام 1900م في عائلة من عائلات العلم والجاه والكرم من أبوين علويين كريمين، ونهل مبادئ الواجبات في الدين من بيئة أهله المشبعة بالعلم والقيم الفاضلة.

الشريف الجفري والحضارم في قارب الدعوة في شرق أفريقيا:

سيخلص أي باحث إلى عدم الانفصام بين علماء شبوة (العوالق ومنهم الجفارية والمحاضير والمشاهير والحواميد والنوافع وغيرهم) والحضارم في التيار المهجري ومناشطهم الرسالية والتجارية، ففي العام 1343هـ (1924) شد الداعية الجفري الرحال إلى شرق أفريقيا (زنجبار، كينيا، تنجانيقا وأوغندا).

وإذا رجعنا إلى إحصائيات المهاجرين ومهاجرهم وخيراتها في العام 1935 كان عدد المهاجرين الحضارم إلى شرق أفريقيا كما ورد في كتاب «الهجرة اليمنية» للعلامة محمد عبدالقارد بامطرف بأنهم بلغوا (12.000) نسمة.

أفاد الداعية الشريف الجفري - رحمه الله - بأن أكبر سلاطين إقليم اليرامة في تنجانيقا وهو السلطان كينجو اعتنق الإسلام على يديه.

وكان السلطان كينجو قبل إسلامه مسيحيا بروتستانتيا، وكان يؤمن بالسحر والشعوذة ويعمل بها وكان المبشرون يقرونه على ذلك، وعندما أسلم هذا السلطان هدم الغرفة التي كان يمارس فيها السحر وبنى في مكانها مسجدا لعبادة الله.. («الأيام» مرجع سابق).

الشريف الجفري وحصاد جولة واحدة في أوغندا وتنجانيقا:

جاب السيد الجفري كينيا وأوغندا وتنجانيقا سيرا على القدمين وكفاه فخرا - رحمه الله - أن (6668) شخصا أسلموا على يديه في أوغندا وتنجانيقا في إحدى جولاته، ولذلك الغرض أجاد الشريف الجفري اللغة السواحلية كوسيلة تواصل مع السكان، وأقام المسجد إلى جانب المدرسة في ترسيخ تمسك الوافدين بالإسلام، ونشأت المراكز الإسلامية مشكلة بذلك سورا منيعا في مواجهة المد التبشيري المسيحي والتغلغل الإسرائيلي في دول أفريقيا.

ورد في العرض الذي نشرته «الأيام» أن ملحق الكتاب السالف الذكر تضمن صورة من بيان اللجنة العليا لفلسطين بالتبرعات التي جمعها السيد الجفري والتي قدمها مسلمو أوغندا لإغاثة إخوانهم منكوبي فلسطين.. ونشرت «الأيام» في المادة المذكورة صورة للداعية الشريف الجفري في القدس الشريف.

الداعية الشريف الجفري في القدس الشريف
الداعية الشريف الجفري في القدس الشريف
الشريف الجفري في موكب الخالدين

انتقل الداعية الشريف الجفري إلى جوار ربه في قاهرة المعز (حاضرة جمهورية مصر العربية) عام 1977 ودفن في ثراها مخلفا - رحمه الله - وراءه سجلا ناصعا من الأعمال الجليلة وعشرة أولاد الذكور منهم ثلاثة وهم:

السيد محمد، السيد عبدالله، السيد الشهيد طالب العلم (علي) الذي مات غريقا.

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى